Al Jazirah NewsPaper Thursday  10/07/2008 G Issue 13069
الخميس 07 رجب 1429   العدد  13069
الطالب بين جهد مبذول وحكم مبتور
د.عبدالعزيز عبدالرحمن المنيع- مشرف تربوي بإدارة التربية والتعليم بشقراء

من طبيعة الإنسان ومن خلال جهوده المتنوعة في الحياة، يحاول دائما أن يعرف ماذا أنجز منها، وماذا بقي عليه لينجز، والفرد حينما يفعل ذلك إنما يهدف إلى معرفة قيمة الأعمال التي قام بها مقارنة بما بذل منها من جهد ومال ووقت . وليست معرفة القيمة هنا هدفنا في حد ذاتها، بقدر ما هي مقصودة لمعرفة أيستمر الفرد في تلك الجهود التي يبذلها لتحقيق ذلك العمل، وبنفس الأسلوب الذي كان يتبعه، أم يتطلب الأمر تغيرا في الأسلوب، أو الطريقة للوصول إلى نتائج أفضل.

والتقويم قديماً أعتبر دوماً مرادف لمفهوم الاختبار الذي يسعى دوماً لقياس الجانب المعرفي لدى المتعلم متجاهلاً جوانب النمو الأخرى لديه فكان يحكم على المتعلم بمقدار حفظه لما تلقنه من المعلم، وكان أكفأ المعلمين أغزرهم معرفة ومعلومات في مجال تخصصهم، وللأسف ما يزال هذا المفهوم وارداً في مدارسنا وجامعاتنا حيث إن الاختبارات ما تزال هي الغاية التي يسعى إليها كل من المعلم والمتعلم معاً، فهي معرفية فقط وبذلك تبقى العملية التعليمية حبيسة التراكم المعرفي الذي يحصل عليه المتعلم من عملية التلقين التي لا تخدم سوى مهارة الحفظ والتذكر مهملةً المهارات الأعلى منها.

وأصبح التقويم اليوم يشكل أحد عناصر المنهج بالمفهوم الحديث وأصبحت الغاية منه أشمل وأوسع من البعد المعرفي فقط وبذلك أصبح للتقويم اليوم أشكال وأدوات قياس مختلفة ومتنوعة نظراً لاختلاف غاياتها. فبما أن المتعلم أصبح اليوم هو محور للعملية التعليمية فلا بد إذاً أن يشمل آليات للتعرف على النمو معرفياً ومهارياً ووجدانياً.

ومن هنا فالتقويم بمفهومه الحديث يعتمد على عدة خطوات تتلخص بما يلي:

1- تحديد الأهداف التعليمية بطريقة واضحة والحرص على أن تكون قابلة للقياس والملاحظة.

2- استخدام أدوات قياس (اختبارات مثلاً) صالحة لقياس نتاجات الأهداف المرغوبة.

3- تحليل البيانات التي حصلنا عليها بالقياس واعطائها القيمة (تقييم) لتفسر من خلالها الحالة ومدى ما بها من نقاط قوة أو ضعف.

4- وضع الخطط العلاجية (تقويم) لتوجيه المتعلمين للتغلب على نقاط ضعفهم ولتعزيز نقاط قوتهم.

ويبقى السؤال:

أين نحن من فلسفة المنهج الحديثة وأين نحن من المفهوم الحديث للتقويم بآلياته وأشكاله وأسسه؟

ما يزال وللأسف الكثير في مدارسنا وجامعاتنا حبيسين للمفهوم القديم للمنهج بتقديسنا للمعرفة وبالتالي للنمو العقلي لدى المتعلم وبتجاهلنا للقيمة والغاية الأعم و الأشمل للتربية وهي السعي نحو النمو الشامل والمتكامل للمتعلم واعتباره ليس عنصراً ثانوياً في العملية التربوية والتعليمية التعلمية، بل محوراً لها وركيزةً أساسية ينطلق منها المعلم في تحديده للأهداف بأنواعها وبمستوياتها والطرق والأساليب وأدوات القياس ومن ثم التقويم.

فمن خلال التقويم بمفهومه الصحيح والحديث فإننا نحرص على البحث عن الاستعداد والرغبة لدى المتعلم في أي تعلم أو هدف نرغب في تحقيقه معه لإيماننا بأن الرغبة في التعلم وكما أشار علماء النفس هي السبب المباشر وراء حدوث التعلم والعكس صحيح. ومن هنا يكون هذا السؤال:

أين نحن من كل هذا؟؟!

المنهج التربوي بمفهومه الحديث يهدف إلى اعتبار المتعلم محوراً للعملية التعليمية التي تهدف بدورها إلى إحداث تغييرات معينة في سلوكه، وترتبط هذه المتغيرات بكل من مجالات التعلم في المنهج وهي المجال المعرفي والوجداني والمهاري. ولكي نجري عملية التقويم بالطريقة الصحيحة السليمة ينبغي تحديد ما نريد تقييمه وذلك بأن نحدد الأهداف ونحللها بحيث يمكن من خلالها التعرف على مظاهر السلوك أو التغيرات المطلوب إحداثها في سلوك المتعلمين، وفي ضوء هذا نختار الوسائل والطرق التي تصلح لقياس وتقويم التغيرات، ويهدف التقويم أساساً إلى التشخيص والعلاج معاً، وإلى الاستفادة من نتائج التقويم في تحسين مختلف عناصر المنهج من معلم ومتعلم ومحتوى وأنشطة مصاحبة ونتائجها وكذلك العوامل المؤثرة في فعاليتها. ويعني التقويم التربوي بمفهومه الواسع عملية منظمة مبنية على القياس يتم بواسطتها إصدار حكم على الشيء المراد قياسه في ضوء ما يحتوي من الخاصية الخاضعة للقياس، وفي التربية تعنى عملية التقويم بالتعرف على مدى ما تحقق لدى الطالب من الأهداف واتخاذ القرارات بشأنها، ويعنى أيضاً بمعرفة التغير الحادث في سلوك المتعلم وتحديد درجة ومقدار هذا التغير.

ولكن علينا الإيضاح هنا أن هناك عملية تتوسط القياس والتقويم وهي عملية التقييم التي من خلالها يعطى الوصف الكمي (بيانات) الذي حصلنا عليه بعملية القياس قيمة فيصبح وصفاً نوعياً (معلومات) فمثلاً لا يستطيع أن يقيم الطبيب درجة حرارة المريض التي بلغت بالقياس 38 درجة مئوية إلا بمعالجتها أو دراستها بالرجوع إلى درجة الحرارة الطبيعية لجسم الإنسان والتي يصبح معها رقم 38 الذي لا يزيد عن كونه وصفاً كمياً - (بيانات) - وبدون أية دلالة أو قيمة، ويشير إلى ارتفاع في درجة حرارة المريض وهذا يعتبر تقييم للحالة وهذه الخطوة أي التقييم هي خطوة تشخيصية نحدد من خلالها نقاط القوة والضعف لتصبح بعدها عملية التقويم (تصحيح ما أعوج من الشيء) عملية علاجية تعالج نقاط الضعف أينما وجدت.وتعزيز ما بقي من العملية أي بمعنى (تقدير الانجاز) ومن هنا حصل التقويم التربوي المراد للطالب من مهارات ومعارف في صفه الدراسي.

ولكن بقي السؤال الأساسي الذي يسأله كل ولي أمر في المجتمع وهو: - هل ينفذ المعلم هذه الخطط التقويمية بالشكل العلمي الذي تتطلبه شبكة (دينهو - ماجر - ورالف تالر) أم أن التقويم في جوانبه يخضع لأهواء المعلم وعلاقته بهذا المتعلم أو ذاك.

وفق الله الجميع للخير والسداد




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد