الإرهاب ظاهرة دخيلة على هذه البلاد المباركة، تبنته فئة ضلت عن الطريق القويم وعن الصراط المستقيم، وعاثت في الأرض فساداً وإفساداً، وكان واجب على الأمة أن يكون لها كلمتها، وأن تجتمع صفاً واحداً أمام من يريد أن يشذ عن الأمة، وقد تنوعت ولله الحمد تلك الوقفات الصادقة من ولاة الأمر رعاهم الله والعلماء ورجال الأمن والمفكرين والأدباء والمربين والدعاة والإعلاميين وغيرهم فتكاملت الرؤية واتضح ولله الحمد التحام الصف.
وإن ممن كان لهم الدور الإيجابي البناء في بيان حقيقة الإرهاب وما يتعلق به من أحكام شرعية ومسائل مرعية، بكلمة صادقة، وحكمة معبرة، وعبارة مختصرة، وفق ماجاء في كتاب الله وسنة رسوله خطباء الجوامع وفقهم الله.
وإني في هذه الكلمات أذكر مجموعة من النقاط في هذا الموضوع، تذكرة لإخواني خطباء الجوامع الذين أكرمهم الله بارتقاء منبر الجمعة في كل أسبوع ليعظوا الأمة ويرشدوها ويوجهوها إلى سلوك الصراط المستقيم والدرب والقويم، وليحذروها من سبل الشيطان وأتباعه.
الأول: البيان والإنكار والتوضيح يكون بعد الحدث مباشرة وفي هذا منهج شرعي بعدم تأخير البيان عن وقت الحاجة، وتنبيه للأمة عن كل خَطب في حينه.
الثاني: الدليل الشرعي هو الأسلوب الأول في مادة كل خطبة، فالاستدلال وتقرير الأحكام يكون بما جاء في كتاب الله عز وجل وما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ماورد من أقوال وأفعال الصحابة رضوان الله عليهم وهم أعلم الناس بالتنزيل، ويؤكد على تلك المعاني بما جاء عن السلف رحمهم الله قولاً أو فعلاً، وهذا المنهج هو المنهج الحق الذي يعتمد على العلم الشرعي المأخوذ من أهل العلم المبني على الأدلة الشرعية.
الثالث: استخدام العبارة الواضحة الجلية الصريحة الحازمة، والإنكار لتلك الأعمال المشينة بأشد العبارات ليتضح مدى الجُرم الذي وقع فيه أصحاب الإرهاب، وليحذر من في قلبه مرض ممن يتعاطف معهم أو يؤيدهم، وليتنبه الجميع إلى خطرهم الكبير وآثارهم السيئة على الفرد والمجتمع.
الرابع: وإن من المحاور التي ينبغي أن يركز عليها أثناء الخطابة عن هذا الموضوع التالي:
- التأكيد على مكانة المملكة العربية السعودية ودورها في خدمة الإسلام والمسلمين.
- بيان حقوق ولاة الأمر وفقهم الله ومكانتهم ووجوب طاعتهم.
- بيان دور المملكة العربية السعودية وولاة أمرها أيدهم الله في إخماد مثل هذه الفتن.
- التذكير بنعمة الأمن وأنه جزءٌ عظيم لا يتجزّأ من الإسلام وأن الأمنُ من تمام الدين، ولا يتحقَّق الإسلام إلاّ بالأمن، ولا يُعمل بشعائر الدين إلا في ظلِّ الأمن.
- بيان خطر الإخلال بالأمن.
- توضيح جرم الاعتداء على رجال الأمن وفقهم الله، والتأكيد على مهمتهم العظيمة، فإن ما يقومُ بهِ رجالُ الأمنِ مِن اقتحامِ المخاطِر والدّفاع عن الدّين ومصالحِ البلاد لما يوجِب لهم الثناءَ والدعاء.
- التأكيد على التضافر مع رجال الأمن، والتبليغ عن من أراد تعكير أمن المجتمع، بأن نكون يدًا واحدة وعينًا ساهرة في الحفاظ على دين الأمّة وأمنِها وبلادها، بتجفيفُ منابع الشرور والإرهاب والإبلاغُ وعدمُ التستّر على كلّ من أراد تعكيرَ أمن المجتمع أو الإخلال باستقرار البلاد والعباد أو السعي في الأرض بالفساد.
- بيان مفهوم الإرهاب للناس، فالإرهابُ كلمة وسلوك يتوجّه إلى تخويف النّاس بالقتلِ والخَطف والتخريب والنّسف والتدمير والسّلب والغصب والزعزعة والتّرويع والسّعي في الأرض بالفساد والإفساد.
- التحذير من الغلو الذي يؤدي إلى الإرهاب.
- التذكير بعصمة دماء الأنفس المعصومة (تحريم قتل النفس - تحريم قتل النفس المسلمة - تحريم قتل المعاهد والمستأمن).
- بيان ضوابط التكفير وخطره.
- توضيح دعوة الإسلام إلى الوسطية.
- بيان صفات الفئة الضالة، ومن ذلك:
- أنهم لم يرعوا لمكة والمدينة حرمتهما ولا لشهر رمضان منزلته ولا للمصحف مكانته.
- التخريب - الترويع - الإيذاء - الإفساد - القتل.
- مقارنة أفعال الفئة الضالة بالخوارج، وبيان خروجهم على جماعة المسلمين.
- مفاسد فتنة الخوارج.
- تشويه الفئة الضالة بأفعالهم الإرهابية صورة الإسلام الناصعة حتى أضحت أفعالهم ذريعة للنيل من المسلمين ومؤسساتهم.
- اجتماعات الفئة الضالة السرية دليل على ضلالهم وانحراف منهجهم..
- بيان وسائل العلاج والحصانة أمام هذا الفكر المتطرف والعمل الضال ومن ذلك:
- الرجوع إلى أهل العلم الراسخين والتأكيد على مكانتهم ودورهم العظيم.
- العناية بالشباب وأمنهم الفكري وفتح قنوات الحوار الهادف معهم.
- التأكيد على دور الجميع في التحذير من هذا الفكر المنحرف ومحاربته والتحذير منه (الخطباء والدعاة وأئمة المساجد - الآباء والمربين - المفكرين والمثقفين - وسائل الإعلام).
ثم خاتماً نسأله سبحانه أن يزيدنا أمناً واستقراراً ونعمةً وفضلاً وصلاحاً وفلاحاً، وأن يردَّ كيدَ الحاقدين ومكر الماكرين على بلادنا وأئمتنا وولاة أمورنا وعلمائنا وأهلينا، كما نسأله سبحانه أن يمُدّ الساهرين على أمننا وراحتنا بعونه وتوفيقه، وأن يسدِّد آراءهم وخُططهم ويبارك في أعمالهم وجهودهم ويربطَ على قلوبهم ويكشف لهم كلَّ غامض وأن ينصرهم على كلّ مفسد ومخرِّب ومحارب، إنه سميع مجيب.
sman@alssunnah.com