طلب الولدان من أمهما أن تسمعهما من حكاياتها قبل أن يناما... كما تسمع الخالة فريدة رفيف الصغيرة حكاية المنام... شمرت عن طرف ثوبها وهي تتربع بجوار مضجعيهما كانت تتمتم: لكل زمن (ناسه) يبدو أن لا طفولة في زمنكم فهو زمن (توم وجيري ونظافة فيري)...
ثم أخذت تحكي لهما:
جلس الرئيس السعيد ذو القول الرشيد، يحرك طرف قلمه المذهب على ورق أمامه مرتب
يرفع رأسه تارة... ويتلفت به تارة إلى أن جاءته البشارة ووضعت أمامه حاويات النشارة فسأل مرؤوسيه أن يفندوا...
فكل عما يخصه، فبدأ الساقي يقول:
(لي في هذه الحاوية نشارة الأشجار، وأنقاض الأبنية... فبعد أن أروينا الأرض فاخضرت بزرعها واكتست الحارات بأبنيتها تشرّبت التربة المياه وتسقسقت الجذور بالرطوبة فانهارالشجر والحجر فحملنا الأنقاض للحاويات بعد أن نشرناها إعداداً لإعادة تصنيعها يا سيدي)... صفق له الجلوس.
ثم بدأ راعي الزرع والضرع والجاموس فقال: (بسطنا المراعي وضاعفنا المساعي، لكن الشمس حارقة والريح بقوتها المارقة لم تدع للأرض خضرتها ولا للمراعي بسطتها فأخذت الريح بما جففته الشمس فهلكت المراعي والراعية... وفقدت لحومها وشحومها وما بقي منها غير العظام... فنشرناها نشراً وأضفناها للحاوية لإعادة تدويرها في صناعة نافعة) فصفق له الجمع فتنبه الرئيس وأشار لمن بعده...
تنحنح راعي المال وجال ببصره لليمين وللشمال ثم نطق فقال: (فرشنا السمط وملأنا الكفوف بالوجبات... والجيوب بالوثائق والأوراق.. حتى وجدنا الناس تخرج للشوارع والأسواق... تتقاذف الأرقام والأعداد... فتسقط تحت الأقدام... وتدهسها الجموع بلا رادع ولا واق... فتحوّلت لأشلاء... بجلاء... فنشرناها نشراً... وجمعناها جمعاً... ووضعناها في الحاوية لإعادة تصنيعها...) صفق له الجميع...
فجاء دور حارس الفضاء فقال: (هجمت طيور جارحة وأسراب قارضة... لم يسلم منها طرف الشجر ولا صلب الحجر... حتى ثوبي مزقوه... وفضائي نهشوه... فتساقط كل شيء هشيماً... وغدا الفضاء رميماً... فجمعناه نشارة في الحاوية... لنعيد في شأنها التفكير... ونتشاور جميعنا في أمر قوارض الأثير)....
همهم الجمع...
أشار الرئيس لصاحب التعليم.. ليم... ليم.. ليم......)
لم تكمل الأم حكايتها، إذْ ذهبت في إغفاءة...
على جدران الحجرة تتقافز صور (توم وجيري)..
ورائحة جلي الأطباق تعبق بسائل (فيري).