جاء الصيف وبدأت المناطق تتنافس على المهرجانات والأنشطة السياحية جذبا للمصطافين فتنوع فيها المشرب والمذاق بناء على تعدد مصادر الثقافة وأنماطها وأشكالها، وإذا كان للشعر وللفنون الشعبية ولسبل الترفيه مكان في هذه المناشط والفعاليات فإن للفن التشكيلي أيضا موقعه ودوره ومساهماته على مدى سنوات طويلة كان ولا زال فيها هذا الفن جزء من هذا التفاعل الثقافي المهم الذي أتاح للسائح فرصة اكبر عند توزيعه وقته بين زيارة المواقع الأثرية أو التمتع بالبيئة مع ما هيئ له من تلك الأنشطة ومنها المعارض التشكيلية ما يضفي على يومه شيئا من المتعة، وإذا كان التشكيليون سعداء بمثل هذا الحضور لإبداعهم في منظومة البرامج السياحية فان لهم أيضا رأي حول ما كان يحدث وما يجب أن يكون عليه إبداعهم من أهمية، لا أن يكون هامشيا أو مكملا لنشاط غير مدروس أو قائم على الارتجال، ولنا في تجربة أبها من خلال قرية المفتاحة التي تعتبر ابرز وانجح وأكثر التجارب تميزاً على مستوى الخليج ما يمكن الاستشهاد به خصوصا في بدايتها مع ما نؤمل فيه في مستقبل الأيام، فقد كان لهذه القرية وهذا المشروع الجبار بكل ما تعنيه الكلمة خصوصا في مجال لفنون التشكيلية ما جعل المشاركة فيه حلما ينتظر تحقيقه الكثير من الفنانين بأن يدعوا لهذه القرية ويمنحوا كرم الضيافة والإقامة وتذاكر السفر. مع ما في أبها من طبيعة لا يمكن أن يغفل الفنان فيها أي زاوية أو جزء فيه لمحة جمال.

نعود للقول إن ما يتم القيام به من مشاركات الفن التشكيلي في مثل هذه المناشط لا يتعدى إقامة معرض أو مشاركة في مسابقة، مع أن بالإمكان توظيف هذا الإبداع ليكون مرآة تعكس حقيقة جمال أي جزء من هذا الوطن في حال إقامة برامج الغرض منها استلهام الفنانين للموقع والخروج منه بمشاهد جديدة تحمل الهوية بأساليبهم المختلفة من خلال دعوتهم وترتيب جولات ورحلات لزيارة مختلف المناطق يتم فيها الرسم المباشر من كل مكان تحط فيه رحالهم.

هذه الفكرة كان لي معها ومع احد المعنيين بالسياحة قبل أكثر من شهرين في إحدى المدن المهمة سياحيا حديث طويل لا زال تحقيق ما جاء فيه قابلا للتنفيذ، كما كان لبعض ما تردد من تحرك مشابه ما يجعلنا أيضاً أكثر قربا من تحقيقها مع ما نؤمل فيه من فهم للآلية التي تحقق لها النجاح بعيد عن الارتجال أو العمل السريع الذي قد يقتل الفكرة أكثر مما يحييها ويدفعها للتراجع أكثر من السير بها قدما ليكون هذا الفن كما عرف عنه في مختلف دول العالم رافدا مهما من روافد السياحة.