تعاتبني زميلاتي على التعاطف مع الخدم والسائقين ! ويرين أن المواطن مظلوم إزاء وضع العمالة الحالي؛ فالمواطن يشتكي من حالة الهروب التي تمارسها العمالة، ويتكبد بسببها مبالغ هائلة إذا تم احتساب تكاليف التأشيرة والاستقدام.
وحقيقة.. هذا أمر مؤسف ويدعو للسخط، ولابد من أخذ الاحتياطات التي تكفل عدم هروب العامل من كفيله.
وهنا تحسن الإشادة بفكرة إسناد الكفالة للدولة وفرض تأمين إلزامي على العمالة يُقتص من رواتبهم، بالإضافة إلى وجوب حسن المعاملة مع هؤلاء العمال وتسليمهم رواتبهم بانتظام وعدم تحميلهم مسؤوليات متعددة وصلاحيات مختلفة تشعرهم بالارتباك، أو تجعل منهم أوصياء علينا وعلى أبنائنا، وهذا مكمن الخطورة في وجود العمالة المنزلية، حيث تُسنَد لهم أعمال ليست من اختصاصهم لا تنتهي بالتسوق وشراء متطلبات المنزل من مأكولات ساخنة ومشروبات باردة ومستلزمات قد يدخل فيها خصوصيات بل غارقة في الخصوصية! ناهيك عن تفردهم بنشر أسرار دقيقة إما سمعوها أو تلصصوا عليها في غفلة أو علم من الأسرة، وهم أذكى من يستخرج الأسرار من الأطفال بالذات! ويُخشى أن يستخدموها لبث المشاكل بين أفراد الأسرة أو الأقارب والجيران.
وقد تستغربون قيام هؤلاء العمالة في بث الوشاية والنميمة بين أفراد العائلة الواحدة وإيغار صدورهم !! وهنا تستوجب الحيطة وأخذ الحذر من الأساليب التي ينتهجها هؤلاء الغرباء الذين رمينا لهم الحبل على الغارب وجعلناهم يشاركوننا حتى في تربيتنا لأبنائنا، وقد يصل إلى اختيار تخصصاتهم الدراسية.
وأرانا بعد أن جرى المال في أيدينا وضاق الوقت علينا، لم نستطع التفرغ لشراء أغراضنا وانتقاء احتياجاتنا، فكان لابد من تدريبهم على كيفية قضاء مستلزماتنا، والأقسى أننا أشركناهم في الاستمتاع بتربية أبنائنا ومشاركتهم تطلعاتهم، فلم نستطع تحرير عقول هؤلاء الأبناء من الاتكالية المقيتة التي أحالتهم إلى أشباه بشر، بل خيال متحرك ينام في النهار ويستيقظ بالليل، وأصبحوا أقرب إلى آلات متحركة مستهلِكة غير منتجة تشكو من الفراغ، وتتضجر من الطفش، ولا تكاد ترى فيها إلا الخواء والدلال.
إننا لم نكن نشكو قط من الوضع البائس لأبنائنا إلا بعد أن زادت أعداد الخدم دون حاجة ملحّة، أو مبررات معقولة، فانتشرت كظاهرة تستحق الدراسة فعلا؛ لاسيما أنهم أصبحوا يشكِّلُون اختراقا اجتماعيا صارخا على ثوابتنا وعاداتنا !!
ألا من صرخة مدوية يطلقها العقلاء توقظ نفوساً غارقة في ظلام دامس من اللامبالاة والكسل والتراخي؟
ألا من كلمة صادقة ونصيحة مخلصة تنقذ الأمة وشبابها من هذا الطوفان الذي يغرقها دون أن تدرك أبعاد هذا الخطر وتداعياته ؟؟!
rogaia143@hotmail.Com
ص. ب260564 الرياض 11342