استأذنت أخي وزميلي الدكتور خالد الدريس المشرف على كرسي الأمير نايف بن عبدالعزيز لدراسات الأمن الفكري بالطرح الإعلامي لمشاهداتي لمجريات الحوار الفريد الذي عرض في الورشة الأولى لهذا الكرسي العلمي المبارك التي عقدت في جامعة الملك سعود لجمع الأفكار والمقترحات للتحضير للمؤتمر الوطني الأول للأمن الفكري والمخطط عقده إن شاء الله في العام القادم.
وقد أدار الندوة الزميل الدكتور الدريس بفنية عالية وعدل كامل في توزيع الوقت للمحاورين مما ترك الأثر العالي لمستوى إدارة الندوة الخيرة والتي تمثل فيها وبمحتواها معنى الوحدة الوطنية الثقافية فكان هناك الباحث المشارك الذي قدم في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم طيبة الطيبة وزميله الآخر من مدينة البيت الحرام مكة المكرمة وباحث آخر قدم مشكوراً من بلاد النخيل والأصالة القصيم وآخر قدم من جبال تهامة في جنوب مملكتنا الغالية ليلبي النداء مع نخبة خيرة من المختصين بالثقافة والفكر من مفكري شمال بلادنا وشارك أيضاً في حوارات هذه الندوة الوطنية رجالات فكر من المنطقة الشرقية حملوا خضرة الأحساء لطيبه وروائح القطيف الجميل لتلتحم لبنات الوحدة الوطنية بأعلى مستوياتها أيضاً بمشاركة مجموعة محترمة من أخواتنا من معلمات الجيل وأستاذات الفكر من الجهاز النسوي للهيكل التربوي لكلية التربية عبر المشاركة الصوتية.
ومفهوم الأمن الفكري الذي طرح للنقاش كموضوع الندوة لتحديد تعريف علمي لهذا المفهوم الذي يتلامس مع المجتمع وعن طريقه وبمشاركة نتائجه يساهم مع مفاهيم أخرى وقائية لتحقيق السلام الاجتماعي. وقد تشرفت بعرض مداخلتي ضمن حوارات هذه الندوة بأن الأمن الفكري كلمة حركية وكل جزء يكمل الآخر ويؤثر فيه ولا بد من عرض فكر نزيه خال من الشوائب والمقاصد الخفية المؤثرة في الثقافة الاجتماعية فمتى كان فكرنا عقلانياً وسطياً مخلصاً في أهدافه ونواياه تحقق معه استقراراً أمنياً وصفاء ذهنياً لدى عموم مكونات مجتمعنا ومنهم شبابنا الطموح المتشوق لخدمة وطنه وأمته وأن يكون عاملاً رئيسياً في نهضتها وتطورها حسب خطط تعتمد على التوازي الفكري والسياسي والاقتصادي متمشياً مع الوضع الاجتماعي الخاص والمميز الذي عرفت به بلادنا الغالية المملكة العربية السعودية كالقلب النابض لأمتنا الإسلامية ومنبعاً للفكر الإشعاعي لموقعها الروحي لتشرف أراضيها بقدسية البيت الحرام ومسجد الرسول النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم. وهذا الفكر المحقق للأمن الاجتماعي لا بد أن يكون وسطياً خيراً يدعو بالمعروف وينهى عن المنكر كما جاء في فكرنا الإسلامي الصحيح البعيد كل البعد عن التطرف والعنف والذي جاء رحمة للعالمين.
إن رسم الخطوات العلمية الصحيحة التي نفذها المشرفون على كرسي الأمير نايف بن عبدالعزيز لدراسات الأمن الفكري للوصول إلى إعلان المؤتمر الوطني الأول للأمن الفكري ليشكل حلقات عملية وعلمية لخدمة الأمن في العالم كله والذي يحتاج لمثل هذه المنابر الفكرية المباركة.
وجمعت هذه الورشة العلمية الهامة كوكبة مباركة تشرفت بمشاركتها من الأساتذة الأفاضل ومن الموجهين الفكريين لثقافتنا العربية وشارك الشيخ الكهل بحوار مع زميله المفكر الشاب الذي يبشر بمستقبل متطور لمجتمعنا العربي السعودي واختلفت الآراء والرؤى ولكنها جميعاً صبت في نهر الوحدة الوطنية والمصلحة العليا لبلادنا الغالية. وعرض الزخم الغزير من المقترحات والآراء العلمية الفكرية والتي تناولت الإنسان السعودي اللبنة الأساسية لمجتمعنا السعودي المتطور وبدت الاقتراحات والمداخلات في عرض الوسائل المثلى لصيانته ووقايته من المؤثرات السلبية من تطرف ضال يستغل الفتاوى غير المسؤولة والبعيدة كل البعد عن فقه وتشريعات ديننا الإسلامي والتي تضع شبابنا الغض على طريق الخطأ والنار لتنهي حياتهم وحياة ضحايا فكرهم الضال والهدف الأساسي لهؤلاء المضللين تخريب مكاسبنا الوطنية وترويع شعبنا العربي السعودي الذي ولله الحمد يعيش أزهى عصره. وقد تناول بعض المشاركين التأثير السلبي (لبعض) برامج الفضائيات العربية والعالمية على التوجيه الفكري لأطفالنا وتوجيههم نحو العنف والتدمير والمغامرة غير المسؤولة ولا بد من العناية في الطفل وفي كل مراحل دراسته من مناهج علمية وتوجيه هادف ولا بد ألا نصم آذاننا ونغلق عيوننا عن الهجمات الإعلامية المضادة لديننا ومهبط الوحي بلادنا الغالية والتي تبرمج لها جهات إعلامية مأجورة في العالم الغربي والإقليمي لإظهار الواقع الاجتماعي في منطقتنا على غير وجهه الصافي المتعاون على الخير مع كل العالم بل تحوله هذه الأجهزة العدائية نحو التطرف والعدوان وكأن كل مسلم يحمل هذه الثقافة الحاقدة على المجتمعات الغربية ومعاداتها حضارياً متناسين أن الإسلام الحنيف دين محبة وأخوة إنسانية يعتمد الحوار السلمي للوصول إلى الحقيقة الصادقة عن التآخي والمصالحة بين الثقافات والحضارات المختلفة في العالم. والأمر الذي يحز في نفسي كل مخلص محب لهذه الدولة المباركة بلادنا الغالية المملكة العربية السعودية أن يكون إعلامها التجاري يتجه نحو الغناء والمسابقات الترويجية ونقل مجريات الأكاديميات الفنية وترك الساحة خالية دون صد هذه الهجمات الدعائية المغرضة على الدين والوطن!
جاء إنشاء هذا الصرح العلمي الفكري وبمستوى إشرافي أكاديمي عال ليضع حلقة مهمة وقوية في سلسلة الأمني العام لمجتمعنا العربي السعودي والهادف نحو الأمن الشامل والاستقرار الاجتماعي بأيادي وفكر نخبة وطنية مؤهلة تخاف الله سبحانه وتسخر كل جهودها لخير وأمن الوطن الغالي ومجتمعنا الصالح العربي السعودي وأبعاد الفكر الضال المتطرف من أي شكل كان عن مجتمعنا المستقى باتباع طرق علمية منهجية حديثة المنشأ ومتطورة علمياً وتكثيف الجهود الوطنية لطرح مصادر أمنية تعتمد على الفكر الوطني الناضج وبشكل إنساني لحماية المجتمع والدولة بعيداً عن العنف والإرهاب أسلوباً ومذهباً.
ويشرفني أن أختم أفكاري هذه بالتوجيه السامي لأمير الأمن والأمان ورجل الأمن الفكري حين قال (إن الأمن الفكري هو جزء من منظومة الأمن العام في المجتمع، بل هو ركيزة كل أمن، وأساس كل استقرار).
نايف بن عبدالعزيز آل سعود
محلل إعلامي
عضو هيئة الصحفيين السعوديين
جمعية الاقتصاد السعودي