قد نكون مللنا من موضوع المقارنات الحاصل بين اللاعبين السعوديين وبالأخص بين ماجد عبد الله والنجم التاريخي الأسطوري سامي الجابر.. لكن في الآونة الأخيرة تكلم الكثير من الكُتَّاب والجمهور عن هذه المقارنة وكان بعضهم يستنكر هذه المقارنة ولماذا يُقارن سامي بماجد؟! حتى أخذ البعض من هؤلاء يكيل الشتائم والألفاظ البذيئة على النجم الكبير الخلوق سامي الجابر فقط لمجرد أن المحايدين والمنصفين قالوا إنه أفضل من ماجد!! وأنا هنا بدوري أسأل لماذا أساساً يُقارن ماجد بالتاريخ والمركز الكروي سامي الجابر؟؟
لا أدري ما المشكلة في أن يكون سامي هو الأفضل وبشهادة الخبراء وأصحاب الرأي السديد البعيد عن العاطفة والتعصب القبيح وبشهادة الشاهد الذي لا يُكذَّب (التاريخ) وتمعنوا في هذه الكلمة جيداً.
لا أعتقد أن ماجد عبد الله لاعب خارق للعادة حتى لا نقارنه بأي لاعب آخر فما بالك إن كان بسامي؟!
نعم ماجد لاعب جيد لكنه لا يصل إلى مرحلة أن يكون أسطورة لا قبلها ولا بعدها، فالساحة ليست حكراً على أحد!! ماجد صحيح أنه أخذ موقعه في المنتخب مدة طويلة.. لكن هذا لا يعني أنه أسطورة ففي زمن ماجد لم يخرج الكثير من المهاجمين البارزين بمعنى كلمة بارزين.. وكان ماجد وقتها هو أفضل الموجودين فكما قلت هو لاعب جيد يمتلك بعضاً من المهارات ويجيد ضربات الرأس فلذلك برز وظهر بشكل خُيّل إلى الكثير أنه لا يُوجد سواه أو بالأصح لا نريد سواه.
في منتصف مسيرة ماجد خرج الكثير من اللاعبين الذين أرى أنهم في مستوى ماجد إن لم يكن أفضل، لكن الظروف السيئة لم تبرزهم بالشكل الصحيح أمثال اللاعب الكبر فهد المهلل فمن وجهة نظري أرى أنه لاعب يمتلك من مهارات السرعة والمراوغة والتسديد بالقدمين ما هو أفضل من ماجد بكثير لو ظهرا في وقت واحد.. ومع ذلك لم يخرج أحد ويقول إن فهد المهلل أسطورة.
حمزة إدريس لاعب رائع وهداف بالفطرة وحسم العديد من البطولات لناديه ومع ذلك لم يطلق عليه أسطورة؟!. وهناك الكثير من اللاعبين الذين ينطبق عليهم نفس الكلام ومع ذلك نسيهم الجمهور ولم يُخلَّدوا كأساطير!! وإذا كان من وضع ماجد أسطورة يرى مثلاً أن ماجد كذلك لأنه حقق هداف الدوري ست مرات.. فأنا أقول حدِّث العاقل بما لا يليق فإن صدَّق فلا عقل له.. الكثير من اللاعبين حققوا لقب الهداف ولأكثر من مرة في بلدانهم وفي أوروبا التي هي منشأ كرة القدم ولم يطلق عليهم أساطير!! نحن نتكلم عن المهارات الفردية إذا لم تكن أساساً بذلك الشكل المتفرد والمبهر داخل الملعب فليس هناك حاجة أن ننظر إلى باقي الأشياء التي نعطي للأسف لأنفسنا الحق في أن نطلق على صاحبها لقب أسطورة. وماجد عبد الله لاعب يمتلك مهارات جيدة كالكثير من اللاعبين.. فلماذا أساساً أجعله أسطورة لمجرد أنه حقق لقب الهداف أكثر من مرة؟
مارادونا اللاعب الذي لا يختلف عليه اثنان ويتفق عليه الأغلبية بأنه أفضل من أنجبت كرة القدم طوال تاريخها وأنه هو الأسطورة التي لم يخرج مثلها ومع ذلك لم يسبق له أن حقق لقب الهداف طوال تاريخه!! وإذا كان من وضع ماجد أسطورة لهدفه في نيوزيلندا مثلاً فإني أقول إن ذلك الهدف بإمكان الكثير تسجيله بذات الطريقة خصوصاً مع منتخب بمستوى نيوزيلندا التي ليس لها تاريخ معروف ومنتخبات آسيا أفضل منها.
أما إن كان هدف الصين فأنا أقول إن هدف سعيد العويران في بلجيكا من أفضل الأهداف في تاريخ كرة القدم.. مع أن الكثير يعرفون كل المعرفة أن ماجد أُصيب بشد في الفخذ قبل تسديد الكرة في المرمى الصيني فخرج الهدف بتلك الطريقة!! حتى إن ماجد لم يكمل المباراة بعدها بسبب ذلك الشد.. نحن هنا لا ننتقص من ماجد لكن الحقائق لا تُحجب بغربال أبداً.. ولو عدنا لإنجازات ماجد التي حسمها مع النصر والمنتخب فلا يُوجد أي بطولة على مستوى المنتخب فكأس آسيا 84 كان هدف شايع النفيسة يكفي للحصول على الكأس.. أما على مستوى النصر فماجد طوال تاريخه الذي يتجاوز 22 عاماً لم يحسم للنصر سوى بطولتين كأس الملك 1407هـ أمام الهلال وكأس الملك 1410هـ أمام التعاون!! وأنا أعتبرها قليلة جداً وتجعل للكثير مدخلاً للسؤال هل كان للحظ دور في ذلك؟
على عكس لو كانت سبع أو ثماني بطولات فليس لأحد الحق في ذرة تشكيك بكيفية هذا الحسم.. فلاعب الوسط أو حتى المدافع قد يحسم لك بطولة أو بطولتين.. لذلك أرى أن الرمز والتاريخ سامي هو الأفضل بكل جدارة واستحقاق لا بالإنجازات ولا بالمهارات وهذا ليس تقليلاً من ماجد أبداً.. فلكل شخص الحرية في قول رأيه.. ولو لم نأخذ إلا برأي الأمير محمد العبدالله الفيصل في أن سامي أفضل من ماجد لكفانا.. هذا الرجل الذكي.. المثقف.. الصريح.. يقول إن سامي يفيد الفريق ويجلب الأهداف ويصنعها، بينما ماجد يبحث عمن يفيده!!
ولم ينكر أن ماجد لاعب كبير ومع ذلك لم يسلم رأيه من المصادرة من بعض الأقلام العفنة التي ذهبت تنتقص من هامة هذا الرجل الخبير الذي قالها بالحرف الواحد سامي أفضل من ماجد.. تصوروا أن أحد هذه الأقلام التي أمرضها تاريخ وإنجازات سامي يكتب مقالة في الإنترنت في أسلوب أقرب ما يكون دليلاً ومثلاً لأمراض نفسية كثيرة لا تعبر إلا عن صاحبها.. يقول هذا الشخص الذي وجد الإنترنت متنفساً له فللأسف أنه يكتب بشكل رسمي في إحدى المطبوعات!! يقول إن سامي لاعب ورقي مصنوع من الصحافة وإن سامي قد ارتكب أم الكبائر الكروية.. و.. إلخ من تلك المقالة الهزلية.. تخيَّلوا أصبح في الكرة أم للكبائر!!
هل يعقل كل هذا الانحطاط في اللفظ والمعنى لأجل أننا قارنا سامي بماجد؟ لكن صدق الحكيم بقوله: (إذا أتتك مذمتي من ناقص فهي الشهادة لي بأني كامل).
سامي الجابر بدأ مشواره في الملاعب عام 1410هـ وفي أول موسم حقق لقب الهداف وهو في الـ18 من عمره.. وفي موسم 1413هـ حقق سامي لقب الهداف للمرة الثانية برصيد 19 هدفاً.. في هذه السنوات أظهر سامي عقلية كروية فذة مع مستوى فني عالٍ ولمن أرد أن يعرف نجومية سامي ومهاراته فليعد إلى البطولتين العربيتين العاشرة والحادية عشرة اللتين حققهما الهلال خصوصاً مباراة العربي الكويتي حتى يعرف كيف هي مهارات سامي.. وعلى مستوى المنتخب عودوا لمباراة إنجلترا الودية عام 1419هـ بويملبي لتعرفوا سامي.
مباريات كبيرة أظهر فيها سامي مهارات خارقة وحسم فيها العديد من البطولات مثل بطولة آسيا أمام جوبيلو إيواتا الياباني.. أيضاً كان سامي بطل الحسم في بطولة السوبر الآسيوي أمام يوهانج الكوري خصوصاً مباراة الإياب بكوريا.
وحسم سامي أيضاً على المستوى المحلي الكثير من البطولات التي دخلت أرصدة الهلال على سبيل المثال لا الحصر كأس ولي العهد 1415هـ وكأس خادم الحرمين الشريفين عام 1416 و1418هـ.. فسامي (حسم) للهلال أكثر من تسع بطولات.
أيضاً كان سامي هدافاً لدرجة الشباب لأكثر من مرة وحصل على لقب أفضل لاعب أكثر من مرة على مستوى الفريق الأول في بطولات العرب وتصنيفات آسيا الشهرية.
وللعلم فسامي هو أول هلالي وأول سعودي يحقق مع الزعيم نصف بطولاته تقريباً بداية من البطولة العشرين أو الحادية والعشرين.. ويُعتبر سامي الجابر أول لاعب آسيوي ورابع لاعب عالمي يشارك في أربع كؤوس عالمية متتالية ويسجل فيها ثلاث أهداف خلال (12) عاماً وهذه ميزة عالمية بشهادة أكبر سلطة رياضية في العالم (فيفا).. أيضاً يتميز سامي بالعديد من المزايا الشخصية فهو شخص مثقف وعقلية فذة وذكية وما كونه سفيراً للنوايا الحسنة إلا خير دليل.. سامي صاحب الثلاث لغات هو بنظري أفضل من تحدث لغة كرة في السعودية حتى الآن.
أجل هذا هو تاريخ سامي لمن يتجاهلونه.. نحن لا ننتقص من ماجد أو نبرز سامي لكن أن تصل الأمور إلى أن يُهمَّش سامي كلاعب وكإنسان تطاله سهام التجريح فهذا ما لا نرضاه.يبقى ماجد لاعباً جيداً خدم الكرة السعودية كغيره من اللاعبين لكن أن يظهر لنا إعلام متعصب يفرض علينا أسطورية ماجد فلنا الحق في إبداء رأينا خصوصاً إذا ما عرفنا أنه ذات الإعلام الذي نصّب حسين هادي وعلي يزيد خليفتين لماجد!! وأنه ذات الإعلام الذي قال عن ريان بلال إنه الأسطورة القادمة بسبب هدف في الهلال!!
أخيراً أقولها بكل حيادية: سامي هو الأسطورة الحقيقية للكرة السعودية.. وإن أردتني أن أقفز على الحقائق فسأقول: (فليكن ماجد أسطورة.. فسامي هو التاريخ).
فهد حمد الحمد - الرياض