حوار - ماجدة السويِّح
احتل الخزف اهتمامها الأول كوسيلة للتعبير والإبداع، شكلت من خلال الطين قطع فنية مبدعة، تأسر العقل والوجدان، واتبعت مع الخزف فلسفة فنية غنية بالحب والرعاية، اعتبرت الفنانة لمياء صالح مريشد الخزف مولودها الأثير فتعهدته بأناملها المبدعة بكل اهتمام وصبر.
تؤمن الأستاذة لمياء بأن التجربة الفنية عملية طردية تأخذ من الفنان وقته وجهده وفكره، وبالمقابل تصل بالفنان إلى التوازن النفسي الذي يستعيد بها ذاته وثقته بنفسه، شاركت مؤخرا في معرض نوافذ للفنانات السعوديات والإيطاليات بالرياض، وحصدت إعجاب الفنانات الإيطاليات وانبهارهن بالفن المميز الذي قدمته، مجلة الجزيرة رصدت أهم المحطات في مشوار الفنانة السعودية لمياء مريشد، فإلى نص الحوار:
* الموهبة هل كانت البداية الحقيقة في احتراف العمل الفني؟
- لا يوجد أدنى شك فالموهبة هي البداية الحقيقة للتوجه الفني ولكن احترافي في فن الخزف جاء بالدراسة الأكاديمية.
* حدثينا عن بداياتك في احتراف العمل الفني (الخزف)؟
- كوني خريجة تربية فنية فنحن نخضع في الدراسة الأكاديمية إلى دراسة جميع المجالات الفنية النظرية منها والعملية تقريبا، فقد بقي الخزف محور اهتماماتي في السنتين الأخيرتين من الدراسة، حينها تكشفت لي إمكانات تطويعها وقابليتها للتشكيل وكيفية التعامل معها من ناحية علمية وفلسفية ومنهجية أيضا،
* ما البصمة التي تتركها أناملك على القطعة؟
- ترتكز البصمة الفنية في الخزف على المضمون وشكل الكتلة والتقنية المستخدمة وملمس السطح واللون، وليس بالضرورة أن تأتي كلها بنفس الأهمية وعلى نفس القدر في العمل الواحد، ، أما بالنسبة لأعمالي فأركز بشكل كبير على شكل الكتلة وأسعى إلى تضمينها الفكرة المراد طرحها، وأوظف الملمس واللون كعنصر ثانوي يكمل الشكل، ويبرز جوانب معينة تخدم الفكرة وتعطي الشكل قيمته الفنية.
* ماذا أخذ العمل الفني منك، وماذا أعطاك؟
- الفن بمثابة الغذاء الروحي والفكري، لأنه يعد قراءة ولغة بصرية لمشهدٍ أو حدثٍ أو تجربة أو رؤية إنسانية معينة، فالتجربة الفنية عملية طردية تأخذ من الفنان وقته وجهده وفكره، وبالمقابل تعطي الفنان أو تصل بالفنان إلى التوازن النفسي الذي يستعيد بها ذاته وثقته بنفسه، متمثلة في العمل الفني والتي يمكن أن نقول عنه خلق حالة من التفاعل الروحي أولاً، والفكري ثانياً مع ذلك المشهد أو الحدث.
* ما تأثير العمل الأكاديمي على الإنتاج الفني؟
- العمل الأكاديمي اختصر لي وقتا كبيرا لا كتساب المعرفة، وكان محفزاً رئيسيا للإنتاج، من خلال الاحتكاك المستمر ممن هم أعلى مني بالدرجة العلمية من أعضاء هيئة التدريس، هذا إلى جانب الاحتكاك المباشر بالطالبات وفاعليته في اكتساب معلومات إضافية، فما يميز العمل الأكاديمي أنك تتعامل مع أشخاص لهم نفس الاهتمامات، فالدعم يتمثل بالتشجيع والمساندة والنقاش والنقد البناء حول الأعمال الفنية، وتبادل الخبرات، و الاستشارة.
* ما مدى مشاركتك داخليا وخارجيا؟
- مشاركاتي بشكل عام معقولة، أتواجد في الساحة التشكيلية وأحيانا أكون مقلة، لأني أحاول أن أقدم ما يرضيني أولا، لا أهتم بكم المشاركات بقدر اهتمامي بفكرة ومضمون العمل المطروح، لي مشاركات متنوعة بمعارض داخلية وخارجية، كما أشرفت على مجموعة من المعارض الداخلية والخارجية والمقامة في مدينة الرياض في الأيام النسائية للرئاسة العامة لرعاية الشباب وجمعية الثقافة والفنون، وقد أقمت وأشرفت على بعض المحاضرات وورش العمل المصاحبة للمعرض هذا إلى جانب تقديم الدورات في بعض الجمعيات النسائية، وسأقيم معرضا شخصيا في جمادى الأول بالتعاون مع مركز الملك عبدالعزيز.
* حدثينا عن مشاركتك في معرض نوافذ للفنانات السعوديات والإيطاليات ؟
- مشاركة فريدة من نوعها قوت الروابط الفنية بين دولتي إيطاليا والمملكة العربية السعودية، السفير الإيطالي وحرمة تواجدوا خلال عشرة أيام متواصلة معنا في المعرض، تعرفنا خلالها على الخبرات المختلفة، وقد كانت مفاجأة لي انبهار الفنانات الإيطاليات وتفاجئهن بالمستوى المشرف للفنانات السعوديات.
أسعدني أكثر انطباع الجاليات غير العربية، فهم متذوقين من الدرجة الأولى، لدرجة أن بعضهم ممن لا يجيد اللغة الإنجليزية يسعى بحثا ليجد إجابة شافية عن استفساراته، فيحضر من يترجم له، معظم الأسئلة كانت تدور حول مكان دراستي هل كانت بالخارج، وحينما أجيبهم تزداد دهشتهم، فقد قدم المعرض الفنانات السعوديات على مستوى جيد، ونقلت هذه الصورة إلى الإعلام الإيطالي.
* الدعوة إلى إيطاليا والمشاركة هناك ماذا تعني لك؟
- المشاركة بإيطاليا تعد مسؤولية على كل فنانة مشاركة بالمعرض، لأنها سوف تنقل ليس فقط بإعمالها بل كشخصها حضارة وعادات وتقاليد المملكة وستصبح سفيرة للفن السعودي، فلابد أن نقدم عملا مشرفا، هذا إلى جانب أن هذه المشاركة تقوي الروابط الفنية بين البلدين، وتساعد على تبادل الخبرات والتعرف على الثقافات الأخرى.
* كيف يمكن خلق جيل مبدع ؟
- لا يتوقف خلق جيل مبدع على اكتشاف الموهبة فهذا يعتبر خطوة أولى في سلم الفن، فلا بد أن يتعرف الموهوب على أساسيات الفن والأسس والعناصر التي يقوم عليها، وعلى تاريخ وفلسفة الفن، وعلى فنون الحضارات السابقة والمدارس الفنية، وأساليب النقد البناء ويتدرب ويجرب مجالات الفن بأنواعها المختلفة، إلى جانب الإطلاع على أعمال رواد الفن التشكيلي وزيارة المعارض والمتاحف، والبحث في قضايا الفن التشكيلي على المستوى العربي أو العالمي، فالإنترنت سهل هذه المهمة بشكل كبير، فبضغطة زر ينقلنا من عالم إلى آخر، والمواقع الفنية متوفرة في جميع المجالات واللغات، والترجمة متاحة على الإنترنت.
* من يقف خلف تميزك ؟
- هذا من فضل ربي أولا، كما أنه لا فضل ولا وجود لي بدون الثناء على فضائل الآخرين سواء تعاملت معهم بشكل مباشر أو غير مباشر، مهما كان مستواهم أو موقعهم، وأخص بالذكر والدي فبدعائهم وملازمتهم ومتابعتهم لي وحرصهم على نجاحي وتسهيل سبل المعوقات، هو الأساس في نجاحي وتميزي ولله الحمد.
* شهادة شكر أو كلمات تقدير تعتزين بها؟
- افتخر بشهادة والدي لي عندما أثنى علي بقوله إني فعلت ما كان يتمنى أن يفعله هو، كما اعتز بكل شهادة شكر وكلمة ثناء، واقدر كل نقد بناء قدم لي سواء كان إيجابيا أو سلبيا، وأشكر كل من وقف للحظة أمام أعمالي فهذه شهادة بحد ذاتها اعتز بها.