نحن على الباب الأخير من أبواب الدراسة الذي يطل على العطلة الصيفية بحرها ومللها (وطفشها) بخاصة بعد الصعوبات التي بدأنا نلاقيها عند الكثير من السفارات التي تمنحنا فيز العبور إلى (جناتها) أو ما تصوره لنا على أنه جنات، وبعد هذا الغلاء العالمي الذي أخذ يستنزف الجيوب ويتعب القلوب. ولكن ماذا سيفعل أبناؤنا الشباب في هذه العطلة بخاصة أن معظمهم قد اعتاد السفر والصرف؟! ما الذي سيقنعهم بتغير الحال بعدما فهموا أن ذلك من المحال، في الوقت الذي تربينا فيه أن دوام الحال من المحال؟!
وأنا أنظر إلى الأمر خطر في بالي سؤالان:
الأول: هل يؤرق هذا الأمر وزارة التربية والتعليم مثلاً، أم هو مؤرق الآباء والأمهات فقط؟ ثم ما الذي خططت له الوزارة بالتعاون مع غيرها من الوزارات كالسياحة والتخطيط والإعلام والبلدية وغيرها من المؤسسات القادرة على توظيف إمكاناتها لاستيعاب طاقات أبنائنا وقدراتهم واهتماماتهم؟!
والثاني: ما الذي يمكن لأبنائنا وبناتنا عمله أثناء الصيف في هذا الجو الحارق الكفيل باستنزاف نفسياتهم.؟!
كثيرة هي البرامج التي يمكن اعتمادها لإشغال الأبناء فيما يفيد... كم أتمنى أن أرى أبناءنا يجولون في شوارعنا بهدف تنظيم، وتنظيف واجهاتنا بدلاً من التسكع الذي ليس وراءه إلا الإيذاء. كم أتمنى أرى بناتنا ينتشرون في مراكز تحفيظ القرآن، وخدمة الأسر في مجالات الطبابه والنظافة والتنظيم والزراعة ولنا أن نتخيل أن تتوجه مجموعة من الطالبات إلى حي من الأحياء لتعليم السيدات كبيرات السن القراءة والكتابة والتعاليم الدينية والأمور الحياتية، أو توجه بعض الطالبات إلى بعض الأسر التي فيها كبار سن في حاجة إلى رعاية روتينية كضرب ابرة، وأخذ ضغط وعمل تدليك لتحريك الدورة الدموية والأطراف وغيرها مما لا يحتاج إلا لتدريب فترة محدودة ورغبة أكيدة في خدمة المجتمع واهتمام ولا بأس في أن يكون مقابل ذلك أي حافز مادي ومعنوي لهؤلاء الطالبات.
وكم أتمنى أن أرى فرقة من الشباب الطلبة في ثياب خاصة لطلاء بعض الواجهات التي تم تشويهها من قبل البعض خلال العام، أو تنظيف وتنسيق الحدائق العامة، أو طلاء الفواصل في مواقف السيارات العامة، أو التدريب في الورش الصناعية والميكانيكية.
كثيرة هي الأمنيات لأن المجتمع في حاجة إلى الكثير من جهود أبنائه، لأنه لا يمكن لغير أيدي أبناء الوطن أن ترعى الوطن وتراعيه، مهما امتدت إلى خدمته أيدي العمالة الخارجية.. فقط نحن في حاجة إلى أن يكون المجتمع وخدمته هدفاً رئيساً في خطط وزارة التربية والتعليم التي يجب أن تعي تماماً أن دورها لا يتوقف عند الفصول والمناهج الدراسية... وتاليتها؟!