بعيون تترقب، ورغبات تقفز من بين ضلوعهن على أطراف ألسنتهن تتحفز... حين كانت تتقدم الواحدة منهن بشغف لتسأل عن مصادر تزيدهن ثقافة... تأخذهن إلى آفاق وسراديب الفكر الإنساني... تمزج القليل الذي يستكين وقوداً في دواخلهن بالكثير الذي يتلهفن للوقوف عليه.. فأي الكتب؟ وأي الأسماء؟ وما الذي كان وما الذي استجد؟...
تذكرتهن في ردهات الجامعة وعلى أطراف المقاعد في مكتبي... وعند مداخل القاعات... بل في الساحات وحيث يلتقينني وهن لا تكل ألسنتهن عن الأسئلة...
لا تزال وجوه بدرية البشر وعبير البكر (رحمهما الله) وماجدة الجارودي ومها الميمان ونجلاء السبيل ومنيرة الغدير وهيا المنيع وإيمان الدباغ وليلى الهلالي وولاء حواري وجميلة فطاني وفوزية الحربي وعشرات وهن في وقدة الطموح واندفاعة الشغف للقراءة والاطلاع... والعالم الفكري كان بين عيونهن امتداداً جميلاً لامتداد طموحهن...
اليوم غالبية هذه الأسماء يحملن الدرجات العليا... وتتزين أغلفة المؤلفات بل البحوث العلمية بأسمائهن...
الشاهد الماثل بينهن وبين المجموعات الجديدة من عناصر الجيل الحديث أن مبدأ الوفرة يصد عن الالتهام...
تماماً كما هو العكس حين كن أولئك بصعوبة يمكن أن يجدن مصادرهن من روايات وقصص وبحوث ودراسات وأشعار ومقالات... فبينما تعددت المصادر وكثرت القنوات الآن فإن مستوى التحصيل الثقافي وليس العلمي متدن بين من اندفعن للواجهة وأمسكن بالأقلام وأخذن في خوض لجج الكتابة بل التأليف...
هي بلا شك مرحلة عابرة سوف تهدأ معها الأمواج وستشف المياه عما بداخلها...
لكن يبقى الاعتراف بأن مسافة الزمن بين الجيلين ليست طويلة زمنياً بينما عميقة في هوة المكتسبات.