الدمام - حسين بالحارث
كشفت دراسة اقتصادية متخصصة أن التضخم في المملكة ظاهرة تتأثر كثيرا ب (معادلة الانحدار) والتي تعني أن معدل التضخم يرتفع بارتفاع معدلات نمو الناتج وعرض النقود والتوسع المالي، كما أن متغيرات الأسهم تمارس دوراً سالباً في الأمر، لوجود علاقة بين معدل التضخم والقيمة الاسمية للأسهم.
الدراسة التي يعدها معهد الملك عبد الله للبحوث والدراسات الاستشارية بالتعاون مع منتدى الرياض الاقتصادي بتكليف من مجلس الغرف وغرف الرياض وجدة والشرقية كان قد قدم مسودتها الأولية رئيس فريق الدراسة د. خالد القدير أمس الأول الاثنين ضمن حلقة نقاش استضافتها غرفة الشرقية.
وقالت الدراسة إن الاقتصاد السعودي منذ أواخر 2004م يعاني من أعراض تضخم واضحة، أبرز أسبابها: (تدهور قيمة الدولار، والتضخم العالمي، وزيادة أسعار النفط، وارتفاع السيولة، بالإضافة إلى أعراض التشغيل الزائد بالاقتصاد السعودي؛ والتي منها التوسع في الإنفاق الحكومي، وتوسع الائتمان المحلي، والتدفقات الكبيرة للداخل بالعملات الأجنبية (منها الاستثمارات الأجنبية)، والنمو الكبير في الاحتياطيات، دون الاعتماد على سياسة تعقيم سوق الصرف الأجنبي).
وأوضحت الدراسة أن التضخم في المملكة مر بثلاث حقب تضخمية أساسية تبعاً لمقياس الرقم القياسي العام لتكلفة المعيشة: ( الأولى من 1973 - 1981م.. والثانية من 1989 - 1991م والثالثة من 2004 - 2007م).. وذكر أن الفترة الأولى هي الأكثر حدة حتى من الفترة الحالية، في حين أن تضخم الفترة الثانية كان محدودا وطارئا بأحداث لها علاقة بحرب تحرير الكويت، وانتهت بنهاية هذا الوضع الطارئ.. بينما الحقبة الثالثة ابتدأت بالتسارع بعد العام 2005م.
وعن الفترة (2004 2007م) قالت الدراسة: إن عدة عوامل أسهمت في حدوث موجة التضخم الأخيرة، منها ما يعمل على جانب الطلب ومنها ما يعمل على جانب العرض.. فعلى جانب الطلب الكلي أوردت الدراسة السياسات المالية التوسعية.. وارتفاع مكونات الطلب الكلي الأخرى من طلب استهلاكي واستثماري - بشقيه المحلي والأجنبي - وطلب على الواردات بما يتضمنه من مُكّون مستورد للتضخم، وارتفاع مستويات السيولة بمعدلات كبيرة، وتحول السيولة عن الأسواق المالية لتشكل ضغطاً أكبر على جانب الطلب الكلي (الاستثمار المحلي).
وعلى جانب العرض الكلي ذكرت من العوامل (ارتفاع أسعار الطاقة والمدخلات الأخرى المحلية والمستوردة، والارتفاع العالمي في أسعار الغذاء والحبوب (مشكلة الوقود الحيوي)، وتراجع قيمة الدولار الأمريكي، واختناقات سوق العمل.
وقالت الدراسة إن مستوى الناتج المحقق في الاقتصاد ومستوى السيولة المتداولة يؤثران موجباً على مستوى الأسعار الممثل بالرقم القياسي لتكاليف المعيشة في المدن الرئيسة، وتؤيد هذه النتائج القول بأن مصادر التضخم الذي يعاني منه الاقتصاد السعودي لها جذور في جانب طلب.
وأشار رئيس الفريق البحثي د. القدير إلى أن الدراسة اعتمدت على خبرات عدة دول عاشت ظروفا مشابهة لظروف المملكة في هذا المجال وهي (تشيلي والفلبين وتركيا والكويت والإمارات) واستعرض مبررات اختيار كل دولة، والدروس المستفادة من ذلك.. حيث شدد على تقييم الإجراءات العاجلة للتخفيف من آثار التضخم.