ثلاثة أعوام من الفخر ببناء وطن شامخ مضت تحت ظل رجل استوطن القلوب ورسم الفرح المتباهي بإنجازات تخطت الزمن. تجيء ذكرى البيعة الثالثة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وتوليه بهذه البيعة مقاليد الحكم...
لتشهد التنمية في بلادنا بفضل الله - جلَّ وعلا - ثم بالمتابعة الصادقة والحثيثة من قبله - يحفظه الله - وبجهود المخلصين من أبناء هذا الوطن قفزات أمكن من خلالها إلى جانب الوقت القياسي في إنجازها تجاوز كل العقبات التي يشهدها عالمنا اليوم والتي لم تكن بلادنا بمنأى عنها بل أثرت فيها وتأثرت بها، وجاء هذا التفاعل مع المتغيرات العالمية إيجابياً على مسيرة التنمية والبناء حيث حققت المملكة نمواً واضحاً وملموساً على كل الأصعدة.
وحين نركز - تحديداً - على الشأن الاجتماعي والتنمية الاجتماعية في هذه الفترة من عهد خادم الحرمين الشريفين الزاهر فإننا نرصد إنجازات كبرى تحققت بما يعطي دلالة قاطعة على أن الاستثمار في إنسان هذه الأرض له الأولوية بين الاستثمارات التنموية المتعددة: فكان الاستثمار في الإنسان قبل المكان.
ولقد حظيت قطاعات وزارة الشؤون الاجتماعية المختلفة بمزيد من الاهتمام والعناية من لدن خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - ففي قطاع الضمان الاجتماعي وجه - يحفظه الله - بزيادة مخصصات الضمان الاجتماعي ومضاعفتها مرتين على مرحلتين متعاقبتين وقفزت مساعدات الضمان الاجتماعي ومعاشاته إلى أرقام كبيرة جداً شملت نطاقاً أوسع من المستفيدين والمستفيدات، فكان آخر رقم بلغته هذه المخصصات هو أنها وصلت خلال النصف الأول من هذا العام 1429هـ إلى ما يزيد على ستة مليارات ونصف المليار ريال، وتحديداً بلغت (6.634.026.478 ريالاً) ستة مليارات وستمائة وأربعة وثلاثين مليوناً وستة وعشرين ألفاً وأربعمائة و ثمانية وسبعين ريالاً، علاوة على توسع الضمان الاجتماعي في خدماته لتشمل إلى جانب المساعدات والمعاشات وبرنامج فرش وتأثيث مساكن الأسر المحتاجة من مستفيدي الضمان، برامج الأسر المنتجة والبرامج المساندة المتمثلة في برنامج الحقيبة والزي المدرسي لأبناء الأسر المستفيدة من خدمات الضمان، وتسديد فواتير بعض الخدمات العامة لمستفيدي ومستفيدات الضمان، وفواتير الأدوية والعلاج للمحتاجين من المستفيدين والمستفيدات، وغير ذلك من البرامج والمشروعات التي تسعى الوزارة جهدها للتوسع فيها وتحقيقها بما يلبي توجيهات القيادة الرشيدة وتطلعات المستفيدين والمستفيدات واحتياجاتهم.
وقد حقق الضمان الاجتماعي في عهد خادم الحرمين الشريفين - يحفظه الله - نقلة نوعية وكمية في اعتماد نظام الصرف الآلي عن طريق بطاقات الصراف الآلي لمستفيديه ومستفيداته، وكذا إجراء البحث الاجتماعي لطالبي الخدمة والمستفيدين عن طريق الحاسب الآلي، وهو ما وفر كثيراً من الجهد والعناء على المستفيدين والقائمين على خدمتهم.
أما في قطاع الرعاية والتنمية الاجتماعية فقد صدرت موافقة خادم الحرمين الشريفين على قرار مجلس الوزراء رقم 237 وتاريخ 23-9- 1427هـ القاضي بزيادة مخصصات الجمعيات الخيرية السنوية ثلاثة أضعاف لتصل إلى ثلاثمائة مليون ريال سنوياً بدلاً من مائة مليون ريال، وكذلك دعم الجمعيات التعاونية ومضاعفة المعونات المقدمة لها ودعم الصندوق الخيري الوطني بمبلغ ثلاثمائة مليون ريال سنوياً، وكذلك زيادة المخصصات المقدمة للأيتام ذوي الظروف الخاصة ومن في حكمهم بمبلغ اثنين وثمانين مليون ريال سنوياً، وتشمل إعانات الأسر الحاضنة، والإعانات المدرسية، ومكافأة نهاية الحضانة، وإعانات الزواج، ومكافآت المقيمين في دور رعاية الأيتام، وإقامة برنامج باسم (المساعدات الطارئة) للأسر الواقعة تحت خط الفقر المطلق، التي تتعرض لحالات حرجة تتسبب في زيادة معاناتها، أو تعرضها لمشكلات مثل وفاة المعيل، أو سجنه، أو مرضه، أو مرض الأبناء، أو حوادث الحريق في المنزل، أو الكوارث الطبيعية ونحوها، على أن تحدد سقوف هذه المساعدات بحسب الحالة ودرجة المعاناة.
وتم في العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين ابتعاث عدد من أبنائنا الأيتام الذين ترعاهم الوزارة بالتعاون والتنسيق مع وزارة التعليم العالي، كما صدرت الموافقة الكريمة على زيادة الإعانات التي تقدم لأسر المعوقين لتبلغ في حدها الأعلى عشرة آلاف ريال وثلاثة آلاف ريال في الأدنى بدلاً من ثمانية آلاف وألف ريال في حديها الأعلى والأدنى.
وبشأن الصندوق الخيري الوطني الذي يحظى بمزيد من الاهتمام والعناية من قبل خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين فإنه ينتهج سياسة غير تقليدية في تقديم المعونة والمساعدة للمستفيدين حيث يعنى ببرامج الأسر المنتجة، ومنح القروض للمشروعات الصغيرة لأسر المستفيدين، وتطوير وتأهيل هذه الأسر وأفرادها بتقديم المنح التعليمية والدورات التدريبية و التأهيلية لهم، وبرنامج التنسيق الوظيفي، بمعنى مساعدتهم لكي يساعدوا أنفسهم.
ومما يستحق الإشارة والإشادة أنه صدرت في العهد الميمون لخادم الحرمين الشريفين العديد من الأنظمة الجديدة لقطاعات وزارة الشؤون الاجتماعية مثل نظام الضمان الاجتماعي الذي تمت من خلاله الموافقة على السقف الجديد للضمان الاجتماعي والذي زادت مخصصاته لتصل إلى ما هي عليه الآن، وكذا نظام الجمعيات الخيرية، ونظام الجمعيات التعاونية ومراكز التنمية الاجتماعية واللجان المحلية الأهلية، وتم أيضاً إعداد مشروع نظام الحماية الاجتماعية، ووصل نظام مراكز التأهيل الأهلية إلى مراحله النهائية ليصبح قيد الإقرار، وهذه الأنظمة اشتملت في مضامينها على زيادات وحوافز مالية وإعانات للقطاعات التي تخدمها الفئات التي تستهدفها والعاملين فيها، بما يكفل الارتقاء بمستوى الأداء فيها وفاعليته.
هذا إلى جانب ما شهدته فروع الوزارة من توسع كمي وتطور نوعي في فروعها وخدماتها التي تقدم من خلالها عبر كافة قطاعاتها في ميادين عملها المختلفة، فقد بلغ عدد مكاتب الضمان الاجتماعي في المملكة واحداً وتسعين مكتباً، وبلغ عدد الجمعيات الخيرية المرخص لها (444) أربعمائة وأربعاً وأربعين جمعية خيرية، إضافة إلى (45) مؤسسة خيرية خاصة، وعدد الجمعيات التعاونية بلغ (160) مائة وستين جمعية تعاونية ما بين متعددة الأغراض ومتخصصة، في حين بلغ عدد لجان التنمية الاجتماعية الأهلية (336) لجنة في مختلف مناطق المملكة، أما فروع الرعاية والتنمية الاجتماعية التي تقدم خدماتها لفئات متعددة كالأيتام والمعوقين والمسنين والأحداث وغيرهم، فقد شهدت في عهد خادم الحرمين الشريفين - يحفظه الله - توسعاً كبيراً ليصل إجمالي عدد الفروع التابعة لوكالة الوزارة للرعاية والتنمية الاجتماعية إلى ما يزيد على (150) مائة وخمسين فرعاً ما بين فروع إيوائية وتأهيلية ورعائية وخدمية.
وهناك فروع معتمدة للوزارة تحت التجهيز سيتم افتتاحها قريباً ويبلغ عددها (29) فرعاً.
ذلك كله جعل المملكة (مملكة الإنسانية) بمنأى عن التأثيرات الحادة لموجات الغلاء وصعوبة المعيشة التي يشهدها العالم بمجمله وقلص إلى حد كبير من الآثار المترتبة على هذه الموجات التي اجتاحت كل بلد من بلدان العالم.
وإنني على ثقة من أن قابل الأيام يحمل - بحول الله - الخير الكثير لهذا الوطن الغالي وأبنائه والمقيمين فيه ذلك أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحمل هم المواطن ويسعى إلى تحقيق القدر الأكبر من الرفاه له ولجميع من يعيش في كنف هذه البلاد المباركة. يشد من أزره في ذلك عضده وسنده صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران.
حفظ الله هذه البلاد ومليكها وحكومتها وشعبها من كل سوء ومكروه ويسر لها الخير في ظل القيادة الرشيدة وأدام عليها أمنها ورخاءها واستقرارها.
وزير الشؤون الاجتماعية