المدينة المنورة - مروان عمر قصاص
تمتاز هذه البلاد منذ تأسيسها على يد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود بحرص كبير وعمل مكثف في مجال الاهتمام بالمقدسات الإسلامية من حيث توسعتها وتطويرها ورعايتها لخدمة زوارها من حجاج ومعتمرين وتوفير أفضل سبل الراحة لهم، وكان للملك المؤسس قصب السبق في بدء أول توسعة للحرمين الشريفين كما وفر يرحمه الله العديد من الخدمات لراحة الحجاج والعمار وتبنى عقد أول مؤتمر إسلامي وقد اختط الملك المؤسس نهجا عظيما في هذا الإطار كان وما زال من الأسس الهامة في نهج قيادة هذه البلاد حيث كثفت القيادة الراشدة أعمالها فيما يخدم القضايا الإسلامية وبمناسبة الذكرى السنوية الثالثة لمبايعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والتي تتزامن مع مواصلة العمل في المشروعات العملاقة التي وجه بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في الحرمين الشريفين مستهلا عهده الميمون بها حيث صدرت موافقته - حفظه الله - على تنفيذ مشروع لتوسعة الساحات الشمالية للمسجد الحرام تشمل إضافة ساحات شمالية للحرم بعمق (380) مترا تقريبا وأنفاقاً للمشاة ومحطة للخدمات بمساحة ثلاثمائة ألف متر مسطح تقريبا كما وجه رعاه الله باستكمال توسعة المسجد النبوي الشريف بتوسعة الساحات الشرقية والمظلات للمسجد النبوي الشريف وتبلغ تكاليف استكمال الأعمال المتبقية من مشروع توسعة المسجد النبوي الشريف نحو (4.700.000.000) أربعة آلاف وسبعمائة مليون ريال تشمل تركيب مئة واثنين وثمانين مظلة تغطي جميع ساحات المسجد النبوي الشريف وستكون هذه المظلات مجهزة بأنظمة لتصريف السيول وبالإنارة وتفتح آلياً عند الحاجة.
وبهذه المناسبة ذكرى البيعة نحاول إلقاء مزيد من الأضواء على أبرز هذه المشروعات وهي توسعة الحرمين الشريفين.
نبذة تاريخية عن الحرم المكي الشريف:
لقد شهد المسجد الحرام العديد من جهود الخلفاء الراشدين وغيرهم ففي عام 17 هجرية نفذ الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه أول توسعة للمسجد الحرام كما أنه أول من جعل للمسجد جدارا وأناره بالمصابيح، وفي عام 26 هجرية أدخل الخليفة الراشد عثمان بن عفان توسعة أخرى على المسجد كما ساهم عدد من خلفاء بني أمية وخلفاء العصر العباسي في إحداث توسعة أخرى بالمسجد.
التوسعة السعودية للحرم المكي:
لقد بدأ الملك المؤسس عبدالعزيز يرحمه الله في الاهتمام بالحرم المكي الشريف ففي عام 1344هـ صدرت تعليمات الملك عبدالعزيز بترميم المسجد وإصلاح ما يجب إصلاحه وإنشاء مظلات واقية، كما وجه - رحمه الله- بعمليات ترميم إضافية في عام 1354هـ، ثم كلف الملك عبدالعزيز الشيخ محمد بن لادن في البدء بوضع التصاميم اللازمة لتوسعة المسجد الحرام وقد كانت التوسعة السعودية الأولى عام 1375هـ ونفذت على مراحل متعددة ثم كانت التوسعة السعودية الثانية عام 1389هـ وقد بلغت الإضافات التي تمت خلال هذه المشروعات حوالي (171.000) متر مربع، وهو ما يعادل ستة أضعاف مساحة الرواق العثماني تقريباً.
التوسعة في عهد الملك فهد رحمه الله بالأرقام:
- بلغت مساحة التوسعة الجديدة (76) ألف متر مربع تتسع لأكثر من (190) ألف مصل.
- اشتمل المشروع أيضا على تحسين وتجهيز الساحات الخارجية للمسجد للصلاة بمساحة إجمالية تبلغ (59) ألف متر مربع تتسع لأكثر من (130) ألف مصل.
- أصبحت مساحة المسجد الحرام بعد التوسعة شاملة سطح التوسعة والساحات الخارجية حوالي (361) ألف متر مربع تستوعب (730) ألف مصل وتصل في مواسم الحج والعمرة إلى مليون مصل وكانت مساحة المسجد قبل هذه التوسعة (193) ألف متر مربع تستوعب (410) آلاف مصل.
- بلغ حجم الأعمال الإنشائية في المشروع 11.750 متراً مكعباً من الخرسانة المسلحة و12،700 طن من الحديد وتم إنشاء لبشة خرسانية بارتفاع 100 متر مصممة ضد الزلازل كما روعي في الأساسات أن تتحمل إضافة دور ثالث فوق الدورين الأرضي والأول.
- بلغ عدد الأعمدة بكل طابق بالتوسعة (492) عامودا بقطر 81 سم للأعمدة المستديرة وقطر الضلع 93 سم للأعمدة المربعة، فيما بلغ ارتفاع الأعمدة في الطابق الأول حوالي (4.70) أمتار وفي الطابق الأرضي (4.30) أمتار، وقواعد الأعمدة المربعة تبلغ أبعادها 102?102?54 أما قواعد الأعمدة المستديرة فهي مسدسة الشكل بعرض كلي 97 سم وارتفاع 54 سم وجميع قواعد الأعمدة مكسية بالرخام، وبالنسبة لارتفاعات أدوار مبنى التوسعة فيبلغ الارتفاع الداخلي لطابق القبو أربعة أمتار ولكل من الطابقين الأرضي والأول (10) أمتار.
- اشتملت التوسعة على ثلاث قباب بمنتصف التوسعة حيث تشغل كل قبة مساحة 15? 15 مترا وبارتفاع حوالي (13) متراً.
- بلغ عدد المآذن بالمسجد الحرام بعد التوسعة تسع مآذن بعد أن كانت سبعاً وبلغ عدد المداخل الرئيسية أربعة مداخل بعد أن كانت ثلاثة، وبلغ عدد المداخل العادية (54) مدخلاً بعد أن كانت (27) مدخلاً، وبلغ عدد مداخل القبو ستة بعد أن كانت أربعة، وأصبح عدد السلالم المتحركة (11) بعد أن كانت (7) وبلغ عدد أبواب الحرم (41) بابا بعد أن كانت (27) بابا، وبلغ عدد دورات المياه ونقاط الوضوء (9000) بعد أن كانت (5000) وحدة.
- يبلغ ارتفاع الواجهات الخارجية للتوسعة (20.96) مترا محلاة بالزخارف ومكسية بتداخل الرخام والحجر الصناعي.
- تم تكييف المسجد الحرام بإنشاء محطة للتكييف خارج منطقة الحرم بتمديد أنابيب خاصة وعبر أنفاق تحت الأرض بطول ستة كيلو مترات وتزيد طاقة هذه المحطة على (40.000) طن.
توسعة المسجد النبوي الشريف:
وقبل الحديث عن توسعة المسجد النبوي الشريف نستعرض نبذة تاريخية عن هذا المسجد حيث كانت مساحة المسجد النبوي الشريف في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم حوالي (100? 100) ذراع حيث قام الرسول بتشييد المسجد في العام الأول للهجرة وأدخل عليه الرسول زيادة أخرى في العام السابع للهجرة كما أدخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة 17 هجرية زيادة أخرى لتصبح مساحة المسجد 120? 120 ذراعا، وفي عام 29 هجرية أدخل عثمان بن عفان رضي الله عنه زيادة من الجهات الغربية والجنوبية والشمالية لتصبح أبعاد المسجد 170 ? 130 ذراعا وتوالت زيادة الخلفاء في عهد الوليد بن عبدالملك في عام 88 هجرية والخليفة المهدي عام 165 هجرية، وغيرهم حتى أصبحت مساحة المسجد حوالي 1293 متراً مربعاً، كما شهد المسجد العديد من التوسعات في العصر العثماني لتصبح مساحته حوالي (10.303) متراً مربعاً.
التوسعة السعودية للحرم النبوي الشريف:
لقد بدأ مؤسس المملكة العربية السعودية الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود يرحمه الله في تنفيذ أول توسعة للمسجد النبوي حيث أعلن عن عزم حكومته على تنفيذ توسعة بالمسجد النبوي الشريف وذلك في يوم 12-8-1368هـ، وبعد استكمال التصاميم اللازمة قام سمو ولي العهد الأمير سعود بن عبدالعزيز نيابة عن والده الملك عبدالعزيز في ربيع الأول عام 1372هـ بوضع حجر الأساس لتبدأ التوسعة السعودية التي أضافت مساحة تقدر بحوالي (6024) متراً مربعاً لتصبح المساحة الكلية بعد هذه الزيادة حوالي (16327) مترا مربعا، وعدد الأروقة (14) رواقا وعدد الأبواب (10) أبواب، وعدد المآذن (4) مآذن بارتفاعات (50.47) و(60) و(72) متراً، وعدد الأعمدة الجديدة (706)، وعدد القباب (170)، وبلغ عدد المصابيح (2427) مصباحاً وبلغ مجموع ما أنفق على هذا المشروع أكثر من خمسين مليون ريال.
ثم توالت أعمال التوسعة السعودية بإضافات جديدة في عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز يرحمه الله والذي أضاف مساحة جديدة على مرحلتين بلغت مساحتها حوالي (40.550) مترا مربعا وهي عبارة عن أرض خصصت بجوار المسجد وتم رصفها ونصبت فوقها مظلات وزودت بمكبرات الصوت والفرش والمراوح وذلك في عام 1393هـ، كما أضاف الملك خالد بن عبدالعزيز يرحمه الله في عام 1397هـ مساحة أخرى على شكل مظلات بلغت مساحتها 43000 متر مربع.
توسعة الملك فهد رحمه الله للمسجد النبوي الشريف:
في السادس من شهر محرم 1406ه الموافق سبتمبر 1985م بدأ العمل في تنفيذ توسعة الملك فهد رحمه الله حيث تضمن المشروع إضافة مبنى جديد إلى مبنى المسجد يحيط ويتصل به من الشمال والشرق والغرب بمساحة قدرها (82) ألف متر مربع تستوعب (150) ألف مصل، وبذلك أصبحت المساحة الإجمالية للمسجد بعد التوسعة (98500) متر مربع تستوعب (180) ألف مصل، وتمت الاستفادة من سطح التوسعة للصلاة بعد تغطيته بالرخام وبمساحة قدرها (67) ألف متر مربع تستوعب (90) ألف مصل وبذلك أصبح المسجد النبوي الشريف بعد التوسعة يستوعب أكثر من (270) ألف مصل ضمن مساحة إجمالية تبلغ (165500) متر مربع كما تضمنت أعمال التوسعة إنشاء دور سفلي (قبو) بمساحة الدور الأرضي للتوسعة وذلك لاستيعاب تجهيزات التكييف والتبريد والخدمات الأخرى كما اشتمل المشروع على إحاطة المسجد النبوي الشريف بساحات تبلغ مساحتها (235) ألف متر مربع منها (45) ألف متر مربع أرضيتها مكسوة برخام ابيض بارد عاكس للحرارة والباقي مساحته (190) ألف متر مربع أرضيتها مكسوة بالجرانيت وفق إشكال هندسية بطرز إسلامية وألوان متعددة وهي مخصصة للصلاة وتستوعب (430) ألف مصل في حالة استخدام كامل المساحة مما يجعل الطاقة الاستيعابية لكامل المسجد والساحات المحيطة به تزيد على (700) ألف مصل لتصل إلى مليون مصل في أوقات الذروة والمواسم.
توسعة الملك فهد بالأرقام:
وهنا نحاول أن نرصد بالأرقام والمعلومات كافة الخطوات العملية في هذا المشروع العملاق.
- تبلغ مساحة المنطقة المركزية حوالي (170) هكتارا.
- مساحة المسجد النبوي الشريف مقتطعة من المنطقة المركزية تبلغ حوالي (50) هكتارا.
- مساحة المنطقة المركزية المحيطة بالمسجد النبوي الشريف والتي شملها التخطيط والتطوير تبلغ حوالي (120) هكتارا.
- بلغت مساحة التوسعة حوالي (82) ألف متر مربع، وبلغت مساحة الساحات الخارجية (235) ألف متر مربع، ومساحة سطح التوسعة (67) ألف متر مربع، وبلغ عدد الأبواب 85 بابا وعدد المآذن (10)، وعدد الأعمدة الجديدة (5121)، ليصبح عدد الأعمدة (6000) وعدد القباب الجديدة المتحركة (27)، وعدد المصابيح (21820) مصباحا وعدد الثريات والنجف (305)، وعدد السلالم 6 مجموعات كهربائية و18 عادية.
- كان عدد القطع في هذه المنطقة قبل بدء تطويرها حوالي (3262) قطعة أرض وأصبحت بعد التخطيط والتطوير (570) قطعة بمساحات كبيرة تتراوح مساحاتها ما بين 500 إلى 6000 متر مربع، وعدد الوحدات السكنية (926.38) وحدة تستوعب أكثر من (300) ألف نسمة.
- كانت نسبة الطرق إلى المساحة الإجمالية 42% وأصبحت بعد التطوير 55%.
- تم لأول مرة استخدام العبارات الخرسانية للخدمات في المنطقة المركزية وتبلغ أطوالها حوالي (50) كيلو متر.
- تبلغ عدد غرف فنادق الدرجة الأولى والممتازة (2504) غرفة، وغرف فنادق الدرجة الثانية حوالي (3929) غرفة.
- كانت نسبة المباني المسلحة قبل التطوير 56% وأصبحت بعد التطوير 100%.
- بلغت مساحة المسجد النبوي الشريف (100) ألف متر مربع، ومساحة الساحات المحيطة بالمسجد النبوي (270) ألف متر مربع، ومساحة الشوارع الداخلية (380) ألف متر مربع، مساحة طريق الملك فيصل (180) ألف متر مربع، مساحة المجاورات الخمسة المحيطة بالمسجد (1.530.000) متر مربع ليصبح إجمالي المنطقة حوالي (2.460.000) متر مربع.
- تقدر احتياجات المنطقة المركزية بعد استكمال أعمال التطوير من الطاقة الكهربائية بحوالي (600) ميجاوات/ ساعة، وهي تماثل استهلاك المدينة المنورة حاليا، ومن المياه حوالي (75) ألف متر مكعب/ يوم، ومن الهاتف حوالي (50) ألف خط هاتفي، ومن الصرف الصحي (60) ألف متر مكعب/ يوم.
- تقدر مواقف السيارات بحوالي (15) ألف موقف، (11) ألف محل تجاري، (23) ألف غرفة فندقية، (36) غرفة للسكن الموسمي، (17) ألف غرفة للسكن الدائم.
ولإنجاز هذه المشروعات العملاقة التي أولاها خادم الحرمين الشريفين جل اهتمامه ومتابعته الشخصية لكافة مراحلها من خلال زياراته المتواصلة خلال تنفيذ مشروعي توسعة الحرمين الشريفين لمكة المكرمة والمدينة المنورة فقد بلغت تكاليف هذه المشروعات أكثر من 70 مليار ريال أنفقتها الدولة على توسعة الحرمين الشريفين في السنوات الأخيرة فقط. وتتضمن توسعة الحرمين الشريفين نزع الملكيات وتعويض أصحابها وتطوير شبكات الخدمات والأنفاق والطرق.