المدينة المنورة - مروان عمر قصاص
تعتبر شخصية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز من الشخصيات المميزة ليس على المستوي المحلي فقط وإنما له مكانته الكبيرة على المستوي العربي والعالمي وهذه الشخصية المميزة التي عرف بها الملك عبدالله كانت نتاج تأثره بشخصيّة والده الملك عبدالعزيز، رحمه الله، حيث كان الملك عبدالعزيز عدوّ التزمّت، ليس مُشتطّا في معتقداته السياسية، ولا في أفكاره الدينيّة، فلولا بصيرة الملك عبدالعزيز لبقي كلّ شيء ميّتا في جوف الأرض، لكنّه هزم كلّ المعارضين، مثلما هزم الجهل، وسوء الظنّ، وعقم الفهم؛ باستقباله كل من وفد من أوروبّا، آتيا وهو يحمل علوم العصر، ومستحدثاته.
قد عاصر الملك عبدالله هذه التحولات التي قادها الملك المؤسس، وأدرك ما خلّفته من متغيّرات فكريّة في عقل الإنسان العربيّ، وما أوجدته من تقسيمات جغرافيّة للوطن العربي والإسلامي، فبقيت تلك الدروس في ذاكرته، وهي ما يراها اليوم إحساسا بالواجب لفهم الأحداث، ومحاورتها من أجل رأب الصدع كما ورث الملك عبدالله رعاه الله عن والده الصفات الرائعة في القيادة، والحكمة، فأصبح إنساناً متحرّراً من الجمود، ومن العصبيّة، وفيه كلّ الوفاء للصّداقات والعلاقات؛ فلم يُعرَف عنه، في حياته كلّها، أنّه غدر صديقاً، أو نقض عهداً، فهو رجل وعيٍ سياسيٍّ، والتزام خلقيّ. يؤمن بالحوار، بل يسعى إليه، ويجاهد من أجله، يؤمن كلّ الإيمان بأنّه لن يتحقّق السلام على الأرض، إلا حين تتجاوز به مفاهيمه كلّ حدود الزمان والمكان والناس عنده في الحق، سواسية؛ فلا يناصر باطلاً، ولا يتعصّب لقوميّته. من فضائله، أنّه حسّاس جدّاً أمام دموع الضّعيف والمظلوم، مناصر للعدالة، شفوق رحيم بكلّ البائسين، وقد رأينا مواقف كثيرة تؤكد شفقته وإنسانيته.
وهناك الكثير من الصفات والسمات والخصائص الذاتيّة التي عرفت عنه - حفظه الله - وهنا سوف نرصد بعضا من أقواله الكريمة للتذكير بها ولتعزيز مكانته في نفوسنا.
الموهوبون في عناية الملك
منذ كان وليا للعهد وخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - يولى عناية خاصة ورعاية مكثفة للموهوبين ومن أقواله التي تؤكد هذا الاهتمام:
* إن الموهبة دون اهتمام من أهلها أشبه ما تكون بالنبتة الصغيرة دون رعاية أو سقيا، ولا يقبل الدين ولا يرضى العقل أن نهملها أو نتجاهلها، لذلك فإن مهمتنا جميعا أن نرعى غرسنا ونزيد اهتمامنا ليشتد عوده صلباً وتورق أغصانه ظلاً يستظل به بعد الله، لمستقبل نحن في أشد الحاجة إليه في عصر الإبداع وصقل الموهبة وتجسيدها على الواقع خدمة للدين والوطن.
اهتمامه بالمرأة
* (إن المرأة تحمل مسؤولية أكثر من واجب، أن تحافظ على استقرار المجتمع وأن تساهم في بناء اقتصاد الوطن، وأن تمثل هذا المجتمع والوطن خير تمثيل خارجه وداخله، فتكون الأم الحانية والمواطنة البانية والموظفة المجدة وتكون في الخارج سفيرة وطنها ومجتمعها ولها في دينها وعقيدتها وقيم مجتمعها أسوة حسنة).
* (إن قيادة هذا الوطن لن تسمح لكائن من كان أن يقلل من شأن المرأة أو يهمش دورها الفاعل في خدمة دينها وبلادها).
* (المرأة السعودية هي مواطن بالدرجة الأولى له حقوقه وعليه واجباته ومسؤولياته وذلك وفق الضوابط الشرعية التي حددها الحق سبحانه وتعالى).
* (لا يمكن أن نتجاهل بأي حال من الأحوال دور المرأة السعودية ومشاركتها في مسؤولية النهضة التنموية التي تشهدها بلادنا وفي خدمة دينها وبلادها وبناء الوطن باعتبارها نصف المجتمع، إننا نتطلع أن يكون للمرأة دور كبير بحيث لا يحكمنا في هذا المجال سوى ميزان الشرع بما يحقق مصلحة الأمة).
دعمه للحو
* (إخواني.. لست بخطيب بل متكلم من القلب إلى القلب. أنا فرد منكم وواحد من إخوانكم، أول ما أبدأ به هو عقيدتكم.. عقيدتكم.. عقيدتكم.. ثم وطنكم.. وطنكم.. وطنكم.. وأحب أن أركز على التضامن بين جميع فئات المجتمع كذلك الذي سمعته عن حواركم (نحن والآخر) سمعت ولله الحمد شيئا يثلج الصدر ويرتاح له كل مسلم ويرتاح له كل عربي فأنتم جزء من الأمة العربية والإسلامية).
* (إخواني أتمنى لكم التوفيق ودائما إن شاء الله تسعون إلى إرشاد وتثقيف مجتمعكم والأسر في كل بيت. ولقد كان في السابق كما تعرفون يحدث داخل الأسر قسوة بين أفرادها وعنف ولكن الحمد لله رب العالمين جاء الحوار ودخل الحوار في كل بيت وفي كل عائلة).
عنايته بالشأن المحلي
* إننا معكم نعايش أمانيكم وأحلامكم فلم يبق لنا من أمل شيء سوى خدمتكم والسهر على راحتكم وتفقد أحوالكم.
* (أقول بصدق وأمانة إننا معكم نعايش أمانيكم وأحلامكم فلم يبق لنا من أمل في شيء سوى خدمتكم والسهر على راحتكم وتفقد أحوالكم أينما كنتم في هذه البلاد في المدينة أو القرية أو الصحراء).
* (فنحن لا نعتز بشيء بعد الإسلام مثل اعتزازنا بخدمة الحرمين الشريفين فهذه الخدمة عندي لا يعادلها أي مجد من أمجاد الدنيا الزائلة وإنني أدعو الله ليل نهار أن يعينني على القيام بها).
* (إن ما شاهدناه اليوم في هذه المناورات يجعلني فخوراً ومتفائلاً بأن جندي الحرس الوطني قادر على أن يتجاوز بكفاءة تامة كل تعقيدات الأسلحة الحديثة، فقد تجاوزها واحدة واحدة، فكلما وضعنا في يده سلاحاً حديثاً وقدرنا لفهمه فترة زمنية.. تجاوزها بسرعة، وما هذه الدقة في الرماية وفي الإصابة، وما الانضباط وما الحيوية التي رآها الجميع إلا نتيجة لجهد شاق ومران صعب، قابله في هذه الصحراء أعواماً وشهوراً طويلة).
توجيهاته وآدابه
* (يا أخوان أحب أن أنقل للأخ وللإخوان كلهم أن الجلالة للرب عز وجل.. والمولى هو الرب عز وجل لا تقال لأي فرد وشكراً لكم).
* (إن تقبيل اليد أمر دخيل على قيمنا وأخلاقنا ولا تقبله النفس الحرة الشريفة إلى جانب أنه يؤدي إلى الانحناء وهو أمر مخالف لشرع الله والمؤمن لا ينحني لغير الله الواحد الأحد.. لذلك أعلن من مكاني هذا عن رفضي القاطع لهذا الأمر، وأسأل الجميع أن يعلموا ذلك ويمتنعوا عن تقبيل اليد إلا للوالدين برا بهم.. هذا وأسأل الله لي ولكم التوفيق والسداد وشكرا لكم).
مواقفه ودعمه للقضايا العربية والإسلامية
* عبر - حفظه الله- عن دعمه للكويت إحدى دول مجلس التعاون بقوله: (لقد كنا معكم بعقولنا وقلوبنا.. فأنتم امتداد لنا ونحن امتداد لكم.. كنت مؤمنا بالله.. ثم بعودة الكويت لأهلها تحت ظل شرعيته).
* (إن شعبنا وأمتنا العربية والإسلامية يواجهان اليوم تحدي الشر، وشراسة العدوان، وقد عودنا إسلامنا وعروبتنا، أن نستجيب لكل تحد، وأن ننتصر عليه، فقوة الحق قوة سرمدية، وحق القوة حق ظرفي، إن تبدى اليوم فهو مندثر غداً، لذلك أن لإسرائيل أن تفهم أن غطرسة القوة، اعجز من أن تبيد شعباً عربياً كالشعب الفلسطيني العزيز، وقوة الغطرسة أضعف من أن تقتلع جذور لبنان الشقيق من تربة العروبة، فشجرة السلام لا تسقى بالدم، وسلام القوة سلام جهيض).
* (لن نكل أو نمل أو نيأس من الدعوة إلى التضامن والعمل له بل سنعمل دائماً على التضامن بين العرب وليست ثمة وسيلة للأمل إلا العمل).
* (إن الأمة الإسلامية تقف على أعتاب حقبة تاريخية جديدة، تنبض بالوعود كما تحفها بالمخاطر، وإذا كانت الحضارة الإسلامية هي التي قادت العالم بأسره عبر قرون من النهضة والازدهار، فإنها اليوم مدعوة بإلحاح إلى أن تقوم بدورها الرائد في تسيير دفة البشرية. ولا شك أن لهذه الحضارة الكثير الكثير، مما تستطيع أن تعطيه، في عالم يفتقد الروحانيات، ويتعطش إلى اليقين والإيمان. إن مسؤوليتنا التاريخية تحتم علينا أن ننهض بعبء الدعوة مالئين قلوبنا بالتقوى، رافعين فوق رؤوسنا رايات التوحيد، مرددين قوله عز وجل: (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلمتنَا لعبَادنا المرسَليْن إنَّهُم لَهمُ الْمَنصُورُونَ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُم الغَالِبُون).
* (إن المملكة العربية السعودية منذ عهد الملك عبدالعزيز - رحمه الله - وعهود أبنائه من بعده لا يمكن أن تبحث قضايا المملكة دون بحث قضايا الأمتين العربية والإسلامية، وهذا مبدأ أساسي راسخ لا يمكن أن تحيد عنه سياسة المملكة، فعروبة المملكة تحتم عليها أن تبحث قضايا الأمة العربية، ووضع المملكة الإسلامي يحتم عليها أن تهتم بقضايا الأمة الإسلامية).
* (إن القضية الفلسطينية هي الشغل الشاغل لنا، وإن السلام مطلب عربي لأن الشعوب العربية مقتنعة بأهميته لكن إذا لم يتحقق فإن الشعب اليهودي سوف يدفع ثمن تطرف قيادته.. ونحن العرب لن نتخلى عن حقوقنا أو مقدساتنا، وبالنسبة للمشكلة التركية السورية يهمنا أن يعود الوئام بين الجارتين المسلمتين، وقد قمنا باتصالات ومساع لتقريب وجهات النظر.. ونرجو أن تنتهي الأزمة إلى تفاهم يجنب المنطقة مزيداً من التوتر).
* (فإن ما يجري في أرض فلسطين العربية شيء ينذر بالخطر يجب على كل دعاة السلام في العالم والساعين إليه أن يضعوا في حسابهم تداخلات الأخطار التي لا تقف عند حدود وزمان أو مكان أو إنسان على أرض فلسطين).
- ولخادم الحرمين الشريفين في التحديات التي تواجه المسلمين وطريقة معالجة الخلاف بينهم رأي نشير إليه فيما قاله في المؤتمر الإسلامي الذي عقد في طهران: (إن الخلاف سنة من سنن الله في أرضه، إلا أن الخلاف بين المسلمين على أمور اجتهادية، أو على شؤون السياسة يجب ألا يتجاوز نطاقه المحصور كمشكلة طبيعية يمكن التعامل معها بحكمة وهدوء وصبر، وألا يتطور إلى الحد الذي يصبح معه اختلافاً دموياً يأكل الأخضر واليابس، فليس من طبيعة الأمور أن يصل المسلمون جميعاً إلى مفهوم واحد للدولة الإسلامية وإلى نظرة واحدة لفقهنا الإسلامي، أو إلى تصور واحد للسياسة الدولية، ومع ذلك فواجبنا يحتم علينا ألا نحول هذا التباين المشروع إلى ذريعة للهيمنة، يحاول كل منا عبرها أن يملي على أخيه المسلم كيف يفكر وكيف يعمل).