لاقى إفصاح صحيفة الجزيرة عن أرقام توزيعها أصداء واسعة واهتمامات كبيرة بين مؤيد لتوجه الجزيرة بإعلان أرقام توزيعها (منفردة) لأول مرة في تاريخ الصحافة وهم الغالبية، وبين من ساءه أن يقتصر الإعلان على صحيفة واحدة دون باقي الصحف.
وبينما لم تحتف الصحف الزميلة بهذا الحدث التاريخي بما يتناسب مع أهميته، واكتفت بنشر الإعلانات عنه، فإن بعض المواقع على الإنترنت حاولت أن تشكك بالأرقام كما أشرنا بالرغم من صدورها عن جهة محايدة تملكها الصحف السعودية مجتمعة وهي الشركة الوطنية الموحدة للتوزيع التي توزع الصحف السعودية ويتولى مجلس إدارتها مديرو عموم المؤسسات الصحفية.
ويتطلع القراء منذ زمن طويل أن تتاح لهم الفرصة للاطلاع على أرقام توزيع الصحف المحلية الأخرى، وفي ظل إعلان الجزيرة عن أرقامها سوف تتزايد هذه الرغبة كما هو متوقع، خصوصاً أن بعض هذه الصحف تستحوذ على عدد جيد من القراء اعتماداً على ما يتناقله الناس عنها وإن لم يكن اعتمادا على مستند رسمي من شركة التوزيع.
وبينما اعتقد البعض أن إعلان الجزيرة عن أرقام توزيعها يبدو وكأنه موجه بشكل غير مباشر لصحف زميلة، نفى رئيس تحرير صحيفة الجزيرة الزميل خالد المالك أن يكون الأمر كذلك، وقال: إنني احترم كل الصحف الزميلة وكل الزملاء ورؤساء التحرير والقياديين والزملاء الآخرين، والإعلان عن أرقام توزيع الجزيرة اقتصر عليها فقط، ولم يشر من بعيد أو قريب إلى أي صحيفة أخرى لا بالمقارنة ولا بمعلومات عنها.
وكانت مداخلات كثيرة في بعض مواقع الإنترنت ومن مصدر واحد وجهة واحدة -على ما يبدو- قد جُنِّدت للتعتيم على أرقام الجزيرة التوزيعية وتضليل الناس حولها والتشكيك فيها دون أن يكون لديهم ما يقنعوا به القراء، وكأن الأرقام التي أعلنت تعنيهم أو أنها سوف تلحق الضرر بهم.
وفي مقابل ذلك كانت هناك مداخلات موضوعية شجعت الخطوة ورأت فيها حركة إعلامية صحيحة، وأن المستفيد من الإفصاح عن أرقام توزيع أية صحيفة هو القارئ والمعلن على حد سواء وأن هذه الخطوة جديرة بالاحتفاء.
إيلاف: إعلان (الجزيرة) شفافية
وتفوق على الصحف الأخرى
فقد نشرت صحيفة (إيلاف الإلكترونية) في موقعها على الإنترنت ما نصه:
أعاد إعلان صحيفة الجزيرة السعودية عن أرقام توزيعها إلى الأذهان قضية طالما تحدث عنها الإعلاميون والمثقفون من أساتذة جامعات وأدباء، وحتى مواطنون عاديون، وهي (كم يبلغ عدد توزيع الصحف السعودية؟). وما هي الصحيفة الأولى في السعودية من حيث حجم الانتشار. وقبل أكثر من عقد أكدت عدة صحف سعودية تسيدها لأرقام التوزيع وظهر على الملأ مقولة صحيفة المليون قارئ، وهو ما أطلق على صحيفة عكاظ بعد إعلانها قبل أكثر من عشرة أعوام ارتفاع مبيعات الصحيفة إلى 130 ألف نسخة في أحد أعدادها، وقامت بدراسة حول افتراضية وجود سبعة أفراد في كل منزل ممن اقتنى الصحيفة وتم بعد ذلك ضرب الرقم بالعدد الموزع وكان الناتج = مليون.
إلا أن المؤكد أن صحيفة الجزيرة السعودية تقدمت عدة خطوات في طريق الشفافية والانفتاح الإعلامي مع المتلقي من خلال إعلانها عن أرقام التوزيع اليومية لشهر يونيو والتي تجاوزت حاجز الـ131 ألف نسخة شاملة التوزيع والاشتراكات اليومية خلال الشهر الحالي، واعتبر المراقبون أن الصحيفة، بإعلانها عن أرقام توزيعها، قد تفوقت على بقية الصحف الأخرى، التي تتحفظ كثيرا في الإعلان عن الأرقام الحقيقية لتوزيعها، مكتفية بإعلان الأرباح السنوية لها في ختام كل عام.
وتزامن إعلان الصحيفة عن أرقام التوزيع مع شهادة موجهة إلى مدير عام مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر المهندس عبداللطيف العتيق من مدير عام الشركة الوطنية الموحدة للتوزيع محمد الخضير، نقل من خلالها تهنئته ل(الجزيرة) على النمو المتزايد والنتائج الإيجابية التي حققتها (الجزيرة) من خلال ارتفاع معدل الاشتراكات والتوزيع. وتقوم الشركة الوطنية الموحدة للتوزيع بتوزيع الصحف السعودية بما فيها صحيفة الجزيرة، وتتمتع الشركة الوطنية الموحدة للتوزيع بشفافية عالية واستقلالية تامة في الإدارة، وتعود ملكيتها للمؤسسات الصحفية السعودية وشركاء آخرين.
وتعد الجزيرة أول صحيفة سعودية تتلقى تكريمًا خاصًا من العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وذلك إزاء إسهاماتها ومبادراتها بإنشاء كراسي باسمها في رحاب معظم الجامعات السعودية، كما أنها واصلت الأسبقية بحصولها على المركز الأول في جائزة التميّز الرقمي لأفضل موقع إلكتروني لعام 2007م، وحصولها على جائزة أفضل طباعة في آسيا عام 2007م، وحصولها على جائزة الصحافة العربية بدبي لثلاثة أعوام متتالية، وانفرادها بجائزة أفضل تغطية صحفية لموسم الحج لعامين متتاليين.
كما تعد مشاركة (الجزيرة) ممثلةً برئيس التحرير خالد المالك في مؤتمر الاتحاد العالمي للصحافة في جنوب إفريقيا عام 2007م كأول صحيفة سعودية تُدعى للمشاركة في المؤتمر، وتلبية اقتراح (الجزيرة) أمام المؤتمر لإدراج اللغة العربية ضمن لغات المؤتمر المعتمدة وذلك للمرة الأولى منذ إطلاق فعالياته قبل ستين عامًا، وغير ذلك من مجالات التميّز والتفرّد. ويجيء هذا الإفصاح عن أرقام توزيع صحيفة الجزيرة، بينما تستعد نهاية هذا العام لإكمال خمسين عامًا على صدور أول عدد منها.
وتعتبر صحيفة الجزيرة -من وجهة نظر متابعين لمراحل تطور الصحافة في السعودية- الصحيفة الأولى حتى مطلع الثمانينيات الميلادية بقيادة رئيس تحريرها خالد المالك، إلا أن الفترة التي ترك فيها المالك الصحيفة لظروف خاصة كانت الأصعب؛ حيث تراجعت الصحيفة على مستوى المنافسة مع الصحف الأخرى بشهادة الجميع، وكان من الصعب النهوض بهذه المؤسسة الصحافية العريقة من جديد كونها تكبدت خسائر كبيرة وأصبحت تشتكي من تقادم معداتها ومطابعها وضعف كوادرها التحريرية.
ابتعاد رئيس تحرير صحيفة الجزيرة خالد المالك عن رئاسة التحرير استمر مدة 15 عامًا تناوب خلالها على رئاسة تحرير الجزيرة عدد من رؤساء التحرير لم يستطع أحد منهم إعادة الصحيفة لسابق عهدها، وبعد هذه الفترة عاد خالد المالك مرة أخرى لرئاسة تحرير الصحيفة، ليتمكن من جديد من التحليق بالجزيرة السعودية إلى مصاف المنافسة، ويصف المالك هذه العودة بأنها نتاج عمل جماعي تبناه مجلس الإدارة بالتنسيق معه شخصيًا، ومن خلال تقديم دعم مادي ضخم جدًا تمكن من خلالها هذا الفريق من إعادة الصحيفة إلى الربحية والنجاح والمنافسة من جديد.
وتميزت صحيفة الجزيرة خلال الحقبة الأولى من وجود خالد المالك بتخريج علامات بارزة في سماء الإعلام السعودية، كعثمان العمير رئيس تحرير صحيفة إيلاف، وعبدالرحمن الراشد مدير قناة العربية، ومحمد التونسي مدير قناة الإخبارية، ومحمد الوعيل رئيس تحرير صحيفة اليوم، ومطر الأحمدي رئيس تحرير مجلة لها.
إلا أن كثيراً من المراقبين يشيرون إلى أن الصحيفة توقفت عن تخريج الدفع المتميزة في الإعلام السعودي خلال الحقبة الثانية من تسلم المالك رئاسة تحرير الجزيرة، إلا أن خالد المالك رفض هذا الاتهام مرات عدة وقال إن هذه الأسماء الكبيرة عملت فترة طويلة قبل تحقيقها نجومية طاغية في العمل الصحفي وعلينا الانتظار على الأسماء الصحفية الموجودة في الجزيرة.
كما يؤكد مراقبون أن صحيفة الجزيرة كانت في السابق أكثر جرأة في طرحها الإعلامي وكانت تركز على الإثارة الصحفية لكسب القراء إلا أن الصحيفة تخلت عن دورها القيادي من خلال ابتعادها عن هذا الخط الصحافي. إلا أن المؤكد أن صحيفة الجزيرة قدمت أسماء مهمة في عالم الصحافة السعودية عجزت عن تقديمها الصحف الأخرى في الماضي، وقد تستطيع أيضا أن تقدم في الحاضر والمستقبل ما لم تقدمه نظيراتها من الصحف السعودية، ويراهن الصحافي الخبير خالد المالك على الأسماء الموجودة في صحيفته وكثيراً ما خاطب الإعلام السعودي بالصبر على الجيل الجديد من الصحفيين في الجزيرة لأنها قد تقدم للصحافة السعودية ما قدمته الأسماء السابقة الكبيرة وقد تكون مجددة في عالم الصحافة.
وخالد المالك بدأ حياته المنهية كصحافي رياضي، وهو خط العديد من الصحافيين البارزين في الصحافة اليوم، واشتهر كونه مشجعاً لنادي الهلال، الذي يعتبر الأكثر شهرة ونفوذاً في السعودية، وعلى الرغم من تجربته الثرية في عالم الصحافة السعودية، لا يمتدح المالك نفسه كثيرًا، إذا يقول حين يسأل عن صحيفته وعن مدى رضاه بالعمل الذي يقدم فيها: (أعتقد أن أقرب الناس إلى تقييم الصحيفة هو القارئ وليس رئيس تحريرها, لأن غالباً وعادةً رئيس التحرير هو ينظر إلى صحيفته من خلال الجهد ومن خلال الإمكانات المتاحة سواءً بشريًا أو ماديًا أو فنيًا ينظر ويقيس المستوى من خلال هذه المعطيات).
وحول الفروق بين الفترة الأولى والثانية في رئاسته لتحرير الجزيرة، والاتهامات التي توجه له بأنه يتعامل بالصحيفة بمركزية، يقول المالك: (أعتقد أنه ليس هناك اختلاف كبير بين الفترة الأولى والفترة الثانية من حيث المركزية وعدم المركزية، أنا إنسان متابع بشكل جيد ومنضبط في حضوري الصباحي والمسائي للجريدة).
موقع (صحف): خطوة ستسجل
في تاريخ الصحافة
وفي موقع (صحف) الإلكتروني جاء ضمن تغطية الحدث: إنها خطوة رائدة وسوف تسجل في تاريخ الصحافة السعودية لصالح صحيفة الجزيرة، وأعتقد أن مثل هذه المكاشفات تثبت الحقائق وتمحو الإشاعات والتوقعات التي دائما ما نسمعها في الأوساط الصحفية، ولكن يبقى السؤال الآن هل سوف تخطو الصحف الأخرى مثلما فعلت الجزيرة؟.
وفي مشاركة أخرى في نفس الموقع، قال أحد المشاركين إنها خطوة ممتازة إلى الأمام، نحتاج إلى مثل هذه الشفافية والوضوح ونتمنى أن ينعكس مثل هذا الإنجاز بالفائدة على طاقم التحرير بالصحيفة.
صحيفة (الوطن): «الجزيرة» تفجر
معركة المبيعات
وتحت عنوان: الجزيرة تعلن أرقامها وتفجر معركة مبيعات الصحف المحلية، قالت الزميلة صحيفة الوطن السعودية:
فجرت الزميلة صحيفة (الجزيرة) أمس قضية الإعلان عن أرقام التوزيع والاشتراكات في الصحف السعودية، عندما أعلنت أرقامها التي قالت إنها وصلت إلى 131.021 نسخة يومياً.
وما تزال أرقام التوزيع والمبيعات والاشتراكات من الأسرار التي تحتفظ بها الصحف المحلية التي تبرر إدارتها موقفها بأن إعلان الأرقام يدفع للمبالغات في الأرقام بين المؤسسات الصحفية، ما لم يحتكم الجميع إلى آلية محكمة ومحايدة.
وأثير هذا الموضوع أكثر من مرة في اجتماعات وزير الثقافة والإعلام بمديري العموم في الصحف ورؤساء التحرير، إذ دعا الوزير إلى الشفافية في الأرقام. وكفيل إعلان (الجزيرة) الأخير بإثارة المنافسة من جديد بين صحف المنطقة الوسطى؛ حيث تنافس (الجزيرة) شقيقتها (الرياض) على سوق واعدة، علماً بأن (الوطن) من الصحف القليلة المنافسة لصحف المنطقة هناك. وكانت بعض الصحف -ومنها (الوطن)- قد أبدت استعدادها لإعلان أرقام توزيعها إذا توفرت آلية موضوعية متفق عليها بين الصحف.
كما جرت مناقشات داخل مؤسسة عسير للصحافة والنشر حول إعلان أرقام التوزيع دون اتفاق مع الصحف الزميلة إلا أن المبادرة تأخرت في ظل الانشغال بمشروعات إعلامية أخرى.
وكانت معارك صحفية قد نشأت في السابق بين بعض الصحف بسبب الإعلان من طرف واحد عن أرقام التوزيع، الشيء الذي أثار صحفاً أخرى منافسة، لأن موضوع أرقام التوزيع يتعلق بمسألة إقناع المعلنين والحصول على حصة من كعكة الإعلان المحلي والدولي.
إفصاحكم جريء.. ويعكس
ثقتكم فيما تقدمونه
وفي رسالة تلقاها رئيس التحرير من الأكاديمي والخبير الاقتصادي الدكتور عبدالعزيز داغستاني رئيس دار الدراسات الاقتصادية جاء فيها:
قرأت إفصاحكم الجريء عن أرقام مبيعات واشتراكات جريدة الجزيرة الغراء والموثق من الشركة الوطنية الموحدة للتوزيع. وأحسب أن إقدامكم على هذا الإعلان يعكس ثقتكم فيما تقدمونه من عمل صحفي مهني راقٍ، وهو ما أكسبكم هذا الانتشار على مستوى المملكة. أقدم لكم في جزيرتنا القديرة - إدارة وتحريراً- أجمل التهاني وأطيب التمنيات.