حوار - حسين بالحارث
أكد رئيس مجلس الغرف السعودية الأستاذ عبدالرحمن الراشد أن الاقتصاد السعودي يشهد في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حراكا مهما أدى إلى نقلات نوعية مرتكزه إلى استراتيجية تعتمد على الانفتاح والشفافية، وقال إن القطاع الخاص يحظى برعاية واهتمام من الحكومة الرشيدة وبتوجيهات ملكية كريمة ساهمت في رفع كفاءة ومهنية ممثلي هذا القطاع في مجلس الغرف ولجانه وصنعت تواصلا مع المسؤولين كان له بالغ الأثر في معالجة العديد من المعوقات التي كانت تواجه القطاع.
وتطرق الراشد في حوار خاص ل (الجزيرة) إلى انجازات الدورة التاسعة لمجلس الغرف السعودية والذي كان برئاسته كممثل لغرفة المنطقة الشرقية.
وأبدى رأيه في العديد من القضايا الاقتصادية وقطاعات الأعمال ومنها: نظام مجلس الغرف الجديد وسعودة الاسواق والتستر والملحقيات التجارية السعودية في الخارج ومطالبات بعض رجال الأعمال بوجود وزارة مستقلة للصناعة والمعوقات التي تحد من قيام المشروعات الخاصة وفيما يلي نص الحوار:
* تعيش المملكة حاليا الذكرى الثالثة على بيعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وبالإضافة إلى أنكم أمضيتم في منصب رئيس مجلس الغرف التجارية السعودية ثلاث سنوات (هي مدة الدورة التاسعة التي تنتهي بنهاية الشهر الجاري) مما يعني ملامستكم عن قرب التطورات التي شهدتها هذه الفترة على الصعيد الاقتصادي والقطاع الخاص كذلك فماذا تقولون عنها؟
- في البداية أهنئ خادم الحرمين الشريفين وحكومته الرشيدة على ما تحقق من انجازات في عهده، وقد لامست شخصيا حجم الإصلاح الذي قاده خادم الحرمين مما أحدث حراك اقتصادي تشهده البلاد الآن ومما لا شك فيه أن هناك طفرة حاليا ولكن الطفرة ليست مجرد إيرادات ولكن كان ينبغي مواكبة الطفرة بالقرار والسياسات الصحيحة وهذا ما حدث في السنوات القليلة الماضية حيث صدرت توجيهات إصلاحية مواكبة للطفرة انطوت على خيار الانفتاح الاقتصادي وتحرير القيود وأتذكر هنا قول للمليك وهو (أن خيار الانفتاح أمرا ضروريا لمستقبل التنمية في البلاد) وكان يؤكد هذا القول في مناسبات عدة.. ولذلك كان مصرا على دخول المملكة في اتفاقية التجارة العالمية باعتبارنا جزء من هذا العالم وضمن المنظومة العالمية وهي فعلا خيار لا مناص منه من أجل استمرار نهضة بلادنا.. ونحن لا نستغرب هذا فهذه البلاد منذ تأسست على يد جلالة الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه وهي تبني سياستها الاقتصادية على مبدأ حرية السوق وجاء الملك عبدالله ليرسخ ويطور التعاطي مع هذا المبدأ وفق ما تتطلبه المرحلة ومتطلبات المستقبل.
وهناك توجيهات وتوصيات أصدرها الملك عبدالله أعتبرها ويعتبرها الاقتصاديون تاريخية ومنها على سبيل المثال وليس الحصر توجيهاته بمعالجة جميع العقبات التي تواجه المقاولين من روتين وأنظمة لم تعد متواكبة مع المرحلة وتعديل نظام الشركات ذات المسؤولية المحدودة، وكان خادم الحرمين يطالب المسؤولين بتقديم جميع التسهيلات للمستثمر المحلي والأجنبي.
وهناك نتائج ملموسة وسريعة وأثرت كثيرا على الحراك الاقتصادي نتيجة استشعاره وحرصه على حلحلة جميع المعضلات التي كانت تؤثر على وتيرة النمو الاقتصادي، أما على صعيد المستثمر الأجنبي فإن هذا الأخير بعد مراقبته ما يجري داخل المملكة، وعند ملاحظته تحسن المناخ الاستثماري في البلد وإن القادة تعمل بحرص على إيجاد المناخ المناسب سيسعى لجلب الاستثمارات الاجنبية وبصورة طبيعية ولذلك نحن نشهد اليوم زيارات متلاحقة لرؤساء دول ترافقهم وفود اقتصادية كبيرة ومهمة ونشهد دخول شركات صناعية وتجارية عالمية للسوق السعودي للعمل في مختلف المجالات.
من خلال ذلك فإننا نلاحظ أن التوجه العام والسياسة المرسومة بتوجيهات ملك الإصلاح هي تحسين المناخ الاستثماري لأن الاقتصاد هو المحرك الأساسي لعجلة التنمية في البلاد والقطاع الخاص يلعب دورا أساسيا في تحريك هذا الاقتصاد.
مجلس الغرف السعودية
* ترأستم مجلس الغرف السعودية لدورة الحالية ومدتها ثلاث سنوات مضت.. ما أبرز الإنجازات التي تحققت في عهدكم؟
- في الحقيقة إنها كانت ثلاث سنوات افتخر بها كونها تمثل غرفة الشرقية أما واكبت فترة ترأسي مجلس الغرف السعودية انجازات عده إلى جانب مواكبتها الحراك الأقتصادي الكبير بإمكاننا أن نذكر من هذه الإنجازات مثلا: إنجاز مبنى مقر المجلس الرئيسي في الرياض حيث كان هذا المشروع في السابق متوقف بسبب التمويل المادي ولكن تحركنا في الدورة التاسعة للمجلس واستطعنا تخطي هذه المعضلة بدعم سخي من خادم الحرمين الشريفين حيث دعم المشروع بمبلغ ستين مليون ريال، كما تبرع ورثة الشيخ سعد المعجل رحمه الله للمشروع بمبلغ 12 مليون ريال وكان التبرع من قبل الشيخ سعد شخصيا قبل وفاته، بالإضافة إلى ذلك فقد كان هنالك العديد من المتبرعين ومنهم شركة راشد عبدالرحمن الراشد وأولاده بمبلغ10مليون ريال، والأستاذ طارق عبدالعزيز القحطاني وإخوانه بمبلغ 4 ملايين ريال، وشركة الجميح القابضة بمبلغ 3 ملايين ريال، والشيخ صالح كامل بمبلغ مليونين ريال، والأخ محمد بن مساعد السيف وإخوانه بمليون ريال والمهندس سعد بن إبرهيم المعجل بمليون ريال، وقد غطت هذه التبرعات ولله الحمد إنشاء المبنى وتأثيثه وتوفير مبلغ يستثمر لتغطية المصاريف المستقبلية.
ومن الإنجازات التي يمكن الحديث عنها ان المجلس كان متواكبا مع الحراك الاقتصادي على الصعيد الرسمي الذي شهدته المملكة في السنوات الأخيرة وقام المجلس بدوره من خلال التفاعل مع المستجدات وتمثيل رجال الأعمال ورعاية مصالحهم.. وقد شكلنا وفود اقتصادية رافقت المليك في عدة الجولات الخارجية للالتقاء بنظرائنا وكانت فرصة رائعة لإبراز اقتصاد المملكة.
إلى جانب تلك الإنجازات فقد اوجدت الغرف تواصلاً فعلاً ما بينها وبين المسؤولين وعلى سبيل المثال فقد كانت لنا خلال العامين الأخيرين لقاءات مجدولة ومبرمجة مع معالي وزير العمل الدكتور غازي القصيبي واللجان الوطنية ومنها لجان الصناعة والتجارة والهندسية والمقاولين.. إلخ، وذلك لمناقشة المشاكل التي تواجه القطاع الخاص فنحن مثلا نؤيد السعودة وليس في ذلك مزايدة لأننا أبناء الوطن والعاطلين من أخوتنا وأبنائنا ولكن كنا نختلف مع الوزارة في آلية السعودية وقد تفهمت الوزارة وأخذت ببعض التوصيات لمعالجة مشاكل قطاعات العمل، كما صدر توجيه كريم بتشكيل لجنة بالنظر في الأضرار التي لحقت ببعض المقاولين جراء بعض الأخطاء لتحديد حجم الأضرار وتعويضهم وهناك العديد من القضايا سعى ويسعى مجلس الغرف السعودية من خلال لجانه الوطنية على معالجتها بالاتصال مع الوزارات المعنية وفق توجيهات المليك.
وهناك جانب أعده من إنجازات الدورة التاسعة للمجلس وهو التفاعل مع الوفود الأجنبية تزور المملكة وبعض هذه الوفود تأتي مرافقه لرؤساء بعض الدول ويقوم مجلس الغرف باستضافتهم وترتيب لقاءات لهم مع رجال الأعمال السعوديين لعرض الفرص الاستثمارية في كلا البلدين ومناقشة إمكانيات الشراكة كما يركز المجلس على الدول التي تربطنا بهم علاقة إستراتيجية وعلى ضوء ذلك نحجنا في إقامة العديد من مجالس الأعمال ومنها مجلس الأعمال السعودي الأمريكي والفرنسي والبريطاني والهندي والصيني والياباني وقد وجدنا ثمرة تعاون جيدة من هذه المجالس.
وهناك جانب نفتخر به وهو نجاح المجلس في ترشيح شخصيات سعودية على المستوى العربي الأجنبي فقد تم تعيين الدكتورة أفنان الشعيبي كأمين عام للغرفة العربية البريطانية وكذلك تم تعيين الدكتور صالح الطيار كأمين للغرفة العربية الفرنسية وهذه الغرف مهمة جدا والتعيينات تتم من قبل اتحاد الغرف العربية حيث حظيت ترشيحاتنا لهذين الشخصين بالقبول والتزكية الجماعية من قبل ممثلي جميع الدول العربية.
تفعيل لجان الغرف الخليجية
* ماذا عن تعاون الخليجي؟
- على مستوى الغرف التجارية الخليجية هناك تحرك نقوم به حاليا لتفعيل آلية التعاون الخليجي وإحياء دور اللجان ونعمل الآن مسائل الأنظمة والتشريعات لأننا مقبلون على امور مهمة منها اتحاد الخليج الجمركي والسوق الخليجية المشتركة والاتحاد النقدي وكلها قضايا تمس القطاع الخاص والأنشطة الاقتصادية وبالتالي على أصحاب هذا القطاع أن يدلوا بآرائهم لأنهم هم المتلقي في النهاية للتشريعات الصادرة من قبل الجانب الرسمي.
* هل تعتقد أن نظام مجلس الغرف الجديد سيشكل إضافة لعمل الغرف؟ وما هي أبرز ملامح هذا النظام؟ ومتى سيرى النور؟
- لا شك في ذلك، وأعتقد أن النظام الجديد سيكون علامة مهمة في مسيرة العمل بالغرف السعودية، وأعتقد أن أبرز ملامح هذا النظام تتمثل في توسيع نطاق مهام ومسؤوليات مجلس الغرف، ومنح المجلس اختصاصات أوسع سوف يكون لها تأثير كبير على حركة الغرف السعودية ككل، وتفعيل دورها في الاقتصاد الوطني، وأعتقد أن هناك خطوات ضرورية ومهمة، سيمر بها النظام الجديد قبل أن يصدر.
* ما هي أبرز العوائق التي تواجه المستثمر المحلي في إقامة المشاريع الصناعية والتجارية؟
- أبرز العوائق تتمثل في البيروقراطية وإجراءات الروتين التي تكبل المشروعات، وتحد من إقامة العديد منها، ولا شك أن البيروقراطية أصبحت تشكل أخطر أعداء البيئة الاستثمارية، وكذلك كثرة الإجراءات والمستندات والأوراق، وتعدد الجهات التي لا بد من موافقتها لإقامة أي مشروع اقتصادي جديد، سواء كان صناعيا أو تجاريا، واختصار هذه الإجراءات خطوة ضرورية لإصلاح البيئة الاستثمارية، وتشجيع المستثمر المحلي.
الغرف بين المنتديات والدراسات
* ألا تتفق معي في أن الغرف السعودية تبارت مؤخرا في إقامة الملتقيات والمنتديات على حساب رسالتها في تقديم الدراسات والبحوث الدورية عن أوضاع الاقتصاد الوطني؟
- تنظيم الملتقيات والمنتديات ليس نقطة ضعف، كما أنه لا يعتبر من السلبيات التي يمكن أن تؤخذ على الغرف، فهذه أيضا تدخل في جوهر رسالتها، بالإضافة إلى ماتقدمة من خلال الدراسات والبحوث الدورية عن أوضاع الاقتصاد السعودي.
* في قطاع الخدمات (الأسواق) توجد فرص عمل وظيفية ضخمة وليست بحاجة إلى تدريب متخصص، ولكن هذا القطاع تهيمن عليه العمالة الأجنبية وجانب كبير في هذا القطاع يملكه أجانب بتستر من بعض المواطنين. هل ترى بأن هذا الأمر جدير بالبحث من قبل الغرفة والجهات المهتمة؟
- بكل تأكيد توجد فرص عمل كثيرة داخل هذا القطاع، ومعظم الوظائف ليست بحاجة إلى تدريب متخصص، والعمالة الأجنبية تكاد تهيمن على هذا القطاع، نتيجة للتستر الذي يسمح بهذه الهيمنة، وفي الغرف التجارية نعطي مشكلة التستر الكثير من اهتمامنا، تأخذ الكثير من وقت اللجان النوعية، وتشغل جزءا كبيرا من وقت اللجان، وفي معظم اللجان النوعية، إن لم يكن كلها، نجد هناك توصيات مهمة بشأن قضية التستر. وهناك حلول وأساليب عدة للمواجهة، من أجل حل المشاكل الخاصة بهذه الظاهرة، وبالفعل هناك تعاون مع الجهات المعنية في هذا المجال، وقد اتخذت خطوات فعالة قي أكثر من قطاع، لتفعيل الحلول المناسبة.
وزارة مستقلة
* نعود للقطاعين الأبرزين على ساحتكم الصناعة والتجارة، هل تؤيدون الأطروحات المطالبة بإنشاء وزارة مستقلة للصناعة؟
- الأمر تحدده المصلحة العامة للبلاد، وفقا لطبيعة المرحلة التي يمر بها الاقتصاد الوطني، وهو ما يخضع - في رأيي - لأهداف الحكومة وما يراه مجلس الوزراء في هذا الشأن، طبقا لخطط التنمية التي تطبقها الحكومة. وفصل التجارة عن الصناعة، في وزارتين لكل منهما، ليس هدفا مطلوبا لذاته؛ لأن أهداف الاقتصاد الوطني في كل مرحلة، هي التي تحدد آليات العمل في كل مرحلة. وقد يكون الفصل في وزارتين مناسبا، وقد يكون غير مناسب، وفقا للتوقيت.
الملحقيات التجارية والمنتج المحلي
* يدور في أروقة اجتماعات رجال الأعمال تذمرهم من عدم تفعيل عطاء الملحقين التجاريين للسفارات في الخارج في ترويج المنتج المحلي.. ما رأيك؟
- لا شك في أن أداء الملحقيات التجارية في الخارج، في حاجة إلى تفعيل وتطوير. ورجال الأعمال لديهم كل الحق في ما يقدمونه من نقد أو لوم للملحقيات التجارية في سفارات المملكة بالخارج. وذلك لأن التصدير يشكل أحد مصادر رفع معدلات النمو الاقتصادي، ورفع مستويات الناتج المحلي الإجمالي. ومن هنا، فإن الكثير من طموحات اقتصادنا الوطني مرتبط بالاتجاه نحو تحقيق معدلات أعلى لصادراتنا، وذلك لا يتم بدون العمل بفاعلية ونشاط أكبر، لترويج منتجاتنا المحلية. ونأمل أن نشهد المزيد من القوة والفاعلية في أداء الملحقيات التجارية، في هذا المجال، مستقبلا.
أقول لهؤلاء شكرا
* وأنت تترجل عن قيادة مجلس الغرف السعودية ماذا تود أن تقول؟
- بهذه المناسبة أود أن أتقدم بالشكر الجزيل لإخواني أعضاء المجلس ممثلي الغرف على دعمهم لممثل غرفة الشرقية خلال ترؤسها للدورة التاسعة كما أشكر الجهاز التنفيذي ممثلا في الدكتور فهد السلطان وزملائه على تفاعلهم ودعمهم وأعدهم أن غرفة الشرقية وهي مؤسس وعضو أساسي في المجلس سوف تستمر في دعم المجلس بكل إمكانياتها.