لصاحبي خليل خاصية التوحد..

وخاصية التفرد..

وخاصية الحياة..

وخاصية التوجس..

وخاصية المعاشرة الاجتماعية..

يملك قابلية التحدي..

وقابلية الانكسار..

***

صاحبي خليل..

لديه صدمة في فهم واستيعاب الحياة..

مثل صدمة فتاة مراهقة..

في زمن التجلي..

لحبيب عاق سافر في دروب العتمة دون تلويحه وداع..

***

صاحبي خليل..

يتعامل مع الحياة حسب ممكنات الخيال الحدسي..

له سمو ونرجسية الأفكار والتطلعات..

لكنه صعب عند الانهماك في لحظات الحالات الداكنة..

يملك تقاطعات فكرية على شكل خطوط بيانية..

يميل نحو الاستطالة والتحليق نحو الأفق..

لكنه لا يملك القدرة على الوثوب..

والتطلع..

والهيبة..

يملك قدرة التلويح..

لكنه لا يملك القدرة على البقاء في ساحة العرض..

***

صاحبي خليل..

ملطخ بوحل العزلة والانطوائية..

بسبب وجود إرث نفسي قديم..

يتقن فن التضاد..

يجيد لغة الحوار..

وفن الإصغاء..

وأدب الحوار..

لكنه يتقن لعق الجراحات القديمة..

وسرد الهذيان اللغوي..

***

صاحبي خليل..

يحاول أن يجعل من نفسه متوازناً..

يحاول أن يكون نصاً متفرداً يقرأه الجميع..

لكنه أحياناً يلوذ خلف الأرصفة الخلفية..

ليجعل الآخرين يعبرون قبله إلى الضفة الأخرى..

***

صاحبي خليل..

قوامه رفيع ويابس..

له شعر أبيض..

وأنامل مخشوشنة..

ولون داكن من وهج الشمس الحارقة..

هيكله معجون من ضيم ولهيب..

يتشبث بقوة في العيش مع متناقضات الحياة..

***

صاحبي خليل..

في حيه العتيق..

يسكن وحيداً ومتفرداً في غرفة علوية..

يملأ غرفته وصدره برائحة التبغ الكثيف..

ويشرب الشاي تلو الشاي..

يقرأ كتاباً عتيقاً..

أو يشد الرحال لاهثاً وراء القنوات..

***

صاحبي خليل..

يحاول أن يكون متناسقاً بقدر..

بين اضطرابات الحال والمحال..

بين إرث وكلاسيكية القرون الماضية..

ومتطلبات الزمن الآني..

له تعليمه وفلسفته وبنيته الثقافية..

يحب أن يعيش بوضوح..

لكنه لا يملك مقومات الوضوح..

لديه عشق الموروث..

لكن لديه قابلية للتعامل مع منهجيه ونهج الحداثة..

لديه مساحة من التفكير..

وتنبؤات فلسفية..

ولديه القدرة في الحديث في ميادين العلوم..

ونظم المعرفة..

وأساليب القول..

***

صاحبي خليل..

يعرف (سيمونيون) الفرنسي صاحب المشروع النهضوي..

وقراء (فاوست) في كيفية المزاوجة بين الروح والعلم..

و(أفلاطون) في علم الفلسفة..

و(داروين) في تشكيل الإنسان..

و(أدونيس) في قصيدة الحداثة..

ويعشق فنون الآداب، والتشكيل، والمسرح، والموسيقى..

ويعرف تحولات القرن الواحد والعشرين..

ويتقن أبجدية التفاعلات الإنسانية في الحب وفي العيش..

وحتى في لعبة كره القدم يعرف من هو (كنفارو) أو (كرستيانو رونالدو)..

لكنه في المقابل يعشق (الدحه)..

وطاروق (الهجيني)..

وتجليات (السامري)..

***

صاحبي خليل..

يعيش وحيداً كغيمة..

يعيد النظر في أشياء كثيرة..

يعود لذاته ينبشها..

يفجر كل القنابل التي تسكنه..

المدينة عنده كابوساً..

وأصوات الجميع.. الجميع تحاصره..

***

صاحبي خليل..

له قلب مثقوب بالحزن..

والعالم صار لديه مثل بشاعة الغبار على المرايا القديمة..

وحتى الأجساد حوله أصبحت هياكل يلفها الصقيع والرياء..

يطارده الانصهار..

ووجع التمزق..

وتعب الحياة..

وازدواجية التضاد..