عندما يعلن وزير التعليم العالي عن استعداد الجامعات لاستيعاب 86% من ثلاثمائة ألف خريج من الثانوية العامة فإن هذا يكشف الخلل في توجيه مخرجات التعليم العام حتى بات المقعد الجامعي هو غاية كل خريج وهذا بدوره أدى لأن يقتصر عرض هموم القبول على مسرح الجامعات فيما بقية المشاركين في المسؤولية على مقاعد المتفرجين! فالجامعات العالمية لا تستقبل أكثر من 45% من الخريجين حيث تجد البقية أمامها خيارات متعددة من الكليات المتخصصة والمهنية التي تنمي القدرات بما يؤهل للحصول على وظائف في سوق العمل.
هذه المعادلة التي تكشف البون الشاسع في التعامل مع مخرجات التعليم العام عالمياً ومحلياً حملت الجامعات السعودية فوق طاقاتها وأخلت بالمعايير العالمية وهنا لا بد من الإشادة بالمشاريع التنموية التي سابقت فيها وزارة التعليم العالي الزمن وجهدها الواضح والملموس في توطين التعليم العالي بتشييد مؤسساته في جميع مناطق المملكة وفي الغالبية العظمى من محافظاتها مما مكن الجامعات من القيام بأدوار مضاعفة لتوفير مقاعد دراسية للراغبين في التعليم العالي.
لكن جهد الوزارة ودورها في وضع حد لأزمة القبول لا يعني تجاهل البدائل المفترض تواجدها أمام خريج الثانوية العامة ولا بد من دراسة أسباب تأصيل تلك المعادلة وبحث جوانب القصور التي أحدثت هذا الخلل في التعامل مع مخرجات التعليم العام فالمسألة ليست ثقافة مجتمع لا يعترف إلا بالشهادة الجامعية حتى لو أبقت حاملها في المنزل بل هي أكبر من هذا ولعل في تنامي متطلبات سوق العمل وتعدد الدراسات العلمية التي تؤكد على أهمية التنويع في قبول خريجي الثانوية العامة ما يعجل في وضع حلول ناجعة وفق المواصفات العلمية العالمية ويعمل على تسريع البحث لتطوير البدائل الحالية المتاحة والتي تؤكد النسب أعلاه بأنها شبة معطلة إما لأسباب فنية أو توعوية.