هل يمكن التوقع بالنسبة لأسعار البترول التي تجاوزت 130 دولار أمريكي للبرميل، أن تقلّ عن هذا السعر بنهاية العام الحالي؟ سؤال مطروح والإجابة عليه مبنيّة على سيناريو العرض والطلب، ترتفع الأسعار بعدها يقلّ الطلب، هذا بشكل عام، إلاّ أنّ الطلب على النفط في ازدياد مستمر طيلة السنوات الخمس الماضية، على الرغم من أنّ أسعاره تضاعفت أربعة أضعاف خلال الفترة ذاتها، ألم تكن تلكم الحقيقة؟، إذن كيف نطبِّق نظرية العرض والطلب؟ هل النفط يشذ عن القاعدة الاقتصادية البسيطة المعروفة؟، ولمَ لا يستمر النمط ذاته؟ الإجابة السريعة هي: نعم الطلب على النفط بدأ ينخفض، سعر الجالون تجاوز 4 دولارات في ولاية كاليفورنيا مثلاً، ولهذا السبب فإنّ الاستهلاك في تدن، الطلب على السيارات ذات الشراهة في استهلاك الوقود انخفض.
أما في آسيا فلا يزال الطلب على النفط مرتفعاً، والسبب يعود إلى الأنظمة الصارمة التي تتبعها الحكومات بالنسبة لأسعار المنتجات النفطية، فعلى الرغم من الارتفاع الكبير للنفط عالمياً، إلاّ أنّ الأسعار المحلية ارتفعت في حدود نتيجة ما تقدمه الحكومات في بعض الدول الآسيوية من مساعدات تصل بلايين الدولارات.
لقد توقّعت هيئة الطاقة الدولية The International Energy Authority ارتفاع استهلاك الصين والهند والشرق الأوسط من النفط بمقدار 1.2 مليون برميل يومياً، ويعود ذلك إلى النمو الكبير في هذه الدول وإلى مراقبة الأسعار. إلاّ أنّ الدول نفسها المستهلكة، وحتى المنتجة، بدأت تبدل من سياساتها. الصين، أكبر الدول نمواً واستهلاكاً للوقود، سترفع أسعار البنزين والديزل، داخلياً، بنسبة 18 في المائة وسعر وقود الطائرات بنسبة 25 المائة. ودولتان منتجتان للنفط مثل ماليزيا وإندونيسيا رفعتا أسعار النفط المستهلك داخلياً: ماليزيا بنسبة 41 في المائة، ورفعت إندونيسيا البنزين بنسبة 33 في المائة والديزل بنسبة 25 في المائة. وأعلنت باكستان مؤخراً أنها سترفع الأسعار بدءاً من شهر يوليو، وأنّ المساعدات، التي تبلغ 2.4 بليون دولار سنوياً، ستنتهي بنهاية العام الحالي، وبنقلادش، التي تدفع ما مجموعه 2.5 بليون دولار سنوياً من المساعدات الداخلية، إن هي إلاّ مسألة وقت وسوف توقف الدولة هذه المساعدات. أمّا الهند فلقد سعّرت بنزينها بمقدار 5 روبيات للتر والديزل بـ 3 روبيات للتر الواحد .. هذه التحوُّلات في الأسعار ستدفع بالمستهلكين للاقتصاد في استهلاك الوقود.