|
بادر إلى العيش والأيام راقدة |
ولا تكن لصروف الدهر تنتظر |
فالعمر كالكأس يبدو في أوائله |
صفوٌ وآخره في قَعْرِه كَدَرُ |
|
لا تحسبنْ أن بالكُتب مثلنا ستطير |
فللدجاجة ريش لكنها لا تطير |
قال زيد الكندي المتوفى سنة 613: |
أرى المرء يهوى أن تطول حياته |
وفي طولها إرهاقُ ذُلّ وإزهاقُ |
فلّما أتاني ما تمنيتُ ساءني |
من العمر ما قد كنتُ أهوى وأشتاقُ |
عرتني أعراض شديد مراسها |
عليّ وهمّ ليس فيه إفراقُ |
ويّذكرني بعد النسيم وروحه |
حفائر يعلوها من الترب أطباقُ |
يقولون درياق لمثلك نافع |
ومالي إلا رحمة الله درياقُ |
|
لم يكن في عصر عمرو مثله |
وكذا الكنديُّ في آخر عصر |
وهما زيد وعمرو وإنما |
بُني النحو على زيد وعمرو (يقصد بعمرو سيبويه) |
قال العُكبري المتوفى سنة 616هـ في مدح وزير: |
بك أضحى جيدُ الزّمان مُحلى |
بعد أن كان من حُلاه مُخلّى |
لا يجاريك في نماريك خلق |
أنت أعلى قدراً وأعلى محلا |
دمت تُحيي ما قد أُمِيت من الفضل |
وتنفي فقراً وتطرد محلا |
قال الرّباحي المتوفى سنة 353هـ متغزّلاً: |
طوى عني مودته غزال |
طوى قلبي على الأحزان طيّا |
إذا ما قلتُ يسلوه فؤادي |
تجدّد حبُّه فآزداد غيا |
أحييه وأفديه بنفسي |
وذاك الوجه أهل أن يُحياّ |
قال الزّبيدي المتوفى سنة 379 في وداع جارة له اسمها سلمى: |
وَيحكِ يا سلم لا تراعي |
لابدّ للبين من زماعِ |
لا تحسبيني صبرتُ إلا |
كصبر ميتٍ على النزاع |
ما خلق الله من عذابٍ |
أشدّ من وقفة الوداع |
ما بينها والحمام فرق |
لو لا المناجاة والنواعي |
إن يفترق شملنا وشيكاً |
من بعد ما كان ذا اجتماع |
فكلُّ شمل إلى فراق |
وكل شعبٍ إلى انصداع |
وكلّ قربٍ إلى بعاد |
وكلّ وصل إلى انقطاع |
|
الفقر في أوطاننا غُربة |
وأعمال في الغربة أوطان |
والأرضُ شيء كلها واحد |
والناس إخوان وجيران |
|
أبا مُسلم إن الفتى بجنانِهِ |
ومقوله لا بالمراكب واللّبس |
وليس ثياب المرء تُغني قُلامة |
إذا كان مقصوراً على قصر النفس |
وليس يفيد العلم والحلم والحجا |
أبا مسلم طول القعود على الكرسي |
قال ابن القطاع الصقلي المتوفى سنة 515 هـ |
|
يا من رقى النار في فؤادي |
وأنبط العين بالبكاء |
أردد سلامي فإن نفسي |
لم يبق منها سوى الذّماء |
وأرفق بصب أتى ذليلاً |
قد مزج اليأس بالرجاء |
أنهكه في الهوى التجني |
فصار في رقة الهواء |
|
يا بدر التّمّ على غُصُن |
من أعيننا خدّيك صن |
أجريت الخمر على بردٍ |
يروي شفتيك ويعطشني |
حال بديع محاسنه |
وبها عن زين الحلى غني |
فبمحضرته أُصفي فرحي |
وبغيبته أُضفي حزني |
قال ابن السيد المتوفى 521 هـ: |
أخو العلم حيّ خالد بعد موته |
وأوصاله تحت التراب رميم |
وذو الجهل ميت وهو ماش على الثرى |
يُظنّ من الأحياء وهو عديم |
قال ابن الطراده المتوفى 528هـ في ذمّ فقهاء مدينته: |
إذا رأوا جملاً يأتي على بُعدٍ |
مدوا إليه جميعاً كفّ مقتنص |
أوجئتهم فارغاً لزّوك في قرنٍ |
وإن رأوا رشوة أفتوك بالرُّخص |
قال ابن البادش المتوفى سنة 528 هـ في الذم والنصيحة: |
أصبحت تقعد بالهوى وتقوم |
وبه تُقرّظُ معشراً ونديم |
تعنيك نفسك فاشتغل بصلاحها |
أن يُعيرُ بالسقام سقيمُ |
وقال في مدح كتاب (الإنضاح) لأبي علي الفارسي: |
أضع الكرى لتحفّظ الإيضاح |
وصل الغُدُوّ لفهمه برَواحِ |
هو بغية المتعلمين ومن بغى |
حمل الكتاب يلجهُ بالمفتاح |
لأبي علي في الكتاب إمامة |
شهد الرواة لها بفوز قداحِ |
أُوصي ذوي الإعراب أن يتذاكروا |
بحروفه في الصُّحفِ والألواح |
قال السُّهلي المتوفى سنة 581هـ: |
يا مَنْ يرى ما في الضمير ويسمع |
أنت المعدُّ لكلّ ما يُتوقّع |
يا منْ يُرجّى للشدائد كلها |
يا من إليه المشتكى والمفزع |
يا من خزائن رزقه في قول كن |
امنن فإن الخير عندك أجمعُ |
مالي سوى فقري إليك وسيلة |
فبالافتقار إليك زلّي أضرع |
مالي سوى قرعي لبابك حيلة |
فلئن رددت فأي باب أقرع |
ومن الذي أدعو وأهتف باسمه |
إن كان فضلك عن فقيرك يُمنع |
حاشا لمجدك أن تُقنط عاصياً |
الفضل أجزلُ والمواهب أوسع |
قال أحد النحاة في مدح المقدمة الجُزُولية للنحوي الجُزُولي المتوفى سنة 607هـ: |
مقدمة في النحو ذاتُ نتيجة |
تناهتْ فأغنتْ عن مقدمةٍ أخرى |
حبانا بها بحر من العلم زاخر |
ولا عجب للبحر أن يقذف الدُّرّا |
قال زين الدين بن معطٍ المتوفى سنة 628هـ: |
قالوا تلقّب زين الدين فهو له |
نعت جميل قد زيّن الأُمنا |
فقلت لا تعذلوه إن هذا لقب |
وقف على كلّ بخسٍ والدليل أنا |
قال الشلوبيني المتوفى سنة 645هـ: |
قالو حبيبك ملباثٌ فقلتُ لهم |
نفسي الغداء له من كل محذور |
يا ليت علّته بي غير أن له |
أجر العليل وأني غير مأجور |
قال ابن مكتوم في مدح الشّلوبيني: |
إن الشلوبيني أبا علي |
أستاذ كل عالم نحويّ |
علامة في فنّه إمامُ |
وقدرُهُ في النحو لا يُرامُ |
قد شهدت بفضله الدفاتر |
واعترفت بنبله الأكابر |
وضُربتْ بمجده الأمثال |
وهجرتْ لقصده الأطلال |
فكم وكم له على الكتاب |
وغيره من كُتب الإعراب |
من طرر كثيرة الفوائد |
وغررٍ تزهى على القلائد |
وكم له شرح وكم إملاء |
على علوم العرب العرباء |
وكم له من صاحب شهير |
علامة في فنّه نحرير |
قد طبقوا بذكره الآفاقا |
ونقَّوا بدرِّه الأوراقا |
ونقلوا عنه علوماً جمّه |
جليلة بديعة مُهمه |
أنتجها عكوفهم عليه |
وحرصهم في أخذ ما لديه |
فرحمة الله مع السلام |
عليه من علامة إمام |
ما مْلئتْ بعلمه الطروس |
وابتهجت بذكره النفوس |
|