Al Jazirah NewsPaper Thursday  26/06/2008 G Issue 13055
الخميس 22 جمادىالآخرة 1429   العدد  13055

نحاة شعراء (2- 4)
د. عبدالكريم محمد الأسعد - أستاذ سابق في الجامعة

 

وقال ابن الدهان:

بادر إلى العيش والأيام راقدة

ولا تكن لصروف الدهر تنتظر

فالعمر كالكأس يبدو في أوائله

صفوٌ وآخره في قَعْرِه كَدَرُ

وقال:

لا تحسبنْ أن بالكُتب مثلنا ستطير

فللدجاجة ريش لكنها لا تطير

قال زيد الكندي المتوفى سنة 613:

أرى المرء يهوى أن تطول حياته

وفي طولها إرهاقُ ذُلّ وإزهاقُ

فلّما أتاني ما تمنيتُ ساءني

من العمر ما قد كنتُ أهوى وأشتاقُ

عرتني أعراض شديد مراسها

عليّ وهمّ ليس فيه إفراقُ

ويّذكرني بعد النسيم وروحه

حفائر يعلوها من الترب أطباقُ

يقولون درياق لمثلك نافع

ومالي إلا رحمة الله درياقُ

وقال مفتخراً:

لم يكن في عصر عمرو مثله

وكذا الكنديُّ في آخر عصر

وهما زيد وعمرو وإنما

بُني النحو على زيد وعمرو (يقصد بعمرو سيبويه)

قال العُكبري المتوفى سنة 616هـ في مدح وزير:

بك أضحى جيدُ الزّمان مُحلى

بعد أن كان من حُلاه مُخلّى

لا يجاريك في نماريك خلق

أنت أعلى قدراً وأعلى محلا

دمت تُحيي ما قد أُمِيت من الفضل

وتنفي فقراً وتطرد محلا

قال الرّباحي المتوفى سنة 353هـ متغزّلاً:

طوى عني مودته غزال

طوى قلبي على الأحزان طيّا

إذا ما قلتُ يسلوه فؤادي

تجدّد حبُّه فآزداد غيا

أحييه وأفديه بنفسي

وذاك الوجه أهل أن يُحياّ

قال الزّبيدي المتوفى سنة 379 في وداع جارة له اسمها سلمى:

وَيحكِ يا سلم لا تراعي

لابدّ للبين من زماعِ

لا تحسبيني صبرتُ إلا

كصبر ميتٍ على النزاع

ما خلق الله من عذابٍ

أشدّ من وقفة الوداع

ما بينها والحمام فرق

لو لا المناجاة والنواعي

إن يفترق شملنا وشيكاً

من بعد ما كان ذا اجتماع

فكلُّ شمل إلى فراق

وكل شعبٍ إلى انصداع

وكلّ قربٍ إلى بعاد

وكلّ وصل إلى انقطاع

وقال:

الفقر في أوطاننا غُربة

وأعمال في الغربة أوطان

والأرضُ شيء كلها واحد

والناس إخوان وجيران

وقال لأحد أصدقائه:

أبا مُسلم إن الفتى بجنانِهِ

ومقوله لا بالمراكب واللّبس

وليس ثياب المرء تُغني قُلامة

إذا كان مقصوراً على قصر النفس

وليس يفيد العلم والحلم والحجا

أبا مسلم طول القعود على الكرسي

قال ابن القطاع الصقلي المتوفى سنة 515 هـ

في الغزل:

يا من رقى النار في فؤادي

وأنبط العين بالبكاء

أردد سلامي فإن نفسي

لم يبق منها سوى الذّماء

وأرفق بصب أتى ذليلاً

قد مزج اليأس بالرجاء

أنهكه في الهوى التجني

فصار في رقة الهواء

وقال أيضا متغزلاً:

يا بدر التّمّ على غُصُن

من أعيننا خدّيك صن

أجريت الخمر على بردٍ

يروي شفتيك ويعطشني

حال بديع محاسنه

وبها عن زين الحلى غني

فبمحضرته أُصفي فرحي

وبغيبته أُضفي حزني

قال ابن السيد المتوفى 521 هـ:

أخو العلم حيّ خالد بعد موته

وأوصاله تحت التراب رميم

وذو الجهل ميت وهو ماش على الثرى

يُظنّ من الأحياء وهو عديم

قال ابن الطراده المتوفى 528هـ في ذمّ فقهاء مدينته:

إذا رأوا جملاً يأتي على بُعدٍ

مدوا إليه جميعاً كفّ مقتنص

أوجئتهم فارغاً لزّوك في قرنٍ

وإن رأوا رشوة أفتوك بالرُّخص

قال ابن البادش المتوفى سنة 528 هـ في الذم والنصيحة:

أصبحت تقعد بالهوى وتقوم

وبه تُقرّظُ معشراً ونديم

تعنيك نفسك فاشتغل بصلاحها

أن يُعيرُ بالسقام سقيمُ

وقال في مدح كتاب (الإنضاح) لأبي علي الفارسي:

أضع الكرى لتحفّظ الإيضاح

وصل الغُدُوّ لفهمه برَواحِ

هو بغية المتعلمين ومن بغى

حمل الكتاب يلجهُ بالمفتاح

لأبي علي في الكتاب إمامة

شهد الرواة لها بفوز قداحِ

أُوصي ذوي الإعراب أن يتذاكروا

بحروفه في الصُّحفِ والألواح

قال السُّهلي المتوفى سنة 581هـ:

يا مَنْ يرى ما في الضمير ويسمع

أنت المعدُّ لكلّ ما يُتوقّع

يا منْ يُرجّى للشدائد كلها

يا من إليه المشتكى والمفزع

يا من خزائن رزقه في قول كن

امنن فإن الخير عندك أجمعُ

مالي سوى فقري إليك وسيلة

فبالافتقار إليك زلّي أضرع

مالي سوى قرعي لبابك حيلة

فلئن رددت فأي باب أقرع

ومن الذي أدعو وأهتف باسمه

إن كان فضلك عن فقيرك يُمنع

حاشا لمجدك أن تُقنط عاصياً

الفضل أجزلُ والمواهب أوسع

قال أحد النحاة في مدح المقدمة الجُزُولية للنحوي الجُزُولي المتوفى سنة 607هـ:

مقدمة في النحو ذاتُ نتيجة

تناهتْ فأغنتْ عن مقدمةٍ أخرى

حبانا بها بحر من العلم زاخر

ولا عجب للبحر أن يقذف الدُّرّا

قال زين الدين بن معطٍ المتوفى سنة 628هـ:

قالوا تلقّب زين الدين فهو له

نعت جميل قد زيّن الأُمنا

فقلت لا تعذلوه إن هذا لقب

وقف على كلّ بخسٍ والدليل أنا

قال الشلوبيني المتوفى سنة 645هـ:

قالو حبيبك ملباثٌ فقلتُ لهم

نفسي الغداء له من كل محذور

يا ليت علّته بي غير أن له

أجر العليل وأني غير مأجور

قال ابن مكتوم في مدح الشّلوبيني:

إن الشلوبيني أبا علي

أستاذ كل عالم نحويّ

علامة في فنّه إمامُ

وقدرُهُ في النحو لا يُرامُ

قد شهدت بفضله الدفاتر

واعترفت بنبله الأكابر

وضُربتْ بمجده الأمثال

وهجرتْ لقصده الأطلال

فكم وكم له على الكتاب

وغيره من كُتب الإعراب

من طرر كثيرة الفوائد

وغررٍ تزهى على القلائد

وكم له شرح وكم إملاء

على علوم العرب العرباء

وكم له من صاحب شهير

علامة في فنّه نحرير

قد طبقوا بذكره الآفاقا

ونقَّوا بدرِّه الأوراقا

ونقلوا عنه علوماً جمّه

جليلة بديعة مُهمه

أنتجها عكوفهم عليه

وحرصهم في أخذ ما لديه

فرحمة الله مع السلام

عليه من علامة إمام

ما مْلئتْ بعلمه الطروس

وابتهجت بذكره النفوس


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد