Al Jazirah NewsPaper Wednesday  25/06/2008 G Issue 13054
الاربعاء 21 جمادىالآخرة 1429   العدد  13054

عميد أسرة آل عثمان إلى رحمة الله
د. فهد بن عبدالرحمن بن عبدالله السويدان

 

إن من سنن الله عز وجل أن هذه الحياة لا تدوم ولا تصفو لأحد مهما كان، يتقلب المرء بين أفراحها وأحزانها، يذوق من حلوها ومرها، والسعيد من وطن نفسه لذلك وأدرك أن لا عيش هنيئا إلا عيش الحياة الآخرة.

والمصائب يبتلي الله بها جميع البشر امتحاناً وابتلاء على صبرهم، فهنيئاً للصابرين {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إذا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إليه رَاجِعونَ}.

الموت حق وهذه سنة الله في خلقه، ولكن فقدان الأحبة والكبار والعظام له تأثير كبير على النفس، ونحن نفتقد اليوم عميد أسرة آل عثمان نعم الموت حق، والنفس المطمئنة ترجع إلى ربها راضية مرضية مطمئنة، لكننا ونحن نودع الخال عبدالرحمن بن محمد بن عبدالله العثمان الذي انتقل إلى رحمة الله يوم الأربعاء 7-6-1429هـ الموافق 11-6-2008م عن عمر ناهز المئة عام بعد معاناة طويلة مع المرض جعله الله له تكفيرا وطهورا ونورا يوم يلقى ربه، وقد صلي عليه في مسجد الملك خالد بأم الحمام بالرياض بعد صلاة العصر ودفن في مقبرة أم الحمام.

إن الموت حق وكلنا سائرون في هذا الدرب ولكن خير البشر منا من تبقى ذكراه خالدة بأفعاله وأعماله الصالحة الخيرة وهكذا كان الخال عبدالرحمن طيب الله ثراه.

فالحديث عن خصال ومحاسن ومزايا فقيدنا الراحل الكبير العزيز الغالي يحتاج إلى صفحات كثيرة لذكرها، ولكن نكتفي ببعض منها لأفعاله وأعماله الخيرة فإن ذلك هو الدليل الدافع له لحبه لفعل الخير وبذل المعروف والمكانة التي كان يتمتع بها طوال حياته رحمه الله رحمة واسعة....

لقد شهد لهذا الإنسان البعيدون قبل القريبين بالمواقف الإنسانية النبيلة التي خلفها وراءه..

أقول: إننا فقدنا خالا عطوفا شفوقا باراً لايعوض، وفقدنا إنساناً قلّ أن يجود الزمان بمثله.. إنني مهما قلت وكتبت عن الخال عبدالرحمن فلن أوفيه جزءا يسيراً من حقه، إنه رمز للوفاء والشهامة والكرم ونبراس لمساعدة الفقراء والمساكين والمحتاجين وحبيب مقرب من الناس وعاشق لأعمال الخير لايبحث عن سمعة أورياء يعمل الخير ولا يريد إلا جزاء رب العالمين. باختصار رجل متواضع بشوش لايطلبه أي إنسان في شيء إلا وتجده ملبياً له دون انتظار لشكر أو مديح.كان وفيا أمينا حنونا كريما لمن يأتي إليه ويصدق عليه قول الشاعر:

كريم متى أمدحه أمدحه والورى

معي وإذا ما لمته لمته وحدي

عاش حياته في بيت صلاح وتقى وعبادة وكرم وكان إنسانا شهما متواضعا لطيفا ابنا وأخا للكبير وأبا للصغير.. صديقا للجميع طيب المعشر لين الجانب كيّس فطن، صاحب حنكة وبصيرة ثاقبة لا يمل مجلسه وحديثه بيته وقلبه وأذنه مفتوحة للجميع من حبه للناس وحب الناس له وحبه لتواصل صلة الرحم.. يتألم لما يؤلم الناس ويفرح لهم بما يفرحهم محل ثقة وتقدير من الجميع ومن يعرفونه كان ينصح بنصح المحب ومحبة الناصح.

وهو الرجل الذي أود أن أسطر بعض كلمات الوفاء والعرفان بحقه ولا أظنها ستفي فهي ليست إلا جهد المقل، إنه ذلك الخال الذي عرفته دائما حكيما كبير الهمة صريح صدوق لم تغيره الأيام والليالي ولم تنل من همته السنون بل هو في الواقع من زينها بعطائه وحكمته ووفائه وتفانيه وإخلاصه وبشاشته، إنه الخال الذي أجزم أن كل من عرفه - حتى ولو لبعض الوقت - يتفق معي إنه قد تملك فيه جانبا من مودة خالصة وإعجابا عميقا، بالطبع كثير هم أولئك الرجال الذين نلتقيهم في مراحل حياتنا ونعايشهم ولكن قليل هم أولئك الذين يتركون في أنفسنا ذلك أثر الوفاء والحب العميق بحيث يبقى وجودهم فينا راسخا نتعايش معهم في تجاربهم وحكمتهم ورؤيتهم...

نعزي فيه أنفسنا ومن فقده ممن أحبوه وأحبهم وجميع أسرة آل عثمان وأخص بالعزاء أبناءه الأستاذ عبدالعزيز وعبدالله وفهد وخالد ومحمد وتركي وأحمد وزوجتيه وبناته وأخته وذويهم وجميع محبيه وأصدقائه وجيرانه سائلين الله أن يلهمهم جميعا الصبر والسلوان ورحمه الله رحمة واسعة ورفع درجاته يوم يلقى ربه وأسكنه فسيح جناته وعوض الجميع خيرا.. آمين

فإن القلب ليحزن، وإن العين لتدمع ولا نقول إلا ما يرضي ربنا لله ما أخذ ولله ما أعطى ولا حول ولا قوة إلا بالله, كل من عليها فان.

أنت خلقتنا ولك محيانا وإليك مماتنا لا راد لقضائك وقدرك يارب العالمين..

وإنا على فراقك يا أباعبدالعزيز لمحزونون

{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إليه رَاجِعونَ}

اكاديمي وعضو المصالحة وعضو التحكيم


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد