Al Jazirah NewsPaper Wednesday  25/06/2008 G Issue 13054
الاربعاء 21 جمادىالآخرة 1429   العدد  13054
ورحلت الإنسانة الغالية.. العنود بنت رشيد الجبر
عبدالله بن صالح اليامي

أكثر ما يزعج المرء ويزعزع تماسكه واطمئنانه الداخلي ما قد يصله من خبر عن رحيل أحد الأحبة.. إنها لحظات لا يود الإنسان حتى مجرد التفكير فيها فكيف إذا وقعت المصيبة ذاتها.. فما أشد فَقْد الأنقياء الطيبين أولئك الذين يجسدون أزكى المعاني بيننا ويعززون أجمل اللحظات في حياتنا..

يوم الخميس 8-6-1429هـ لم يكن يوماً عادياً في تفاصيل أيامنا وهو يحمل إليَّ خبراً مؤلماً ومربكاً من ذلك النوع المباغت الذي يشل تفكير المرء طويلاً ويعقد لسانه بهول الصدمة.. لقد تأثرت كثيراً حينما نقل لي بعض الإخوة أن هادم اللذات قد غيب إحدى فضليات زماننا.. نعم، لقد كانت سمو الأميرة العنود بنت رشيد الجبر نموذجاً فذاً للإنسانة التي تملأ وجودنا بخيريتها ومآثرها وإنسانيتها الوادعة بما كانت تمتلكه من حضور استثنائي وتأثير عميق بشمائلها وأخلاقها الفاضلة ومواقفها العديدة.. لذا فقد جسد انسحابها المؤلم فراغاً موجعاً في داخلي، إنني أدرك مدى الحزن الذي طوق أبناءها وبناتها.. وكيف لا يُحزن لمثلها وهي مثال الأم الصالحة التي وزعت إنسانيتها الخصيبة وقلبها الرؤوم على جميع من عرفتهم ففقدها الكثيرون إحساساً ووجوداً ويداً حانية منحتهم الرعاية والاهتمام والصدق ولين الجانب..

ما أقسى لحظات الفراق لأم فاضلة كريمة استطاعت أن تعزز معنى طيباً لتواصل الناس، أن تجعل ارتباطها مع أبنائها وبناتها بذلك المستوى الاستثنائي من التعالق الوجداني الدافئ الذي يجعل معنى الأمومة فضاء من المودة والمسرات المتصلة والإحساس المتناهي بأقوى وأجمل المشاعر التي يجعلها الله سبحانه معياراً لاكتساب مرضاته ودخول جنته.. لقد أوفى الأمير عبدالرحمن بن ناصر بن عبدالعزيز وأخوه عبدالله الحمود الجبر وأخواته الأميرات مضاوي وهيفاء ومشاعل بنات الحمود الفهد الجبر والدتهم الغالية أزكى معاني البر والتواد، حملوها في حدقات العيون وأسكنوها مساحات القلوب في صحتها ومرضها لأنها استحقت عميق ولائهم بما زرعت فيهم من كريم الخصال وطيب الفضائل..

إن من حضر الصلاة على جثمانها الطاهر سيدرك حجم المحبة والمودة التي اكتنزتها والمكانة العظيمة التي احتلتها في قلوب الناس كلهم صغيرهم وكبيرهم.. أما مكان العزاء فقد أكد لي علو موقعها لدى الجميع، إن التنوع الكبير الذي كان عليه المعزون من الأمراء والشيوخ وعامة الناس غنيهم وفقيرهم والأهالي والجموع التي كانت تنتظر من المقيمين والمواطنين لتقديم واجب العزاء لتعبر عن الخصائص والمميزات الطيبة التي حظيت بها فقيدتنا الغالية سمو الأميرة العنود بنت رشيد الجبر طوال حياتها؛ ما جعلها تستأثر بهذا التقدير الكبير والوفاء العميق الذي اكتسبته في حضورها وغيابها..

لن يقدر المرء أن يبعد قسوة الفقد وفداحة الرحيل عن قلبه وخصوصاً لمثل التي فقدناها، ولكن عبدالرحمن بن ناصر بن عبدالعزيز، وبما عرف عنه عنه من تماسك وصلابة عند الشدائد يعينه على ذلك إيمانه العميق بالقضاء والقدر والآجال ومآل كل الناس سيكون قادراً بإذن الله على تجاوز أحزانه وقوة تأثره وبما عرف عنه من صبر وإيمان عميق، أعان الله الجميع على ذلك ورحم الله الفقيدة الغالية وأسكنها جنات الفردوس الأعلى...










 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد