أية حياة هذه التي نحيا بعض فصولها.. كل يوم تزداد ضغوط الساعات والدقائق والثواني على نبضنا، تضاعفت مسؤولياتنا، وقلت حيلتنا، وأصبحنا شبه مكشوفين أمام ما يشبه الخيبة؟!
كنا دائماً ولا نزال نضرب المثل بالكلاب الضالة حين نريد وصف الجشعين الذين يمتصون نفسيات الآخرين ويلفظونها على الأرصفة من حولهم.. لم يكن يخطر على بالنا يوماً أن الحمير تصبح أشرس من الكلاب الضالة!
الخبر الذي تم تناقله عن ثلاثة من الحمير تناولت وافداً إفريقياً فقضمت يديه وساقه، وعاثت أسنانها في جسده تقطيعاً، هذا الخبر في حاجة إلى الوقوف أمامه طويلاً!!
اشتهر الحمار على مرِّ الأزمان بالصبر والتحمل وقبول الأعمال الشاقة ولم يتوقع أحد من الفلاسفة والعلماء أن يكون الحمار غير هذا.. إلى أن جاءت قصة وادي الدواسر على الصفحة الأخيرة في الجزيرة الغراء!
يقول (قبلان الحزيمي) في سرده للخبر: إن وافداً إفريقياً حاول منع تزاوج الحمير (حماران وحمارة)، قد تعرض لهجوم منها ثلاثتها، حيث وضعته فيما بينها وبدأت في (تقليم) جسده!!
ما الذي يدفع حماراً إلى الثورة! حتى ولو كانت عملية التزاوج سبباً مباشراً؟!
لا أعتقد أن في إمكان علماء النفس (البيطري) أن يشرحوا لنا الحالة بوعي تام بمفرداتها وحيثياتها ومسبباتها دون العودة العميقة إلى العصور كلها لدراسة الضغوط الهائلة التي تعرض لها جنس الحمير في هذه الحياة الدنيا على يد بني البشر.
بعض الأساطير تذكر أن الحمار كان مخلوقاً نزقاً تحمله الخيول على ظهورها في تنقلاته، وتقوم الحيوانات الأخرى مثل الزرافة بإطعامه وهو راكب، وكان لا ينام وفي ذلك يجبر الحصان الذي يحمله أن يبقى ساهراً ليل نهار ولم يستمع إلى شكوى الحصان، ولم يرض باعتراضه، فغلب النوم الحصان ذات ليلة فسقط الحمار في وادي سحيق ولم تشفع له لياقته البدنية من الخروج سريعاً، وظل يركب المنحدرات صابراً حتى خرج إلى الأرض المستوية وأنساه صبره وتعبه (شوفة حاله) السابقة.
هل يعقل أن الحمار تذكر الآن (شوفة حاله) مرة أخرى وهذه القصة الواردة من وادي الدواسر تشهد التحول (الحماري) من حالة الصبر إلى لحظة القهر؟!
وتاليتها؟!