ماذا لو أن أباً لا يعي مسؤولياته تجاه أسرته؟ بالتأكيد لن يقوم بالمسؤوليات التي لا يعيها، فمن غير المعقول أن يقوم بمهام لا يعيها ولا يعتقد أنها من مهامه كأب، وبالطبع هذا سينعكس سلباً على حياة الأسرة، حيث من المتوقع أن تعاني تلك الأسرة أمراضا نفسية واجتماعية وصحية، فضلا عن عدم قدرتها على مجاراة بقية الأسر فكرا وسلوكا، والخاسر هنا المجتمع الذي سيعاني من أفراد أسرته، حيث يشكلون معاول هدم أكثر من كونهم سواعد بناء.
وماذا لو أن الحكومة تجاهلت بعض مسؤولياتها لسبب أو لآخر؟ كلنا يدرك النتائج، والكل سيرفع صوته مطالبا الحكومة بالقيام بمسؤولياتها تجاه الوطن والمواطن، ونحمد الله أننا بيد قيادة تدرك مسؤولياتها وتقوم بها، وتستنهض الهمم لمساندتها لتحقيق الأهداف التنموية الشاملة والمستدامة، ونحمد الله أن حكومتنا وهي تنهض بمسؤولياتها تقارن إنجازاتها بالدول المتقدمة وتتطلع للوصول إلى ما وصلت إليه، بخلاف الكثير من الدول التي تعمل على إسكات مواطنيها بدعوتهم إلى النظر إلى من هم دونهم.
وماذا لو أن درجة وعي مجتمع الأعمال بمسؤولياته متدنية؟ بالتأكيد سيعزف عن القيام بتلك المسؤوليات، وبكل تأكيد أيضاً ستكون العواقب وخيمة على الوطن والمجتمع وبالتالي على مجتمع الأعمال الذي ينشط في بيئة الوطن الذي رعاه واحتضنه ومكنه من تحقيق النتائج التي يصبو اليها.. والسؤال الذي يدور في أذهان الكثير منا.. هل يدرك رجال الأعمال الذين يشكلون مجتمع الأعمال مسؤولياتهم تجاه أنفسهم والمجتمع والوطن؟ وهل من يدرك تلك المسؤوليات يقوم بها! أو يتقاعس عنها لأي سبب كان؟
رجال الأعمال السعوديون هم أبناء ثقافة المجتمع السعودي، والشعب السعودي شعب كريم يحب العطاء ويعرف عوائده في الدنيا والآخرة (ما نقص مالٌ من صدقه بل تزده)، والآيات والأحاديث التي تحث على العطاء كثيرة ولا حصر لها، وبالتالي فإن رجال الأعمال السعوديين يعطون بلا حدود والشواهد كثيرة، ولكن لماذا لا نسمع إلا عن أسماء محدودة في عالم العطاء؟
أعتقد أن السبب يعود لندرة حضور مفهوم المسؤولية الاجتماعية الحقيقية، حيث يعتقد الكثير ان المسؤولية الاجتماعية تنحصر في دعم مؤسسات المجتمع المدني والبرامج والأنشطة بمبالغ مالية، والمسؤولية الاجتماعية تعني عدم القيام بأي أنشطة تجارية أو صناعية منافية للأخلاق والقانون، كما تعني تقديم منتجات وخدمات تتناسب جودتها وتكاليفها وتؤدي إلى ارتفاع مستوى حياة المواطن والمقيم، وأخيرا تعني المساهمة في معالجة القضايا المجتمعية من أمراض اجتماعية واقتصادية وثقافية.
متى يدرك مجتمع الأعمال مسؤولياته الكاملة تجاه الوطن؟ ومتى يقوم بها برؤى استراتيجية واضحة تحقق التراكم في العطاء والإنجاز؟ متى يدمج رجل الأعمال السعودي بين مفهومي المسؤولية الاجتماعية الغربي ومفهوم التكافل الإسلامي بطريقة تعزز إحداهما الأخرى؟ كلنا أمل بقرب ذلك خصوصا ونحن نرى جهودا كبيرة ومساهمات أكبر ومفاهيم متميزة، ولاشك أن على مؤسسات المجتمع المدني دورا كبيرا لتعزيز هذه الاتجاهات، حيث عليها أن تعزز الثقة بها بالوفاء بالوعود بالأوقات المحددة.
alakil@hotmail.com