Al Jazirah NewsPaper Wednesday  25/06/2008 G Issue 13054
الاربعاء 21 جمادىالآخرة 1429   العدد  13054
البوارح
لغة الصحافة
د. دلال بنت مخلد الحربي

عندما تطالع الصحافة العربية القديمة وأمثلتها كثيرة من مثل صحيفة أم القرى السعودية، وصحيفة بريد الحجاز التي كانت تصدر في أواخر العهد الهاشمي في الحجاز، وصحيفتي الجنوب العربي والنهضة اللتين كانتا تصدران في عدن في فترة الخمسينيات تجد صفحات مشرقة من خدمة اللغة العربية، فمستوى الكتابة عال جداً، واللغة المستخدمة عربية سليمة قوية التعابير تغوص في عمق اللغة وتستمد من تراثها الكثير، والتي من المؤسف فقدنا الكثير منها بإهمالها واستعمال التعابير السهلة الهينة.

ولا يختلف اثنان على أن الكثير من التعابير وألفاظ الحضارة التي كانت تجري على ألسنة الناس في تلك الفترة الماضية والتي كانت فيها الصحافة هي وسيلة التثقيف الأولى، كانت هي من صنع واجتهاد أسرة الصحافيين، الذين كان لهم الفضل في استخدام القدرة البلاغية وإيصالها، ولم يقتصر الأمر على التعابير بل إن الكثير من المصطلحات التي كانت تستخدم من قبل السياسيين وأهل الفكر هي من صنع الصحافة ورجالها، وبطبيعة الحال لا يغيب عن أذهاننا ونحن نستحضر هذه الفترة أن أسماء من مثل حمد الجاسر، وخير الدين الزركلي، ويوسف ياسين، وأحمد أمين، وأحمد لطفي، وعباس محمود العقاد، وطه حسين، هؤلاء وغيرهم كان لهم الفضل في إنماء ورفع مستوى اللغة عند الناس، بل إن مصطلحاتهم التي استحدثوها دخلت المعجم العربي المعاصر، وهو ما فتح آفاقاً لاستعمال اللغة العربية في مواقع كثيرة بعد أن كان استخدامها محظوراً وبخاصة في البلاد التي كانت ترزح تحت يد الاستعمار.

الآن وبعد أن كانت الشكوى من شيوع العامية في وسائل الإعلام المرئية أرى أن هذا (الخطر) بدأ يزحف نحو الصحافة، فأي مدقق للصحافة حالياً يلاحظ تراجع مستوى اللغة، بل إن بعض الكتاب أصحاب الزوايا تحديداً يستخدم مفرداته من العامية يضعها بين أقواس محددة، وأحياناً تلاحظ أن بعض الأخبار القصيرة تكتب بمستوى لغة هو أقرب إلى العامية. وإذا كنا نتفق بأن إتاحة الفهم لمستويات متعددة هو أمر مطلوب في الصحافة إلا أنه لا يعني بأي حال من الأحوال (تصفية) اللغة العربية، واستخدام العامية لتوضيح أي معنى. وهذا خطر قادم.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5222 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد