أجمعت الدبلوماسية العربية ممثلة في سفرائها في إسبانيا على الأهمية الكبيرة لزيارة ولي العهد الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز - يحفظه الله- لإسبانيا، حيث جاءت هذه الزيارة في الوقت الذي يرعى فيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -يحفظه الله- المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار بمكة المكرمة، ولهذين الحدثين دلالات كثيرة ليس من الصعب على كل ذي بصيرة أن يقف عندها، ويفهم معانيها، خاصة وأنها تأتي من المملكة العربية السعودية التي أصبحت بعون الله محو القضايا العربية والإسلامية، وصار ينظروا إليها على أنها البوصلة الحقيقية المحدودة للأحداث والمؤثرة فيها عربياً وإسلامياً.
ولأن إسبانيا تتميز بين كل الدول الأوروبية بعلاقاتها التاريخية بالعرب والمسلمين حيث تتسم مواقفها في غالبيتها بالإيجابية من حيث الاتزان والموضوعية فقد جاءت زيارة ولي العهد الأمين لتؤكد على هذه الإيجابية، ولتقوي العلاقات الثنائية، بل وتنقلها إلى مرحلة متقدمة من التعاون والثقة المتبادلة. وعلى عكس الرجال العسكريين الذين يتسمون بالصرامة العسكرية، إلا أن سلطان بن عبدالعزيز وهو العسكري الكبير ووزير الدفاع منذ نعومة أظفاره، استطاع أن يجمع بين العسكرية الدبلوماسية ببراعة قل نظيرها، لعل أهم عواملها تلك الابتسامة النموذج التي ترتسم دائماً على محياه الكريم.
هذه الزيارة إذاً تقع في خانة العسكرية، بإطار دبلوماسي محنك، ضمن لوحة أكبر تتمثل في بعد نظر ولي العهد وحكمته، وخبرته الطويلة في ميادين العلاقات الدولية، وهو ما يتيح له قدرة فريدة على استقطاب الجهد إلى جانب الحق العربي، من خلال هذه الدبلوماسية السعودية التي تحمل رسالة عنوانها السلام والمحبة والتسامح، وتدعو بالصوت العالي إلى التعايش السلمي الحقيقي بين الشعوب في العالم بأجمعه، وهذا هو بيت القصيد في مؤتمر مكة، وفي برنامج زيارة الأمير سلطان لإسبانيا وهو ما استطاعت سياسة المملكة أن ترسمه إلى صفحات الأحداث العالمية المعاصرة من أجل الوصول إلى قواسم مشتركة عامة بين العرب والمسلمين من جهة والأمم والشعوب الأخرى من جهة ثانية، ليبقى بعد ذلك الدور الآخر في التعامل مع هذه اليد الحكيمة والممددة، للتصافح، والتعاون، والتعايش بلا حدود.. وتاليتها؟!