ودعت أسرة آل ملحم فقيدها الشيخ عبدالمحسن بن عبدالله الملحم الملقب (أبا خليفة) عن عمر ناهز الثمانين عاماً بعد حياة حافلة بالخير والعطاء. حيث تعلم شيخنا القرآن الكريم في الكتاتيب ثم انتقل إلى الرياض وهو لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره ليعمل مع أخيه أحمد - رحمه الله - في الأعمال التجارية، واستقر به المقام أخيراً في مسقط رأسه الأحساء ليتعدى تجارة الذهب إلى الألماس. أحبابه كثر.. دعا له العلماء وفقده الفقراء، واتصف - رحمه الله - بحسن الخلق وكريم الخصال.. يقدر الصغير ويحترم الكبير، ويقابل الناس بوجه بشوش - رحمه الله -؛ مما أكسبه حب الجميع.. له تواصل كبير مع المساكين والمحتاجين؛ حيث شارك في دعم الجمعيات الخيرية بكافة أنواعها وأنشطتها، وساهم مساهمة فاعلة في دعم الجاليات؛ حيث كانت علاقته بمكتب توعية الجاليات قوية من حيث البذل والعطاء. يقول عنه الشيخ عبدالرحمن بن سليمان الجغيمان مدير مكتب توعية الجاليات بالأحساء: (إن الشيخ عبدالمحسن بن عبدالله الملحم كان أحد المساهمين في المكتب حيث كفل أحد الدعاة الذي نفذ عدداً من الإنجازات الدعوية أبرزها اعتناق 37 شخصاً للإسلام)، كما كان يفتح مجلسه في منزله العامر بالسلمانية لاستقبال الأقارب والأحباب من أسرته وغيرهم وكان مولعاً بحب العلماء ومجالستهم.
كما فتح مزرعته لاستقبال احتفالات الجمعيات الخيرية دون استثناء وبصدر رحب. كما كان له دور ريادي في بناء مجلس أسرة آل ملحم بدعمه المادي والمعنوي مع إخوانه من أبناء الأسرة المباركة التي قام عليها هذا المجلس المبارك والذي يعتز به القاصي والداني. وأصبح العدد الكبير الذي حضر للصلاة عليه من داخل الأحساء أو خارجها وفي تقديم واجب العزاء لأسرته، دليلاً واضحاً على أخلاق الرجل وحسن معاملته للناس دون استثناء.
كان آخر عهدي به هو خلال زيارتي لمجلس أسرة آل ملحم حيث تعقد جلسة نهاية كل شهر بعد صلاة الجمعة لتناول المواضيع الهادفة التي يحرص القائمون عليها على إفادة الجميع، وخلال سلامي له قال: اقترب لأوصيك. قلت: نعم، قال: لا تنم كل مساء حتى تقبل رأس والدتك ويدها فنزلت مني دمعة حارة؛ فقال: احرص ولا تنس ذلك، وهذا أكبر دليل على حبه للوالدين وبرهما؛ فالجنة تحت أقدام الأمهات.. رحم الله شيخنا الجليل وأسكنه فسيح جناته وألهم ذويه الصبر والسلوان ونسأله تعالى أن يجعل في إخوانه وأبنائه الخير العظيم وأن يمد الله في أعمارهم على الطاعة والخير؛ إنه جواد كريم.