الرحلات من أوسع أبواب المعرفة، وكم يود المواطن رؤية مناطق بلاده وزيارتها والتجول في رحاب هذا الوطن ليشاهد ما يمر به من نهضة وتطور ورقي وعمران وتنمية في المجالات كافة.
وفي الأسبوع الماضي دعيت للمشاركة في ندوة اللقاء العلمي للجمعية التاريخية السعودية المنعقدة في منطقة القصيم تحت عنوان (تاريخ القصيم وحضارته عبر العصور)، وفي صباح يوم الاثنين الموافق 14-5- 1429هـ غادرت الرياض متوجهاً نحو مدينة بريدة حاضرة المنطقة التي تبهر الزائر بسباقها مع الزمن وتطورها العمراني. وتوجهنا صوب فندق (موفنبيك) حيث التقينا بالإخوة المشرفين على اللجان المنظمة كاللجنة الإعلامية ولجنة الاستقبال ولجنة ترتيب الجلسات، وقد وجدنا منهم كل حفاوة وترحيب. وفي الساعة الثامنة مساء كان التحرك إلى جامعة القصيم لحضور حفل الافتتاح برعاية صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة القصيم، وقد كان في استقبال المدعوين معالي الأستاذ الدكتور خالد بن عبدالرحمن الحمودي مدير الجامعة وهو على جانب من دماثة الخلق ومكارم الأخلاق. ولقد اشتمل الحفل على كلمة رئيس الجمعية الدكتور عبدالله الزيدان وكلمة أخرى لمعالي مدير الجامعة، ثم تكريم معالي الشيخ محمد بن ناصر العبودي الباحث والمؤرخ والرحالة، ثم قمت بعد ذلك بإلقاء قصيدة تحية لهذا اللقاء العلمي وللقصيم ومدنه ورجاله مطلعها:
حي القصيم مناراً في أصالته
جنانه الخضر فيها الحسن منتصبا
وهي تزيد على خمسين بيتاً. وبعد ذلك تناول الجميع طعام العشاء في ضيافة جامعة القصيم، هذه الجامعة الفتية وبمبانيها الشامخة ذات التصميم الجميل، وجمال منشآتها ومبانيها وحدائقها. ثم غادرنا الجامعة نحو الفندق استعداداً ليوم حافل من الجلسات العلمية في قاعة الفندق، إذ عقدت تسع جلسات كلها عن تاريخ القصيم وحضارته عبر العصور وركائز نهضته العلمية، وعن معجم بلاد القصيم الجغرافي والمنشآت المائية على دروب الحاج المارة بالقصيم، ودراسات آثارية وتاريخية ومعمارية، والرحلات والإجازات العلمية لعلمائه، وأثر قبائل القصيم في الأمصار الإسلامية وبنو عبس في الأندلس نموذجاً، وتاريخ عمران مدنه وتطور حجم سكانها، وكذلك وادي الرمة وأثره في نشأة المراكز الحضرية القديمة في القصيم، والمنشآت المائية في منطقة الجواء بالقصيم، والرحالة الأجانب الذين زاروا هذه المنطقة، إلى غير ذلك من البحوث التاريخية. كما جرى تنظيم جولات ميدانية في المنطقة وزيارة بعض المحافظات والاطلاع على بعض المعالم كالمتحف والبرج والمركز الحضاري ومؤسسة الشيخ محمد بن عثيمين -رحمه الله- ومركز ابن صالح الثقافي. كما تناول الجميع وجبة عشاء في ضيافة الشيخ إبراهيم الربدي في منزله، وكانت ليلة ثقافية حيث الكلمات والقصائد الشعرية.
لقد سعدت كثيراً بما شاهدته في هذه المنطقة من تطور وازدهار في كل منشآتها ومدنها ومراكز العلم والمعرفة والمراكز الثقافية الحضارية في مختلف مدنها ومحافظاتها وكذلك الأعمال الخيرية والإنسانية والاجتماعية. فتحية لهم جميعاً ولكل من يخدم هذا الوطن ولكل من بذل وأعطى من أهل الخير ورجال الأعمال في أي موقع.
حقاً لقد كان هذا اللقاء التاريخي مفيداً حيث فتح باباً أمام الباحثين والمؤرخين في مجالات تاريخية وإثراء هذه الأبحاث والدراسات في تاريخنا الوطني وفي جوانبه كافة. حقق الله الآمال ووفق الجميع. ودام وطني بالعز والأمن مزدهراً.