مبكراً استشعرت المملكة العربية السعودية الأهمية البالغة للبعد الدولي في مجال العلاقات على اعتبار أن العالم أضحى محكوما بالمصالح وتبادل المنافع ولم يعد كافيا الانكفاء على الذات أو الاكتفاء بعلاقات الجوار المحدودة رغم أهمية ذلك النهج.
ولأن المملكة العربية السعودية أصبحت اللاعب الرئيس في مجريات الأحداث الإقليمية والدولية انطلاقا من اهتماماتها وأولوياتها في ايجاد العلاقات المتوازنة منذ نشأتها على يد المغفور له الملك عبدالعزيز فقد حظيت باحترام كبير وتقدير متنام نتيجة تجارب عملية كشفت بجلاء عن حكمة قادة المملكة العربية السعودية في التعامل مع الازمات وفق منهج ثابت يعتمد على حلول جذرية ومبادرات إنسانية ذات أهداف سامية تؤتي أكلها وفقا لتصور الحال، كما ينبغي بعيداً عن ضيق الأفق واعتماد المسكنات عوضاً عن صدقية التناول والإتيان بالحلول الجذرية والشواهد دون شك متعددة وليس المجال مجال حصرها وتعدادها.
بالأمس استقبل الوطن ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز بحفاوة لا تقل عن تلك التي لقيها في إسبانيا بعد رحلة عمل تمخضت كالمعتاد عن اتفاقات تصب في مجملها لصالح الأمة الإسلامية جمعاء، ذلك أن قادة المملكة تعودوا على صدق الطرح ووضوح العرض دون مواربة ولهذا تتصدر المباحثات كل حين قضايا الأمة، وفي الطليعة القضية الفلسطينية، وهو الأمر المزعج لأعداء الإسلام وفي المقدمة إسرائيل ومن سار في ركابها سرا أو جهرا.
ولن نأتي بجديد ونحن نشير إلى أن القضايا المصيرية العربية والإسلامية تحتل الحيز الأكبر من سلة الاهتمامات إبان الزيارات المتلاحقة تليها جوانب العلاقات الثنائية بين المملكة من جهة ومعظم دول العالم.
ففي إسبانيا أعلنت المملكة العربية السعودية عن نية البلدين (إسبانيا والسعودية) طرح مشروع سوق مشتركة أوروبية خليجية خاصة أن المملكة واسبانيا قطعتا شوطاً في تدعيم العلاقة الاقتصادية بين البلدين، إذ وقعتا اثناء زيارة خادم الحرمين الشريفين لاسبانيا العام الماضي على اتفاقية لمنع الازدواج الضريبي كما نمت التجارة والاستثمارات خلال العام بين البلدين بشكل كبير ابرزها الاتفاق على صندوق اسباني يضخ 200 مليون دولار في مشاريع في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية، وهو الأمر الذي حظي باهتمام وسائل الإعلام العالمية بشكل عام والإعلاميين السعوديين والإسبان على وجه الخصوص.
لقد كانت زيارات قادة المملكة العربية السعودية المجدولة عالمياً ذات أثر فعال في تنمية العلاقات ودفع عجلة التقدم في ظل قفزة حضارية تنموية تعيشها المملكة في مجمل نواحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية بعد ان اصبحت قبلة المستثمرين وهي بالأصل قبلة المسلمين فالمدن الاقتصادية إحدى مراحل التحدي ويعول عليها الكثير ذلك أنها ستوفر ملايين فرص العمل لأبناء الوطن وهو الهدف المعلن الرئيس إلى جانب توفير الأمن الاجتماعي ضمن خطط طموحة وعمل دؤوب لتحقيق أهداف سامية بدأت برفع الوعي العام من خلال تزايد أعداد دور التعليم ومؤسساته بمختلف المستويات إضافة لذلك الاهتمام المنقطع النظير بابتعاث الطلاب سيعم نفعه بإذن المولى الوطن والمواطن انطلاقاً من أهمية العلم كونه أساس تقدم ورقي الأمم وطريقها الأمثل لتجاوز الآخرين.
حللت أهلاً ووطئت سهلاً سمو ولي العهد وجزاك الله خير الجزاء.
(*) مدير إدارة الثقافة والتعليم للقوات المسلحة