العدل في القول من صفات المؤمنين والله جل وعلا أمرنا بالاتصاف بهذه الصفة الكريمة فقال: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ}، والعدل في القول يغيب وخصوصاً عند تقييم عمل أو فكرة أو أداء لدى كثير من الناس فلا تجده إلا متتبعاً للأخطاء والنقائص والعيوب وكأنه لا يرى إلا تلك النقائص والعيوب والأخطاء، والواقع أنه يرى الحسنات والإنجازات لكن عينه تعودت على تتبع الزلل والخطأ ودأب لسانه على ذكر ذلك.
لا شك أن ذلك ليس من العدل في القول، بل هو جور وظلم، وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى يقول: (والكلام في الناس يجب أن يكون بعلم وعدل، لا بجهل وظلم، كحال أهل البدع)، كما أن الإمام الذهبي رحمه الله في كتابه (سير أعلام النبلاء)؛ ترجم لأناس من أهل البدع والفسق والإلحاد، ولم يبخسهم حقهم مما اتصفوا به من صفات حسنة!!.
ونحن أمة دينها هو دين العدل، فالله جل وعلا أمر بالعدل مع المشركين الذين صدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيت الله الحرام فقال تعالى: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} .كما أن الله تعالى قال: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِمًا} .وهذا نموذج من نماذج العدل والشواهد في ذلك كثيرة!!
لذا من الضرورة التأكيد على مبدأ العدل في القول ومن الأهمية تربية الناشئة عليه لأن العدل في القول علامة ودليل للعدل في الفعل غالباً والعدل في القول كسب لقلوب الناس ومشاعرهم، فالعادل في قوله وفعله محبوب لأنه لا يجور ولا يتعدى ولا يبخس الناس أشياءهم لأن الناس لا يحبون من يبخس أشياءهم ولا من يتجاهل إنجازاتهم ولا من يكون دائماً كالذباب لا يقع إلا على المكروه لديهم!!.
العدل نهج شرعي ومطلب اجتماعي وداعم كبير لنجاح أي عمل، فكم نحن جميعاً بحاجة إلى إشاعة العدل في القول والفعل في كل من حولنا، وحين يشيع ذلك سنقوم الخطأ ونؤيد الصواب بطريقة مهذبة هينة لينة لبقة لا تحدث كدراً ولا ألماً.
amaljardan@gmail.com