تحقيق - ماجد بن عبدالله الزعاقي *
استعرضنا في الجزء السابق أهمية الالتفاف حول هوية المجتمع الدينية والثقافية وخطورة السلوكيات والعادات التي تمثل نواقيس خطر للمهتمين بالمآل الثقافي والفكري. كما يسرنا استكمال طرحنا ببيان مكانة شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالنسبة لهوية المجتمع ودور هذه الشعيرة في حفظ هوية المجتمع.
مكانة الشعيرة
بداية بيّن أ.د. عبدالله بن إبراهيم اللحيدان رئيس قسم الدعوة بكلية الدعوة والإعلام بجامعة الإمام ورئيس الجمعية السعودية للدراسات الدعوية مكانة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الشريعة الإسلامية بقوله إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو حياة القلوب والأبدان، به صلاح الفرد والمجتمع ومنزلته من دين الإسلام عظيمة فهو من خصائص هذه الأمة ومن أسباب خيريتها كما في قوله تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} الآية، وهي من أخص صفات نبينا عليه الصلاة والسلام في الكتب المنزلة التي بشرت برسالته قال تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ} الآية، ومن صفات عباد الله المؤمنين أنهم يأمرون وينهون قال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ }الآية، وفي مقابل ذلك بيّن الباري جل وعلا أن أخص صفات المنافقين بضد ذلك فهم يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف قال تعالى: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ}، وقد ورد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في غير موضع من كتاب الله تعالى مدحا لأهله القائمين به وذما لمن فرط فيه وتكاسل عنه قال تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} وقال تعالى عن بني إسرائيل: {كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ}.
وأضاف الدكتور اللحيدان وهذه الشعيرة العظيمة جاء بها الرسل عليهم الصلاة والسلام فكانوا يأمرون أقواهم بأعظم معروف وهو توحيد الله جل وعلا وإفراده بالعبادة وينهونهم عن أعظم منكر وهو الشرك بالله وفرضها الله على الأمم السابقة قال تعالى {لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ * يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ}، وهي دأب عباد الله الصالحين وبها يتواصون كما جاء في وصايا لقمان إذ يوصي ولده بقوله:{يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}واختص الله أمة محمد صلى الله عليه وسلم بالخيرية المطلقة والهداية التامة فهي تأمر بكل معروف وتنهى عن كل منكر لكل أحد إلى قيام الساعة.
وخلص فضيلته إلى أن الأمر والنهي في هذه الأمة لا يقف عند حد الزمان أو المكان والتبعة في الأمر والنهي على كل أحد كل بحسبه ولا يخرج أحد من عموم النصوص الواردة في الكتاب والسنة والنصوص الواردة في التعاون على البر والتقوى والتواصي بالحق عامة مطلقة وهي سمة للمجتمع المسلم ومن خلال ما تقدم من النصوص يتبين لنا عظيم منزلة هذه الشعيرة كما يمكن أيضا أن نتبين مكانتها في الإسلام في أن الإنسان كما قال العلماء مدني بالطبع وإذا اجتمع الناس فلا بد لهم من أمور يفعلونها يجلبون بها المصلحة وأمور يجتنبونها لما فيها من المفسدة ولا بد أن يكونوا مطيعين لمن يأمرهم بالمصلحة وينهاهم عن المفسدة فترتب عليها أن بين آدم كلهم لا بد لهم من طائفة تأمرهم وتنهاهم، وكل بشر على وجه الأرض فلا بد له في سائر أحواله من ثلاثة أشياء: أمر يمتثله وأمر يجتنبه وقدر يرضى به. وإن في قول النبي صلى الله عليه وسلم (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) دليلا واضحا على فرضية الأمر ولزومه وأهميته في بناء المجتمع المسلم وحفظه من كل ما يخدشه أو يعكر صفو حياته، فالمرتبة الثالثة وهي الإنكار بالقلب فرض على كل مسلم ومرتبة اللسان أن قدر عليها فيلزمه القيام بها بالطريقة الشرعية إذ يلزمه العلم قبل الأمر والنهي والرفق أثناءه والصبر بعده واليد إن كان له ولاية على من يحتسب عليه ولذلك فلا يتصور أن يكون ثمة مسلماً لا يقوم بالأمر والنهي ولذلك قيل لابن مسعود: من ميت الأحياء؟ قال: الذي لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا. والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عام مطلق ويبدأ من البيت فكل عليه مسؤوليته وقد جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم قال: (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم عليها وهم أبناء عشر)، ومن هنا فشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عقيدة راسخة، يتربى عليها الصغير والكبير وقد شرعها الإسلام ووضع لها من الضوابط والآداب التي تجعلها سببا رئيسا في صلاح المجتمع. وقد عني بها العلماء قديما وحديثا وضمنوها كتب العقائد إذ هي أحد أصول معتقد أهل السنة والجماعة قال شيخ الإسلام في الواسطية: ثم هم - أي أهل السنة والجماعة - مع هذه الأصول يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر على ما توجبه الشريعة. وفصل العلماء أحكامها ومراتبها في كتب الفقه.وتعظيم هذه الشعيرة في نفوس المسلمين وبيان خطورة ترك الأمر والنهي من أهم المهمات ومن أوجب الواجبات في العصر الحاضر، ولقد قوضت أمم سابقة بتركها الأمر والنهي فلعنهم الله ومقتهم ما قص علينا القرآن الكريم من حال بني إسرائيل وغيرهم ونجحت أمم من عذاب الله بقيامها بهذه الشعيرة قال تعالى {فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ } وسنة الله في عباده أن العقوبة إذا نزلت نجا منها الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر، وجاء في السنة التحذير من ترك الأمر والنهي فعن أبي بكر رضي الله عنه سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول (إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه). ولم يسلم أحد من ذلك ولو كان من العبّاد كما ذكر الإمام أحمد وغيره أثرا أن الله سبحانه أوحى إلى ملك من الملائكة أن أخسف بقرية كذا وكذا فقال: يا رب كيف وفيهم فلان العابد فقال: به فابدأ فإنه لم يتمعر وجهه في يوما قط فمن رام الحياة الطيبة والسعادة والأمان ليدرك أهمية هذه الشعيرة ويعمل بها وليكن عونا لأهلها العاملين بها، ومن رام غير ذلك فما ثم إلا الخيبة والخسران والله المستعان.
الحسبة والهوية
وعن دور شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في حفظ هوية المجتمع يقول الدكتور عبدالله بن محمد العمرو عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية تتمثل هوية الإنسان في العقيدة التي يؤمن بها، والقيم والأخلاق التي يعتز بها ويصدر عنها. وعلى قدر جلاء هذه المنطلقات لدى المسلم واستقرارها في قلبه، ورسوخها في نفسه، يكون أثرها في صياغة شخصيته وتوجيه فكره وتقويم سلوكه وحفزه إلى المثل العليا والقيم الصالحة والأعمال الإيجابية المثمرة.
وأضاف فالهوية هي الرابط بين أفراد المجتمع والتي متى فقدت تشتت وساده التنازع والاختلاف ومن حق المسلم أن يتيه عزا وفخرا بانتمائه إلى أكمل دين وخير كتاب وأفضل رسول صلى الله عليه وسلم وفي القرآن الكريم تعظيم لهذه الهوية وتوجيه للفرح بالانتساب إليها قال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (33) سورة فصلت، فالمسلم يملك أجل رصيدا معنويا، من الحقائق العقدية والتشريعات الربانية والقيم الخلقية والتي يفقدها الآخرون مع مسيس حاجتهم إليها وظهور الخلل فيهم بسبب فقدها والمسلم الحق الذي يعرف قدر ما يملكه ويستشعر منة الله تعالى عليه بما هداه إليه لا يرضى أن يشوب هويته ما يشينها أو يشوه صورتها ويعكر صفوها كما أنه يحزنه أن يحس من نفسه شيئا من الأعراض عن أمر الله أو البعد عن شريعته وإن كان التقصير والخطأ من لوازم بشريته ولذا يسره ما يقوم به الحداة على طريق الخير، الآمرون بالمعروف الناهون عن المنكر لأنهم يبعدونه عن ساحة الجفوة ويرغبونه في الاستجابة لأمر الله تعالى والاستقامة على طاعته، ويوثقون صلته بمبادئه وقيمه وهويته. ولما كان من طبيعة النفوس الميل مع الشهوات العاجلة والتفلت - أحياناً - من التكاليف الشرعية، ومجافاة الفضائل الخلقية يأتي دور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حارسا أمينا ليعيد للفرد والمجتمع لتوازنه وصلته بمستلزمات هويته - عقيدة وشريعة وأخلاقاً - فهو يقوي بواعث الخير في نفس الإنسان ويرغبه في طريق الطاعة والفضيلة ويوصد أبواب الشر والفساد أمامه فينهض المسلم للخيرات ويسارع إلى الطاعات ويتباعد عن الرذائل وينأى بنفسه عن مسالك الفكر المنحرف. والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يقوي أواصر المجتمع ويزيد من ترابطه وائتلافه، وينمي الفضائل فيه، والفضيلة متى كثرت في المجتمع وسهلت طرقها وكثر الفاعلون لها، قوى الدافع لها، والباعث عليها.
وأردف الدكتور العمرو ولعل من أوضح ما يجلي أثر شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في حفظ هوية المجتمع، ما نراه من تفوق هذا المجتمع الذي نعيش في كنفه - لأخذه بهذه الشعيرة - على سائر المجتمعات الأخرى في جلاء مسائل الاعتقاد والعبادة وفي شيوع الممارسات الخلقية الفاضلة من كافة شرائح المجتمع بما لا نظير له في غيره من المجتمعات. وإذا وجد اليوم في بنية المجتمع بعض الأورام غير الحميدة ولا سيما من بعض المنابر الإعلامية، فإن المؤمل المبادرة الى سرعة علاجها إعمالاً للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإلا فيوشك أن تُضر بجسم المجتمع ولُحمته وهويته.
الحفاظ على الهوية
من جانبه أوضح الشيخ خالد بن عبدالله الشافي المستشار بمركز البحوث والدراسات بالرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دور هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الحفاظ على الهوية فيقول الحقيقة التي لا يختلف عليها أحد أن لكل أمة ومجتمع هوية ينضوي تحت لوائها ويلتزم مبادئها وهذا لا تختص به أمة دون أمة أو مجتمع دون مجتمع، وتكاد تكون المحافظة على الهوية أياً كان ماهيتها وأساسها ومبادئها يكاد أن يكون أمرا فطريا، ولكن المستغرب هو التنكر لهذه الهوية من قبل بعض الأفراد فقضية الهوية قضية محورية، يبحث عنها ويتحدث عنها كل الناس، فكل مجتمع أو أمة تعوزها الهوية المتميزة ليمكنها المحافظة على وجودها، فبها يحفظ سياج الشخصية، وبدونها يتحول الإنسان إلى كائن تافه فارغ غافل تابع مقلد، فللهوية علاقة أساسية وسببية مباشرة بمعتقدات الفرد ومسلماتها الفكرية. فهوية الفرد هي التي تحدد سماته الشخصية فتجعله إنساناً ذا قيمة ولحياته معنى، فكما أن للإنسان هوية كذلك للمجتمع وللدول والأمم هوية تميزها عن غيرها فالمجتمع المسلم يختلف عن المجتمع الغربي فلكل منهما مميزاته وقيمه ومبادئه وفكره الفلسفي. ومن هنا يمكننا أن نعرّف الهوية بأنها: تعريف الإنسان بنفسه فكراً وثقافة وأسلوب حياة.. أو هي مجموعة الأوصاف والسلوكيات التي تميز الشخص عن غيره. ومن المعلوم أن هناك علاقة ترابطية بين هوية الفرد والمجتمع فإذا توافقت هوية الفرد مع هوية مجتمعه كان الأمن والطمأنينة والإحساس بالانتماء حقيقة ومعنى، وإذا تصادمت الهويات كانت الأزمة والاغتراب. والشعور بالدونية وروح الانهزامية ورحلة البحث عن البديل الملفق، والصورة المستعارة فالهوية هي التي تتبناها النفس، ويعتز الإنسان بالانتساب إليها، والانتماء لها، والانتصار لها، والموالاة والمعاداة على أساسها، وفيها تتحدد شخصية المنتمي وسلوكه، وعلى أساسها يفاضل بين البدائل، هل هو ما يتفق مع مبادئه وقيمها وعقيدته أم هو البديل المستور والهوية الملفقة التي تنبني على الانهزامية والخواء الروحي. وإن مقومات الهوية هي العناصر التي تجتمع عليها الأمة بمختلف أقطارها من وحدة عقيدة، ووحدة تاريخ، ووحدة اللغة، والموقع الجغرافي المتميز المتماسك، ولكن أعظمها شأناً وأرفعها درجة وأعلاها رتبة ومقاماً هي العقيدة والتي يمكن أن يذوب فيها بقية العناصر.
وبيّن الشافي أن الهوية الإسلامية في الحقيقة هي الانتماء إلى الله ورسوله إلى دين الإسلام وعقيدة التوحيد التي أكمل الله لنا بها الدين وأتم علينا بها النعمة، وجعلنا بها الأمة الوسط وخير أمة أخرجت للناس، وصبغنا بفضلها بخير صبغة فكانت لنا خير شرعة ومنهاجاً. وإذا كانت الهوية بمثل هذه المثابة والمكانة كان لزاماً أن يتضافر المجتمع بكل مكوناته على المحافظة على هويته والاعتزاز بها ودرء كل ما يخل بها أو يقدم في صوتها، وتعظم المسؤولية في حق الحكام والعلماء وحملة الشريعة والفكر والقلم والتربية والتعليم ونخب المجتمع على اختلافها، فبمقدار التفريط بمبادئ تلك الهوية وأسسها وقواعدها يكون ضريبة ذلك خلخلة المجتمع وتقويض بنائه والزج بها في ردهات الفوضى العقدية والفكرية والأخلاقية.
العلاج
وفي الوقت نفسه فإن من أعظم الوسائل والأساليب التي يُستدفع بها ضعف الهوية الإسلامية رفع راية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإعلاء لوائه وإعزاز جانبه يقول الشافي فهو يعني الصيانة المستمرة للمجتمع وينفي عنه خبث كل فعل وسلوك ذميم فالأمر والنهي كما أنه شعيرة ربانية عظيمة تحفظ هوية المجتمع فهو أحد أهم أدوات الضبط الاجتماعي التي تسهم بدور مهم في الحفاظ على الهوية الإسلامية ففي مجال العقيدة يقاوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الانحراف في العقيدة بالتصدي لكل ما يخل بجناب التوحيد وصفاء المعتقد، وينابذ صور البدعة والمحدثات في الدين كالاحتفال بالأعياد والأيام البدعية من يوم المولد وعيد الأم، وعيد الميلاد أو الوثنية كعيد الحب، ورأس السنة، وغيرها التي يعني فشوها وانتشارها فقد الأمة لجانب من هويتها وهو الأهم على الإطلاق، وفي مجال السلوك وبعض الأفعال والتصرفات نجد التقليد الأعمى من بعض الشباب والفتيات للغرب في أخلاقه وسلوكه وتصرفاته فلم تعد المرجعية للإسلام هل يقر تلك السلوكيات والأفعال أم لا بل نجد الانسياق وراءها دون تبصر أو علم وهدى، ولا شك أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يكون دوره هنا في رد هؤلاء المفتونين إلى جادة الصواب من خلال التوجيه والنصح والأخذ على أيدهم، وتلك السلوكيات لا يمكننا حصرها سوء كانت في السلوك الشخصي أو الملبس أو المظهر، أو الاهتمامات والنظرة للمجتمع وأفراده، وتجاوز البعض إلى صور من تلك السلوكيات تفتقر إلى الحياء والأدب بل تعدى الأمر إلى والتشبه بالجنس الآخر ومحاكاته فذهبت كل معاني الرجولة والخلق الكريم. وللمحافظة على الهوية لا يقف عند هذا الحد بل يلامس كل مكونات الهوية فلا يقف عند المحافظة على العقيدة والقيم والسلوك فمحاولات طمس الهوية امتدت إلى التشريع والحكم واللغة الأدب، فمن ثوابت الهوية الإسلامية والحضارية التحاكم لشرع الله المبين والرضاء والتسليم بها وجعلها واقعاً معاشا في كافة مناحي الحياة، وفي اللغة الأدب نجد الجهود المتلاحقة لطمس هوية الأمة من خلال أطروحات الحداثة وغيرها مما لفظها المجتمع ومجها. فتغريب اللغة واللسان.
وخلص الشافي إلى أن الهوية الإسلامية تشمل جوانب الحياة ومناحيها كلها دون استثناء في العقيدة والحكم والتشريع والقيم والسلوك والأسرة واللغة والأدب.
ونوه فضيلته بما تنعم به هذه البلاد في المحافظة على الهوية الإسلامية والاعتزاز بها والانضواء تحت لوائها في العقيدة والحكم والتشريع والإدارة واللغة والأدب والقيم والسلوك، ولا يعني ذلك غياب الخلل وادعاء الكامل فهذا لا يقول به عاقل بل المقصود العموم والسمة الغالية، ومما ميز الله هذه الدولة المباركة حرسها الله - وحفظ قادتها - وجود شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ووجود جهاز له نظامه وكيانه وصلاحياته وهو - الرئاسة العامة لهيئة الأمر المعروف والنهي عن المنكر لقيوم بدوره الفاعل في الحفاظ على الهوية بتعاون وتكامل مع بقية أجهزة الدولة ومؤسسات المجتمع وهذا ظاهر بحمد الله، حفظ الله هذه البلاد ووفق قادتها لكل خير وأدام عليه أمنها واستقرارها إنه خير مسؤول.
* إدارة العلاقات العامة والإعلام بالرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر