Al Jazirah NewsPaper Friday  13/06/2008 G Issue 13042
الجمعة 09 جمادىالآخرة 1429   العدد  13042
أهيب بقومي
ستون عاماً بعد النكبة «3-5» الثورة العربية الكبرى ومرارة الحصاد
بقلم: فائز موسى البدراني الحربي

إنها الثورة التي قام بها العرب ضد الدولة العثمانية، وكان شعارها الظاهري استقلال العرب وإنهاء تبعيتهم للدولة العثمانية، في حين كان باطنها خدمة بريطانيا وحلفائها من خلال إسقاط الخلافة العثمانية، التي وحدت الأمة الإسلامية والعربية لعدة قرون،....

.... وحالت دون تحقيق المصالح والمطامع الأوربية في الشرق المسلم.وقد بدأت بذرة الثورة العربية بعد إعلان الدستور التركي وقيام حزب الاتحاد والترقي عام 1908م، وتبلورت جذوتها بعد انكسار العثمانيين في الحرب البلقانية عام 1912م، وبعد عمل استخباراتي دؤوب من أجل تأليب بعض زعماء العرب للثورة على تركيا، انطلقت رصاصة الثورة من قبل الشريف حسين في مكة بتاريخ 9 شعبان 1334هـ (10 يونيو 1916م)، لتبدأ بعد ذلك ثورة عارمة في الحجاز وفي غيره من الأقطار العربية ضد الأتراك وحامياتهم. ولتنتهي هذه الثورة بإنهاء الوجود التركي، وبهزيمة تركيا في الحرب العالمية الأولى عام 1918م.

لكن الذي ربما لا يدركه الكثير من العرب حتى الآن أن تلك الثورة وتلك المطالبات لم تكن في الحقيقة أو في معظمها إلاَّ بتحريض من البريطانيين الذين بعثوا القوميتين التركية والعربية لضرب العرب والأتراك المسلمين ببعضهم ضمن خطة إسقاط تركيا واحتلال بلاد العرب، والدليل أن بريطانيا التي دعمت ذلك التوجه القومي العربي وقام دعاتها في المنطقة بإعطاء الوعود البراقة للزعماء العرب المطالبين بالاستقلال، قامت في أوج ذلك الاندفاع العربي، بتوقيع معاهدة سايكس بيكو مع الفرنسيين لتقسيم المنطقة في 16-5- 1916م، فعملت على إسقاط أول مشروع عربي للاستقلال والوحدة.

ففي التاريخ المشار إليه وقعت الحكومتان البريطانية والفرنسية اتفاقية سرية عرفت باتفاقية سايكس - بيكو، واقتسمت الدولتان بموجبها البلدان العربية التي تخلت عنها تركيا إثر هزيمتها في الثورة العربية وفي الحرب العالمية الأولى، فاحتلت بريطانيا فلسطين والأردن والعراق، واحتلت فرنسا سوريا ولبنان، ومن باب ذر الرماد في العيون أطلق الإعلام الغربي ومن بعده العربي على ذلك الاحتلال مصطلحات أكثر قبولاً من الاحتلال مثل: الاستعمار، أو الانتداب، أو غير ذلك.

وتلت ذلك خطوة أكثر خطورة وخبثاً وهي إقدام بريطانيا على تبني المشروع الصهيوني الغربي المتمثل بإقامة وطن لليهود على أرض فلسطين، وإقامة دولة يهود معادية للعالم العربي، فأعلن وزير خارجيتها آرثر بلفور الوعد بذلك بتاريخ الثاني من تشرين الثاني عام 1917م.

ويرى كثير من المحللين أن هذا الوعد بالإضافة إلى هدفه الرئيس وهو إقامة دولة مستقلة تجمع شتات يهود العالم، فإن بريطانيا وحلفاءها كان لهم هدف آخر لا يقل أهمية وهو إضعاف العرب والمسلمين، والحيلولة دون أن يكون لهم كيان قوي يكون قادراً على مجابهة الغرب المسيحي، وهذا لا يتحقق إلاَّ من خلال الأهداف التالية:

1- الحيلولة دون الوحدة الوطنية الحقيقية للأقطار العربية، من خلال إحياء الخلافات السياسية والجغرافية، وزرع بذور التفرقة، وإثارة الفتن الطائفية والمذهبية والعرقية.

2- الحيلولة دون نهوض تلك الأقطار، وإبقائها في حالة مستمرة من التخلف العلمي والصناعي والاقتصادي.

3- الحيلولة دون حصول العرب على قدرات عسكرية متطورة، ومنعهم من الحصول على أسلحة حديثة أو تطوير أسلحتهم الذاتية.

وقد وفت الدول الغربية الكبرى بالتزاماتها تلك، ونجحت في تحقيق أهدافها، ووقع العرب ضحية للتحالف الغربي الصهيوني.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد