الجزيرة الثقافية
في قبضة المجرى.. ربما يكون الديوان الأول للمبدعة السعودية مها بنت حليم.. هذا الاسم الذي اقتحم وعي ما فينا من مساحات شعر وذائقة جمال.. ولعلي أكون منصفاً حال تقريري أن هذا الديوان وإن كان الأول للأستاذة مها.. إلا أنه لن يكون عملاً تجريبياً كعادة الولادات الأولى.. إنه حصيلة تشي بمخزون مكتنز يتزايد اتقاد ولادته.. من الوهلة الأولى يقتادك سؤال الاستفتاح ب(في قبضة المجرى).. لينتهيك بتخيلات البحث عنك فيك.. ربما كنت أنت المجرى وربما كنت القبضة.. يتكثف المعنى بوحي التشكيل في لوحة الغلاف.. لتتيقن أن اللوحة بوح كلمات اللون.. في حين تتهاوى كلماتنا ألوان ووجع ما فينا من حكايات..
(تفاصيل عجز النهر والشجرة والأنثى أمام سطوة الأمكنة) وكأن المبدعة مها وهي تدون هذا الاعتراف تقرّر حتمية الإشكال فيما سيتضمنه الديوان من قصائد وتجليات، تستنطق عبور الرمز وفق تفاصيل ما يسكننا على كوكب الشِّعر والشعور.
وأنت تدلف إلى أولى همسات الضوء الأبيض في الشاعرة مها عبر القصيدة - العنوان (في قبضة المجرى).. فستجدها مثلما هي طازجية النبض الأول للكتابة: تجدني منسوجة في المدى وأجدك منسوجاً في الغياب عدماً متراصاً. وتضيف: لن أموت قبل أن يكتمل المشهد وأجد في الكمال ألماً يليق بي. لتختم ب: قلت علّني أجدك مددت يدي خلال العتمة، صافحك قلبي لكني لم أجدك، لم أجد أحداً.. بهذه المرارة المستطابة وكأنها قصيدة شاذلية الرمز محمد الثبيتي..
تصافحنا المبدعة مها بنت حليم.. لترتب عبث الوجع الذي يلتحف صبر الغياب في ضمير فقدنا.. ثم لا نعرفه حال سؤالنا عنه.. وهكذا تهمي غيمات الأنفاس في بقية الديوان المشتمل على نحو خمس عشرة قصيدة.. أثثتها على نحو لا يليق إلا بمبدع حقيقي جاء مخلوقاً شعرياً مكتمل الملامح.. مها بنت حليم تقرئكم الشعر وبوح الأمكنة..
وتقول لكم إنها في قبضة المجرى.. في قبضة الشعر.