لا يمكن لدولة كمملكة إسبانيا أن تكون خارج خارطة الاهتمام السعودي في علاقاتها الدولية المتنامية، أو أن ينظر إليها من القيادة السعودية على أنها ليست داخل دائرة الأولويات في جسر التعاون القائم بينها وبين الدول الأخرى.
***
فإسبانيا بملكها وأمير استورياس ورئيس الوزراء والحكومة والشعب تملك رصيداً هائلاً يؤهلها لأن تكون الدولة المحظوظة بحرص الدول على بناء أوثق علاقات التعاون معها، بل وأن يتواصل التفاهم واللقاءات بينها وبين الدول الأخرى حرصاً على تحقيق ما يعزز هذا النوع من التفاهم والتعاون معها.
***
وحين يزور سمو ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز مدريد ويلتقي بجلالة الملك خوان كارلوس وبالأمير فليبي دي بور بون وبرئيس الوزراء خوسيه لويس ثاباتيرو، ويجري معهم مباحثات مهمة، ويتفق على دعم التعاون بين المملكتين، بما في ذلك توقيع مذكرة تفاهم في مجال الدفاع، فسموه بهذا إنما يواصل ويتواصل مع ما تم التفاهم عليه خلال زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لمدريد العام الماضي وزيارة العاهل الإسباني للمملكة هذا العام.
***
وعادة ما تكتسب الزيارات الرسمية واللقاءات الثنائية بين مسؤولي الدول الصديقة من الأهمية ذلك القدر الذي يخدم المصالح المشتركة للدولتين، وبخاصة حين يكون الضيف الزائر بحجم ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز وبمكانة دولة كبرى ومهمة هي المملكة العربية السعودية، حيث ينظر إلى المملكة بملكها وولي عهدها وشعبها على أنها دولة يعتمد عليها ويوثق بها، وتحرص الدول على تعزيز صداقتها معها.
***
إن زيارة سلطان بن عبدالعزيز لمدريد ومباحثاته مع كبار مسؤوليها، وإنجازه للكثير من فرص التعاون العسكري والاقتصادي والثقافي والسياسي خلال هذه الزيارة، ضمن خطة رسمها العاهلان الملك عبدالله والملك خوان كارلوس خلال تبادل الزيارات فيما بينهما، تعد واحدة من الزيارات التاريخية لمملكة إسبانيا، وهي بالمنظور الواقعي والموضوعي تضيف بعداً مستقبلياً مهماً للعلاقات الثنائية بين الرياض ومدريد.
***
وقد يكون من السابق لأوانه وفق رؤية البعض أن تقيَّم الزيارة في بدايتها ومع وصول سمو ولي العهد إلى العاصمة الإسبانية، لكن من يتابع اللقاءات والمباحثات والاهتمام الإعلامي المكثف بالزيارة، يدرك أن التفاؤل الذي يصاحب الزيارة لم يأت من فراغ، وإنما هو استلهام من معطيات النجاح التي تحققت في كل اللقاءات الثنائية بين بلدينا.
***
ولعل ما أُعلن عنه من نتائج عن زيارة سمو ولي العهد خلال يوم أمس وأمس الأول يظهر أن حجم التوقعات من النجاح الذي سبق بدء الزيارة كان في محله، وأن سلطان بن عبدالعزيز الذي بدأ زيارته بنقل تحيات خادم الحرمين الشريفين إلى ملك وشعب إسبانيا سيعود غداً - إن شاء الله - إلى جدة حاملاً معه إلى الشعب السعودي قدراً كبيراً من تفاهمات تخدم الأمة وتعزز من فرص التعاون بين المملكة وإسبانيا في مختلف المجالات، ما لا حاجة لنا للقول بغير أن زيارة كهذه قد أعطت أفضل الفرص من حيث الزمان والمكان للتعاون الثنائي المشترك بين المملكتين الصديقتين.