انتصف العام...
أوشكت أن تقضي منه ستة شهور...
بعدها لحظة لحظة... ثانية في عمر الدقيقة... ودقيقة في عمر الساعة... وساعة في عمر اليوم...
ويوم في عمر الأسبوع... وهو في عمر الشهر... وهذا في عمر السنة...
كلها زمن يمرق بنا إلى منتهانا...
موغلون في الرحيل... وهو يتجذّر في هذا الوقت منا...
والصفحات أمامنا بأيِّ الأحبار نسجناها... وبأيِّ الأفعال رسمناها... وبأيِّ الأحلام مضينا بها...؟
مهلك هذا الهاجس في فراغنا...
مرهق هذا الأرق بقصورنا...
محبط هذا الواقع لصحائفنا...
غير أنّ بصيصاً من النور يعترينا فنبقى نتحرك وننسى لبرهة بل لساعات... وتتحوّل بين أيدينا تقاسيم الوقت
طويلة متعرّجة باسطة لنا دروباً من الآمال... مانحة لنا أخيلة من الآماد... واهبة لنا برداً من سكينة اطمئنان لغد سنعمل... ولغد سنقول... وتمر بنا كما التي سبقت... حتى إذا ما دهمنا يأس أو ألمّت بنا كروب... أدركنا أننا بالآمال فقدنا زمناً طويلاً لا يعود البتة...
كنت أفكر في أمر الكتابة لهذا اليوم...
وقعت عيناي على وردة بيضاء كانت حفيدتي الصغيرة قد قطفتها لي في الصباح...
وجدتها ذابلة آيلة للانتهاء...
نظرت في تفاصيل خطوطها...
حسبت لحظة انتشائها ولحظة انطفائها...
تخيّلت العمر كيف يمرق...
فإذا بورقة التأريخ تنبئ بأنّه الشهر السادس في عمر السنة...
مرق الوقت فما الذي أخذ معه...؟
وما الذي بقى منه...؟
وبأيِّ الأحمال غادرنا...؟
وما الذي سيقول عنا... ؟