Al Jazirah NewsPaper Saturday  07/06/2008 G Issue 13036
السبت 03 جمادىالآخرة 1429   العدد  13036
مستعجل
عقدة الوظيفة الحكومية
عبد الرحمن بن سعد السماري

مشكلة التعلق بالوظيفة.. وربما الوظيفة الحكومية.. ليست مشكلة شبابنا الخريجين أو غير الخريجين.. بل هي ثقافة ورثوها من الآباء والأمهات.

** فالآباء.. متعلقون بالعمل الحكومي لدرجة لا يمكن تصديقها.. حتى أن أكثرهم.. متى أقبل على الستين.. صار يُشغل وساطاته وشفاعاته.. ويُحرج هذا وذاك.. لعله يُمدَّد له سنة أو سنتين.

** بعضهم.. عندما يقترب من الستين.. يُصاب بحالة تشبه المرض.. بل إن بعضهم يُصاب بشيء يشبه (الخفّة) ويترك الأكل.. ويعتريه شيء مثل (الوسوسة) و(ضيقة الصدر) ويعتزل الناس و(تشين) نفسه.. لماذا؟

** لأنه قارب سن التقاعد.. ولأنه سيترك الوظيفة..

** أكثر هؤلاء بخير.. وألف خير.. وعنده عشرات الملايين.. وعشرات المنح وآلاف الأسهم.. ويستطيع أن يعيش في أفضل حال.. ومع ذلك.. هو يريد الوظيفة.. ولا يتصور نفسه بدون وظيفة.

** بل إن بعضهم.. تقاعد وقُوعد وطُرد من الوظيفة.. وأُعطي إخلاء طرف ومعاشاً تقاعدياً.. وصُفِّي له.. ومع ذلك (يَرْتَزْ) كل صباح.. ومنذ الساعة السابعة صباحاً على كرسي الوظيفة.. بمعنى.. أنه يسبق الموظف الذي خلفه على الكرسي..

** وبعضهم يتردد على الدائرة كل يوم.. ويتمشى في الممرات.. ويساعد المراجعين والموظفين.. ولا ينصرف إلا قرابة العصر.

** وبعضهم.. يُصاب بمرض متى ترك الوظيفة.. وتتناقص حالته الصحية وتتراجع بشكل ملحوظ.. لماذا؟

** لأنه ترك الوظيفة.. أو تركته الوظيفة..

** وبعضهم يسقط في المكتب آخر يوم في الدوام (يطيح) بين الموظفين.. ويشيلونه للمستشفى.

** أكثر هؤلاء كما قلت.. أمورهم بخير.. بل إن بعضهم يزيد راتبه متى تقاعد.. وحتى من لا يزيد راتبه.. تجده خدم (40) سنة.. وسيحصل على المرتب كاملاً.. فأين المشكلة؟!

** هذه الثقافة.. ثقافة التعلق بالوظيفة الحكومية.. انسحبت على الأولاد والبنات.. وأصبح الخريج.. أو حتى خريج الثانوي.. لا يريد إلا الوظيفة الحكومية.. حتى لو جاءت شركة كبرى أو مؤسسة معروفة وأعطته عشرين ألف ريال.. تركها وذهب وتوظف في وظيفة حكومية بـ(2000) ريال فقط لا غير.

** لا أدري.. سر التعلق بالوظيفة الحكومية.. ولماذا نحن هكذا.. لا نعرف غير الوظائف؟

** الأجانب.. شغلوا كل المناشط التجارية.. ويدخل أكثرهم في اليوم ما لا تدخله الوظيفة الحكومية في سنة أو سنتين.

** نحن (ماسكين) العمل الحكومي.. ومتمسكون به..

** والأجانب (مسكوا) التجارة.. وصارت التحويلات السنوية بعشرات المليارات للخارج.. ونحن زبائن دائمين لشركات التقسيط.. وزبائن دائمين للحقوق المدنية والمحاكم.. لعجزنا عن سداد الأقساط.

** هناك عقدة اسمها.. عقدة الوظيفة الحكومية.

** نحن لا نريد إلا وظيفة حكومية فقط.. ونحن لا نرى أي عمل آخر.

** بل إن الشاب الذي يشتغل في التجارة ويدخل يومياً ما لا يدخله زميله الجامعي في سنة.. يُرفض عند الخطبة.. لأنه لا يملك وظيفة حكومية.. ويقبل الموظف لأن لديه وظيفة فقط.. حتى لو كان على بند الأجور..!! إذ إن أول سؤال يسأله والد البنت.. هل هو موظف؟ وأين؟ يعني.. أي وزارة..؟! يخشى أن يكون موظفاً في شركة.

** هذه مشكلتنا..

** وهذه عقدتنا..

** الوظيفة الحكومية وبس..!!

** ترى.. هل نحتاج إلى مؤتمرات وندوات لتصحيح الصورة في عقولنا؟

** أم نحتاج إلى دورات تأهيلية؟

** أم نحتاج إلى أطباء نفسيين؟

** أم أن المسألة متأصلة ولا ينفع معها حتى الفأس و(الفارُوع)؟!.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5076 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد