مدريد - موفد (الجزيرة) - سعد العجيبان
تستقبل مملكة إسبانيا ضيفا عزيزا من بلد عزيز في ظرف دولي متنوع الملفات الساخنة على المستويات العربية والإسلامية والدولية.
وتترقب الأوساط الرسمية الإسبانية زيارة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام التي تبدأ اليوم لإسبانيا.
وتقابل زيارة سمو ولي العهد بترحيب كبير من الجانب الإسباني بحسب ما أعلنه صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز سفير خادم الحرمين الشريفين لدى إسبانيا.
علاقات تاريخية وثيقة
تربط المملكة وإسبانيا علاقات تاريخية وثيقة.. تعود إلى عدة عقود.. وكانت أول معاهدة صداقة بين البلدين وقعت في العام 1961 من الميلاد.. وتنامت أوجه التعاون بين البلدين في مختلف المجالات.. مستندة على رؤية مشتركة لكثير من القضايا الدولية التي تشغل حيزا مهما في ملفات العلاقات بين البلدين من جهة وبين العالم العربي والغرب من جهة أخرى.
مواقف معتدلة
وقد ساهمت المواقف المعتدلة والمتزنة التي تسم السياسة الخارجية السعودية، ساهمت في ترسيخ عرى الصداقة بين البلدين ثنائياً وباتجاه القضايا الدولية..
التعاون العسكري والأمني
ويمثل التعاون العسكري ركنا أساسيا في بناء علاقات البلدين؛ ففي أكتوبر 1983م قام صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز بزيارة إلى إسبانيا أجرى خلالها محادثات مع وزير الدفاع الإسباني تناولت التعاون بين البلدين في المجال العسكري.
وقد أسفرت المحادثات عن الاتفاق على جملة من أوجه التعاون العسكري، وتنامى التعاون بين الجانبين في هذا الاتجاه، في إطار جملة المصالح المشتركة التي تجمع بين البلدين.
كما شهد التعاون الأمني بين البلدين تطورات جوهرية اقتضتها الظروف الأمنية الدولية إضافة إلى تكامل حلقات التعاون متعدد الأوجه بين البلدين.
الإسبان يرحبون بضيفهم الكبير
ينظر المراقبون لهذه الزيارة بكثير من التفاؤل عطفاً على الأدوار التي يقوم بها البلدان على الصعيد الدولي.
يؤكد الإعلامي والكاتب الإسباني أندرياس بقوله: نعرف أن المملكة العربية السعودية بلد يضم الحرمين الشريفين التي تشكل بعداً دينيا روحانيا للمسلمين في جميع أنحاء العالم، ونعرف أن السعوديين يحظون باحترام كبير في إسبانيا.. والمواقف السياسية المهمة للمملكة تشهد على أنها داعية السلام في العالم، وأكد أن البلدين يجب أن تزداد بينهم قنوات التواصل.. وقال: إننا نرحب بسمو الأمير سلطان.. ونتمنى له إقامة ممتعة وزيارة ناجحة.
أما الصحافية ومذيعة البرامج التلفزيونية كونشا.. ربطت بين البعدين الثقافي والسياسي وقالت عندما نتحدث عن الحضارة العربية وتأثيرها العميق في إسبانيا.. فإننا نتذكر المملكة العربية السعودية التي تمثل لنا بوابة مهمة لمعرفة العالم العربي والإسلامي.. وأعتقد أن ما يقوم به السعوديون في الدفاع عن القضايا الإسلام ية الأساسية هو محل اعتزاز دولي، حيث إن السعودية تمثل ثقلا سياسيا.. وإسلاميا مهما على الساحة الدولة.. وأضافت قائلة: وبحكم عملي في المناظرات واللقاءات الجادة.. اطلعت على عدد من المواقف السياسية للمملكة على الصعيد الدولي وأنا مؤمنة بأنها موضع تقدير في المحافل الدو لية.
أما العلاقات الاقتصادية بين البلدين فإنها تشكل محوراً مهما وأساسيا في علاقات المملكتين الصديقتين وقد شهدت السنوات الماضية جملة من الاتفاقيات التي أطرت هذه العلاقات، وقد وقع الجانبان محضراً للتعاون الزراعي والصناعي في العام 1974م، وتم تشكيل اللجنة السعودية الإسبانية للتعاون الاقتصادي في عام 1977 م وعقد اللجنة اجتماعها الأول في الرياض عام 1981م.
ويعد الاقتصاد الإسباني من الاقتصاديات المهمة في أوروبا، وبانضمام إسبانيا إلى الاتحاد الأوروبي عام 1986م أصبح من أكثر الاقتصادات الأوروبية نشاطا.
وتوالت بعد ذلك الاجتماعات والاتفاقيات المشتركة، وكان للقطاع الخاص في البلدين دور أساسي في تبني الكثير من المشروعات، وحسب الهيئة العامة للاستثمار فإن عدد المشروعات المشتركة بين البلدين يبلغ أكثر من واحد وعشرين مشروعاً تشمل قطاعات البناء والتشييد والصناعة والخدمات.
وينظر رجال المال والأعمال في إسبانيا إلى هذا التعاون بكثير من التفاؤل بناء على الإمكانات التي يتمتع بها الطرفان، حيث يؤكد ذلك أحد رجال الأعمال بقوله: لدي اطلاع واسع على حجم التبادل التجاري بين البلدين، وأعتقد أن زيارة الأمير سلطان بن عبدالعزيز في هذا الوقت ستدفع بالعلاقات بين البلدين إلى موقع متقدم، وبخاصة في المجال الاقتصادي الذي يهمني كثيرا، وأضاف: بلدكم المملكة العربية السعودية يضم عددا من الفرص المهمة لرجال الأعمال وأعتقد أنكم أحسنتم صنعا بسنّ الأنظمة التي تسهل الاستثمارات الأجنبية في السعودية.
بيئة خصبة للتبادل الثقافي
تشكل إسبانيا تاريخياً مدخلاً أساسياً للحضارة العربية والإسلامية إلى أوروبا، ويمثل الإرث التاريخي للعرب والمسلمين في إسبانيا بيئة خصبة وثرية للتبادل الثقافي والتعاون العلمي، وقد شهد شهر إبريل من العام 1984 توقيع الاتفاقية الثقافية بين المملكة وإسبانيا.. مما أعطى الإطار العملي لسلسلة من التبادلات والنشاطات الثقافية والعلمية والإعلامية.. كما ساهمت الرؤى المشتركة لقيادتي البلدين الصديقين في النهوض بمشروعات دولية مهمة تدعو وتتبنى حوار الحضارات والأديان والتسامح ونبذ العنف بكافة صورة وأشكاله.