تعد موافقة مجلس الوزراء على إنشاء وحدة مركزية في وزارة الشؤون البلدية والقروية ل(كود) البناء السعودي خطوة مميزة في توحيد كود البناء وهي الجهة المختصة بمتابعة تنفيذ (كود البناء) بعد اعتماده ومراقبته وإدخال ما يلزم من تعديلات عليه لاحقاً وذلك إنفاذاً لقرار مجلس الوزراء رقم 225 وتاريخ 17-8-1424ه.
ويأتي هذا القرار بناءً على ما لوحظ من تكرار تهدم بعض المباني بعد فترة وجيزة من إنشائها والتوجيه الكريم بإيجاد حلول جذرية لذلك.
وحسب تعريف الكود على موقع اللجنة الوطنية لكود البناء السعودي (كود البناء السعودي هو مجموعة النظم الفنية والعلمية والإدارية المتخصصة بالمباني والتي تعدها اللجنة الوطنية لكود البناء السعودي، لضمان الحد الأدنى المقبول من السلامة والصحة العامة، مبنية على الأسس العملية والظروف الطبيعية والقواعد الهندسية وخواص المواد والمخاطر الطبيعية، كالزلازل والحرائق وكذا أغراض استخدام المنشآت).
فقد تم إقرار كود البناء السعودي بعد الدراسات المستفيضة والمناقشات في الجلسات العلمية لتلبي احتياجات المجتمع في البناء والإعمار وضمان الحد الأدنى للسلامة والصحة العامة، حيث يعتبر من أهم ركائز الاقتصاد الوطني خاصة في هذه المرحلة الراهنة، حيث تمر المملكة بنهضة عمرانية في جميع المجالات ولوضع لغة علمية وفنية موحدة يتعامل معها الجميع في مناطق المملكة ولسد فجوة الأكواد والمواصفات المعمول بها في السابق كالكود العالمي للبناء (- IBC International Building Code) من الولايات المتحدة الأمريكية والكود الألماني السابق (Deutsche Institut fur Normung- DIN) والكود الأوروبي الحالي (European Code- EC) والكود البريطاني السابق Standard-BS) (British وكود البناء الكندي (National Building Code- NBC) والأكواد العربية الموحّدة للبناء، حيث إن معظم هذه الأكواد عمل بها خلال السنوات الماضية في معظم المشاريع غير أن آليات الشروط والتطبيق على التصاميم وعملية الإشراف لم تفعّل بالشكل المطلوب، مما سبب ظهور بعض الإشكاليات الفنية وتهدم وسقوط بعض الأبنية بعد فترة وجيزة من إنشائها إلى جانب إهمال إجراءات الأمن والسلامة مما أدى إلى إزهاق بعض أرواح الأبرياء.
إن وجود معايير مهنية لممارسة مهنة الهندسة أصبحت حاجة ماسة وضرورية ليحل محل الوضع الراهن خاصة هذه المرحلة التي تشهد المملكة نهضة عمرانية في مجال البناء والإنشاءات التي لم يسبق لها مثيل منذ زمن بعيد ستحرك - إن شاء الله - قطاع المقاولات والاستثمار العقاري وتنعش الأسواق إضافة إلى تحسين بيئة العمل بشكل عام.
إن دور المهندس الفعَّال في الفترة الراهنة أصبح مهماً ليلبي احتياجات المواطنيين، حيث تشير الدراسة التي قام بها فريق مشروع المنهجية الوطنية للتأهيل المهني للمهندسين في المملكة والمدعم من قبل مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية وشركة أرامكو السعودية والهيئة السعودية للمهندسين، أن عدد المهندسين السعوديين في المملكة 21805 مهندسين، منهم 5777 مهندساً في القطاع الحكومي و16028 مهندساً في القطاع الخاص يمثّلون 20.4% بينما يبلغ عدد المهندسين غير السعوديين 84908 منهم 1856 مهندساً في القطاع العام 83052 مهندساً في القطاع الخاص يشكلون 79.6% من إجمالي عدد المهندسين والبالغ عددهم 106713 مهندساً.
ومع قلة أعداد المهندسين السعوديين، هنالك تطور وتزايد المكاتب الهندسية في المملكة لتتواكب مع الحاجة المتزايدة للخدمات التي يقدمونها في ضوء الحاجة الفعلية للمشاريع المختلفة وحدوث الطفرة العمرانية الهائلة الحالية. إن اعتماد كود البناء لا يعني تلقائياً سلامة الأفراد والمنشآت ولكن يحتاج إلى متابعة ومراقبة تصاميم المكاتب الهندسية والتأكد من التزامها بالكود ووضع آلية وشروط وضوابط للالتزام بالتطبيق على الواقع الفعلي أثناء الإشراف والبناء حتى لا يستغل المواطن ولا يؤثّر على شرائح المجتمع الكثيرة من قبل بعض المقاولين والمستثمرين بهدف الكسب السريع والربح الكبير.
إن النسبة الكبرى من المهندسين المتعاقدين - على الرغم من جود نسبة كبيرة مميزة وجادة في مجال عملها - يشجع كثيراً من الناس على الاستعانة بخدماتهم في مجال التصميم وعملية الإشراف دون الالتزام بالأنظمة والقوانين وتطبيق الكود وبعيداً عن أعين الرقابة، وأصبح الآن من الضروري على جميع الجهات المعنية إمكانية النظر في تفعيل دور المهندس المتعاون السعودي الذي كان معمولاً به خلال الطفرة الأولى من عام 1400هـ عن طريق أمانة مدينة الرياض، إذ كان المهندس يمنح تصريحاً للقيام بعمل تصاميم أو الإشراف على المباني مما يساعد في تطبيق الأنظمة واللوائح والكود والتأكد من بناء مبان ومرافق آمنة على أسس علمية وفنية وتشجيعه لكسب الخبرة والمهارات اللازمة وتحسين وضعه الاقتصادي تحت رقابة الهيئة السعودية للمهندسين ويكون المسؤول أمامها في حالة - لا سمح الله - وقوع إشكالات أو حوادث ناتجة عن إهمال أو قصور في التصميم أو الإشراف. وقد ظهرت بعض السلبيات في السابق، مما دفع أمانة مدينة الرياض إلى إيقاف تلك التصاريح ويمكن تفعيلها ضمن ضوابط وشروط جديدة تحت مظلة الهيئة السعودية للمهندسين.
المشرف العام على إدارة المدينة الجامعية بالدمام - جامعة الملك فيصل
mnjadid@yahoo.com