Al Jazirah NewsPaper Tuesday  03/06/2008 G Issue 13032
الثلاثاء 29 جمادى الأول 1429   العدد  13032
لما هو آت
هدر الأحبار...؟
د. خيرية إبراهيم السقاف

في شريعتنا المتماسكة ذات النهج الرباني المؤسس للإنسان علاقاته على وضوح وبينة إما عِشرة بمعروف وإما فراق بإحسان...

والمعروف والإحسان بابهما واسع... وأبعادهما عميقة... ومدلولاتهما مظلة لكثير من فروع شجرتي الإحسان والمعروف... أولهما الحث على تذويب الفجوات بين الزوجين، وتقريب الرأيين، وتغيير الجفوة لمجرى الألفة والتواد... ولذلك أناسه من الأهل المقربين أو الصحب الخلص الواعين أو الحكماء من المرشدين... ذلك لأن النفس البشرية قبل أن تطيب من عشرة الآخر فإن منافذ عديدة لسد الريح ورتق الجروح... فإذا تحقق ذلك تعود الحياة بمعروف لا ضرر ولا تعد.. لا ظلم ولا تجن... بل حق مكتسب.. وواجب منفذ... يبدأ بأداء الحقوق وحفظ الفضل وبذل الرحمة ومد الأواصر ودعم الاستقرار... لتكون الحياة عشرة هنيئة ومسيرة مطمئنة... فإن لم يكن ففراق راق يخرج كل منه وهو طيب النفس راضياً عما أخذ وأعطى.. وعما حفظ ولم يفرط... وعما تذكر ولم ينس... وأول ذلك ما بينهما من الأبناء والقربى والمال...

لكن ما الذي يحدث الآن...؟ تتحول الحياة الزوجية عند كثير من الناس إلى مؤسسة تجارية الرابح فيها يسحق الخاسر... تماماً كما هو صراع محدثي النعمة الذين لا يعودون ينظرون للأمور إلا من منظار مصلحتهم...

الرجل يعتمد على قيم تنشئته يحسب أنه المالك الوحيد لمفتاح راحة المرأة أو عذابها... فإن كان فاضلاً تعفف وإن كان سطحياً كابر وعاث بالحقائق... أول ما يحرمها هو أبناؤها واستقرارها.. وثاني ما يفعل أن يسلط عليها لسانه أو أهله أو نفوذه إن ملك نفوذاً... فيما تجد نماذج أخرى من النساء على الشاكلة ذاتها... لا تحفظ فضلاً ولا تذكر عشرة ولا ترعى حرمة... تجد البيوت قد انهارت لا حفظاً لفضل سابق.. ولا عشرة بمعروف قائم...

قضية المطلقات أو المنفصلات لحين - أي المعلقات - والمنفصلين وغير المرغوب فيهم من زوجاتهم... تتفاقم بتفاقم ادعاء الحريات الشخصية قبل أن تصل للمحاكم... أو خارج نطاق الجهتين... فبقدر ما يحفظون الأعراف في أولويات هامشية في أمور كثيرة بقدر ما يفرطون في أولوية الحق المطلق لما أقره الله تعالى للطرفين في محكم تنزيله في شأن العشرة بمعروف أو الفراق بإحسان... ومن ثم في شأن الحضانة والإنفاق... وما للزوج من طاعة أو حق وما للزوجة من قبول أو حرية....

إن التوهم بالحلول عن طرق نقل الشؤون الأسرية لجمعيات أو لجان حقوق الإنسان لا ينبغي أن يتم في مجتمع أول صفاته الإسلام، ولا بد أن يكون أول أداء سلوكه هو اتباعه...

يبدو أن الحديث في هذه الموضوعات سيبقى حبرا على ورق... وإني لا أميل أبداً لهدر حبري في هباء...

ما لم يتصد الواقع بحلول جذرية لكل من اتخذ المنابر والمعابر لركضه في الشأن الراهن لحركات التحديث والإضافات والتغيير الذي يسمونه بالحسن وبالضرورة وبمواكبة العصر... فأي مواكبة وأكثر البيوت مصادر الاطمئنان... حيث وسائد الراحة لمواجهة صباحات ركض وعمل منهارة ممزقة مشتتة... لا قلوب فيها تنبض معاً... ولا نسائم زهر ود ورحمة تعمرها...؟

فأعيدوا القلوب إلى صدورها...

(هذه السطور السابقة استجابة لكم)



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5852 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد