كانت المرة الاولى التي أزور فيها العاصمة الصينية (بكين) وهي فرصة سانحة للتعرف على تلك المدينة المكتظة بالسكان وفور وصولنا تم استقبالنا بشكل منظم واتجهنا لفندق ضخم يحوي ضيوف المؤتمر الدولي للصحافة الرياضية الدولية والذين فاقوا المئة وخمسين إعلاميا ..
صباح اليوم الأول كان هناك اجتماع للاتحاد الآسيوي للصحافة الآسيوية وهناك أحسست بشيء من الفخر والاعتزاز بنفسي وبصحيفتي الجزيرة وأنا أجلس في طاولة مع الأعضاء الذين تفوق أعمارهم الخمسين عاما حيث جلست مستمعا لمناقشاتهم الحامية لبرامج الاتحاد وخططه وكان الاستاذ منصور الخضيري حريصا كل الحرص على أن أتابع باهتمام فكان يطلب مني تسجيل النقاط المطروحة والبرامج التي تتلاءم والمهمة المقبلة لي بعد أن تم اختياري ضمن الوفد الاعلامي المغادر لأولمبياد بكين أغسطس القادم.
في الاجتماع جاءت لحظة من أروع لحظات مسيرتي الإعلامية حينما وقفت بعد التعريف باسمي وتقديمي من قبل منصور الخضيري ودوت تصفيقات الحضور بشكل رائع تمنيت لحظتها أن (صاحبنا) يراقب ذلك (البريداوي) الذي صفق له أعضاء من ثلاثين دولة آسيوية تقريبا ويعرف أن الارتقاء ليس شرطا أن يمر من خلال مسح الجوخ!!
كنت أشعر برضا كبير داخلي ذلك لأنني لم أسع للترشيح أو أطلب دعما (لوجستيا) له بل تفاجأت باختياري وهو ما جعلني أعتز بمهنيتي وبما قدمته طوال السنوات الفارطة كما هو حال عمالقة الإعلام الرياضي المحلي وقد حرصت كل الحرص على أن أستفيد من كافة جوانب ذلك المؤتمر والفعاليات المصاحبة له...
داخل المؤتمر الدولي للصحافة الرياضية ال (71) في تلك القاعة الفخمة كان للصينيين النصيب الأكبر من الوقت حيث حرصوا على استغلال المؤتمر للحديث عن استعداداتهم للأولمبياد وأرسلوا إشارات مهمة في أن كافة الأمور الأمنية بأحسن حال وكذلك الجوانب التنظيمية وقد استخدموا لغة الأرقام بلسان رئيس الللجنة المنظمة لأولمبياد بكين..
المؤتمر أخذ وقتا طويلا مما جعل الكثير من الوفود تتسرب من داخل القاعة بل إن غالبية أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد الدولي للصحافة الرياضية تركوا كراسيهم (فارغة) ولم يبق إلا الرئيس واثنان معه فقط وكان ذلك المنظر المعيب قد أكد داخلي أن هذا الاتحاد الصحفي الدولي اتحاد هش لا يحترم أعضاءه حتى البقاء أمام أكثر من ست وتسعين دولة في مؤتمر يقام مرة واحدة سنويا وأكثر ما أعجبني وأعطاني درسا لن أنساه في الاعتزاز بالوطنية والمواطنة هو مقولة الأستاذ منصور الخضيري وأنا أساله عن عدم تواجد بعض الوفود بعد منتصف المؤتمر حيث قال: (يجب أن يعتز الإنسان باسم دولته المكتوب أمامه ونحن لن نترك مقعدا أمامه اسم المملكة العربية السعودية خاليا حتى في وقت الاستراحة القصير لأننا دولة لها ثقلها في كافة المحافل ونعتز بسمعة بلدنا)..
أخذنا الصينيون في جولة للاطلاع على استعداداتهم للأولمبياد فزرنا الملعب الرئيس المسمى (عش الطيور) وهو استاد جميل جدا كما شاهدنا القرية الأولمبية والمركز الإعلامي للأولمبياد وهو ما أكتبه بشكل مفصل على صفحات الجزيرة قريبا جدا..
مشكلة غالبية الصينيين أنهم لا يتكلمون الإنجليزية ولذلك فمن الصعوبة أن تتفاهم معهم أو تحاول مناقشتهم كما أن نوعية الغذاء لديهم سيئة جدا بالنسبة لنا كشرقيين ومسلمين ولذلك كنت سعيدا وأنا أرى (البطيخ) ضمن وجباتهم الرئيسية حيث التهمناها بشكل كبير وبدأنا نطلبها في كل مطعم نذهب إليه مما جعل الخضيري يطلب مني أن أتعلم اسم البطيخ بالصيني أو أصورها بالبلوتوث لكي أطلبها عند عودتي للأولمبياد..!!
تجربة مهمة ورحلة إعلامية رسمية تعلمت منها الكثير ويكفي أنني أدركت كم أولئك هم المحظوظون الذين يذهبون مع منصور الخضيري فهو قامة في تعامله جدي في انتظامه رقيق في توجيهاته معتزا بكل تفاصيل صورته كسعودي أمام الآخرين كما أن تلك الرحلة أكسبتني زميلا عزيزا هو محمد التويجري مساعد إدارة الإعلام والنشر بالرئاسة العامة لرعاية الشباب وهو إنسان مخلص لعمله محبوب من الجميع لا يتكلم كثيرا لكنه إيجابي ووجه مشرق للإعلامي السعودي..
ختاما لم أكتب في حياتي مثل تلك الذكريات داخل مقال صحفي لكن كان من المهم أن أعبر عن الشكر لله ثم لمن راهن على عملي الإعلامي وفي مقدمتهم مدير التحرير أبو مشعل الرجل الذي صنع داخلنا كيف نكون أقوياء نواجه كل شيء بشجاعة إعلامية ونقاتل من أجل حقوقنا بكل بسالة حتى أصبحت الجزيرة إمبراطورية إعلامية رياضية لها هيبتها التي لا تخفى على أحد..
(البريداوي) لن يقف عند حد سور الصين العظيم بل سيواصل بإذن الله مسيرته معتمدا على نفسه ومهنيته ومعتزا باستقلاليته وبمدينته التاريخية وعدم تبعيته لأحد وما أروع أن تتصفح تاريخ نفسك فتجد أنك أخذت كل شيء بوجودك وكيانك لا بالانحناء ومقولة (اللي تامر فيه يا معزب..!!!).
قبل الطبع
يهرم كل شيء من ابن آدم يشّب منه الحرص والأمل
msultan444@hotmail.com