Al Jazirah NewsPaper Saturday  31/05/2008 G Issue 13029
السبت 26 جمادى الأول 1429   العدد  13029
لما هو آت
تلفتني
د. خيرية إبراهيم السقاف

تلك المقتبسات التي يطعم بها المتحدث كلامه... والباحث درسه... والمبدع منجزه...

مما قالته ألسنة لا تلهج بلغته...

وتحديدا في الكتابات الأدبية والتربوية والفلسفية والنقدية...

ولو التفت أولئك لما يكتب أقرب من هم إليهم من أولئك... التفاتة حب بإقبال محب

لوجدوا فيه جمال العبارة... وبعد النظر... وبلاغة الدلالة... وما أكثره...

إن هناك الكثير مما يقتبسونه سطحيا هزيلا ملقى على أرصفة أقربائهم ما هو أجمل منه وأبدع وأبلغ...

لكنهم عادة ما يتفقون عند حدود أنفسهم مع القول المشاع: (إن الخاطر يقع على الخاطر كما يقع الحافر على الحافر)...

على الرغم من أن هناك قناعة ثابتة لكل معطيات تجربة الفكر البشري بأن ما من تجربة تمر بإنسان وبآخر على وجه الأرض إلا وتأتي بنتائج متشابهة والنتائج المتشابهة لا تأتي فقط في مجال الإحساس بالألم والفرح... والرفض والتأييد... والقبول والنفور... وإنما تأتي أيضا في شكل تركيبات لغوية تصوغ التجربة وإن اختلفت الأساليب أو تفاوتت مستويات بلاغتها أو تأثيرها...

فأبجديات اللغة الواحدة في كل لغة بشرية يجتمع شريحة من الناس على اللفظ بها والتعامل بحروفها للتواصل والتفاعل والإحساس والحياة... هي محور النهل ونبع الرواء بدهة...

ربما من هنا يمكننا الوقوف على مدى تنافر المتشابهين في المجتمعات العربية من بعضهم...

فهم لا يتفقون على نبض ولا يجتمعون على ود...

لذلك كل منهم يعمل في منأى عن الآخر وهو إن عمل معه أو تعرض لأن يسير معه في الدرب ذاته حمل على نفسه أن يشتق له منفذا خاصا...

الفجوة هائلة بين من هم في الواجهة وفي مسيرة ركب القافلة تلك التي اعتادت على رحلات الشتاء والصيف وأصبحت مهيأة بخبراتها...

لكن المسيرة الجديدة خير ما يعبر عن صور الشتات بين دروب المحطات وقوافل الدروب بين هؤلاء...

وأول ما يدلك على هذه الفجوة وذلك الإنكار هو ما يلهثون وراءه مما يقع في آذانهم أو يعترض مجرى أبصارهم من أقوال فتكون هي مقدماتهم التي بها يتباهون... ومحركات عضلات ألسنتهم حيث يتحدثون...

فرحتهم الصغرى التي تسد عليهم رؤى بصائرهم هي أنهم يتخيلون بأن أسماء أولئك على غير لغاتهم دعامة لأسمائهم بالثقافة والاطلاع والمعرفة والتفوق... بينما ينظرون لأقربائهم بالضحالة وهم لا يفقهون...

إن الذي لا يأكل بدءا من طبقه متطفل...

وإن الذي إن فعل وأغفل التبادل مع أطباق غيره غبي...

وإن المثقف العربي حقا يحتاج لأن يتطهر من دخيلته لتنير بصيرته مجرى الإحساس فيه فيرى ما حوله قبل أن يقفز على أسوار الآخرين...



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5852 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد