عرفته منذ الصغر رفيقاً للطموح والتميز وبين كل من أعرف من أقرانه لا أعرف مثله مسكوناً بالبحث والاستزادة من المعرفة بكل أطيافها لا يستكين ولا يهدأ.. موسوعي يبحث عن الجديد وتأصيل القديم من العلوم في كل المجالات وأول ما يعبر عن هذه الصفة مسيرة تعليمه حيث لم يكتف بتخصص جامعي واحد بل تجاوز المألوف وجمع أطراف المعرفة...
....وهاجسه تحقيق ما يظهره الخلاف حول واقعة أو معنى أو أرقام. يحمل ذاته تكليفاً لا يهدأ أبداً في عبور جسور المعرفة وتأصيل النصوص والقيم.. هذا جانب من المرحوم الفقيد صالح بن عبدالله المالك.. شغل عدداً من المناصب المهمة من التعليم للإدارة إلى أهم مؤسسة تشريعية بالوطن محاطاً بالمحبة والتقدير من جميع العاملين كباراً وصغاراً، لم يترك وراءه إلا الصداقات الحميمة، يكره إغضاب أو مشاغبة الآخرين لأن في أعماقه بحراً من التواضع الجم والثقة بالنفس والإخلاص لرسالته في الحياة.. وأنا بقدر ما هزني خبر وفاته رأيت في تدفق مشاعر الناس من كل شرائح المجتمع تجاهه مصدراً للسلوى لأن الموت حق وكلنا إليه سائرون ولكن أن يترك الإنسان هذه الثروة من مشاعر الحب والتقدير لهو قمة العزاء.
تعلقه بالمعرفة رافقه حتى لفظ أنفاسه الأخيرة فقد كان وهو على فراش الموت يتجلى ويتألق معرفياً. خار جسمه لكن عشقه للكلمة والمعرفة ظل قوياً متدفقاً لم يخدشه إدراكه بحقيقة صحته وأنه يعيش أيامه الأخيرة.
تغمدك الله بفسيح جناته يا أبا هشام فقد كنت نموذجاً إنسانياً ووطنياً يصعب تكراره.