فَقَد الوطن أحد أبنائه البررة، معالي الدكتور صالح المالك، ذلك الابن البار صاحب القلب المحمل بالحب والوفاء، رحل من هذه الدنيا وفي قلبه عشق؛ فقد عشق اللغة العربية منذ نعومة أظفاره، حتى أصبحت محبوبته.. فأجاد الشعر وأصبح فصيح اللسان، لا يقبل اللحن فيه، حتى أنه يعد من حراس اللغة الغيورين عليها، كما أجاد الشعر الفصيح قراءة ونظماً، ولم يخلطه بالعامية.
ولم يقف عشق الفقيد عند اللغة العربية فحسب، بل كان يحب أمته ومجتمعه؛ فقد اختار له تخصصاً يجعله أكثر معرفة وإدراكاً لهموم الناس والاطلاع على أحوالهم وإيجاد الطرق لخدمتهم؛ فهو من أساتذة علم الاجتماع، ومن المتأثرين بالمدرسة الخلدونية، كما أن له أفكاراً وتأملات اجتماعية تستحق الدراسة والتحقيق.
ومن عشقه لهذا البلد أنه غيور جداً على عادات وقيم وأنظمة هذا البلد بصدق وبدون تزلف من أحد؛ فقد ألّف الكتيبات باللغة العربية والإنجليزية بأسلوب وسطي لا إفراط فيه ولا تفريط، حتى أن اهتمامه بالجوانب الوطنية جعله يكتب في مجالات عديدة تجاوزت تخصصه؛ فقد أجاد الكتابة في الأمور الاقتصادية والصحية والسياسية.
وكان مما يميز الفقيد عشقه وتعلقه بأصدقائه ومعارفه؛ فقد كان يتابع أخبار زملائه في جميع مراحل الدراسة والعمل، والسؤال عن أحوالهم وأوضاعهم؛ فهذه الخصلة لا يقدر عليها إلا أولو العزم من الرجال، بل حتى وهو في أيامه الأخيرة وفي صراع مع المرض لم يتردد في السؤال وتفقد أحوال معارفه.
رحل أبو هشام صاحب القلب المحمل بالعشق لكل ما هو خير لمجتمعه وأمته؛ فقد زاره أحد الزملاء من مجلس الشورى، ودعا له الدعاء المأثور عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فقال له هذا الذي أحتاج، حيث دعا الله أن يجعل ما أصابه من مرض كفارة ومفتاحاً لدخول الجنة، تلك المعشوقة التي أسأل الله أن يجعلها داره ومحل أنسه، {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
جامعة الملك سعود