غيَّب الموت أخانا الزميل الحبيب معالي الدكتور صالح بن عبدالله المالك.. الأمين العام لمجلس الشورى، والموت حقٌّ على جميع العباد.. لكن فَقْد الأحبّة يُحدِث في النفس مرارة، وفي القلب لوعة وحرقة تتفاوت حسب العلاقة التي نشأت بين الفاقد والفقيد. ولست أشك في أنّ كلَّ من كان على علاقة قريبة من صالح المالك قد أحسّ منذ سمع برحيله بتلك الحرقة والمرارة.
لقد كان صالح المالك قريباً من النفوس، صافي السريرة، دمث الخلق، نبيل المشاعر، دافق العاطفة، ولهذا نجد له قبولاً لدى كلّ من عرفه أو تعرّف عليه.
كان طوال فترة عمله في مجلس الشورى - وهي الفترة التي زاملته فيها عن قرب - مثال المواطن الصالح الذي تهمه قضايا الوطن، وكانت له - عندما كان عضواً في المجلس - مداخلات مهمة في شؤون شتى معظمها يمس حياة المواطن، كما كان حريصاً على إبراز الجوانب الحسنة للبلاد والإشادة بها والترويج لها. فكان مهتماً بالتجربة الشورية في المملكة بوصفها تجربة فريدة، وقد ألّف فيها وحاضر عنها خارج المملكة، كما كان مهتماً بقضية الانتخابات البلدية بوصفها تطوراً تدريجياً لمشاركة المواطن في اتخاذ القرار.
أمّا الجانب الأدبي والثقافي لصالح المالك فقد كان غنياً.. لقد كان يساجل زملاءه بأبيات شعرية معبِّرة تنم عن ثقافة أدبية عميقة. كما كان حارساً أميناً للغة العربية، متحمساً للصحة اللغوية في المجلس. كما كان يثير أحياناً بعض القضايا اللغوية أو الأدبية، أو يتحف الأعضاء ببعض الفوائد التي اطلع عليها في هذا الموضوع أو ذاك.. وهكذا كان شغوفاً بالمعرفة، محباً لإشاعتها بين الناس. رحم الله فقيدنا صالح بن عبد الله المالك، وأسكنه فراديس الجنان، وألهم أهله وذويه وجميع محبيه الصبر والسلوان.