قيل إن القائد العسكري المشهور (تيمورلنك) واجه هزيمة مفاجئة في إحدى معاركه، وهو القائد الذي تعوَّد على الانتصار دائماً. شعر تيمورلنك بخيبة الأمل من جراء هذه الهزيمة، وذهب بعيداً عن جنوده وجلس إلى جوار صخرة يفكر فيما يصنع، وبينما هو جالس إذا بنملة صغيرة تحمل طعامها وتحاول أن تتسلق صخرة ملساء، وكلما قطعت هذه النملة شوطاً في صعود الصخرة انزلقت وهوت مرة أخرى إلى الأرض؛ فتقوم بجمع طعامها وتعاود الصعود مرة أخرى. كررت النملة هذا الفعل عدة مرات حتى تمكنت في النهاية من الصعود إلى قمة الصخرة. في أثناء محاولات الصعود جمع تيمورلنك قواده ليشاهدوا بأنفسهم ما تفعله النملة الصغيرة، وأراد أن يشاركوه في الحصول على واحد من أعظم دروس الحياة، درس لخصه أحد الحكماء في جملة واحدة: (انتظر.. ولا تفقد الأمل). الأمل هو الاعتقاد الراسخ الذي يتولد لدى الإنسان بأن أحداث الحياة وأحوالها ستسفر عن نتائج إيجابية يبحث عنها ويرغبها، وأن الظلام مهما طال فسيعود النور من جديد ليملأ المكان. الأمل ينطلق من النظرة الإيجابية للحياة، ويتحقق بالنظر إلى النصف المملوء من الكوب. الأمل يحتاج إليه كل إنسان، يحتاج إليه المذنب ليستشعر أن رحمة الله واسعة ومن ثم عليه التمسك بالأمل في التوبة، ويحتاج إليه المريض ليمنح جسده الرغبة والأمل في الشفاء، ويحتاج إليه السجين ليعيش على أمل الحرية والبداية من جديد، ويحتاج إليه الفقير ليستمر بكل حماس نحو البحث عن أسباب الحياة الكريمة، ويحتاج إليه المظلوم ليواصل كفاحه في دفع الظلم الذي وقع عليه، ليس هذا فقط بل الأمل يحتاج إليه الإنسان الناجح، ويحتاج إليه الإنسان الغني ويحتاج إليه الإنسان القوي، يحتاج إليه كل إنسان ليستمر في النجاح والتقدم والعطاء؛ ليكون الأمل هو مصدر التجديد والبحث عن الأفضل في هذه الحياة. حتى المجتمعات والأوطان بحاجة دائماً إلى التمسك بالأمل. الأمل يجعل الإنسان مقبلاً على الحياة بكل حماس وتفاؤل، ويكفيه الوقوع في براثن الإحباط واليأس، والأمل يحفز الإنسان على تقديم أفضل ما عنده، والأمل يمنح الإنسان القدرة على التكيف مع أحوال الحياة المتغيرة دائماً. ولكن الأمل إن لم يصدقه العمل تحول إلى أوهام تهدم ولا تبني، في هذه الحالة يتحول الأمل إلى وسيلة للهروب من الواقع بدلاً من أن يكون مصدراً للتغيير ووقوداً للمواجهة. عزيزي القارئ.. تمسك بالأمل، وحول الأمل إلى منهج عمل من خلال تحديد المشكلة أو الصعوبة أو التهديد الذي يواجهك، ومن ثم ابذل قصارى جهدك في البحث عن حلول للمواجهة، وثق بأن لكل مشكلة حلاً، ومع كل صعوبة أو تهديد هناك فرصة للتغيير، عندما تحصل على الحل المناسب ابدأ فوراً في التنفيذ ولا تتعجل النتائج، إذا لم تحصل على النتائج المرغوبة جرب حلاً آخر، واستمر في المحاولة، وإذا فشلت جميع محاولاتك لا تيأس وجرب الحل الأخير، أتدري ما هو الحل الأخير؟ هو أن تنتظر ولا تفقد الأمل.
ssalrasheed@hotmail.com