في سياق دفاعه عن ارتباط حزبه -حزب الله اللبناني- قال أمين عام الحزب حسن نصرالله إنه يشرفه (الانتماء لحزب ولاية الفقيه)...!!
وحسن نصرالله يريد بهذا الاعتراف التأكيد على تبعية حزب الله اللبناني -والشيعة المنتمين إليه- إلى التبعية المطلقة للمفهوم الفقهي الشيعي المنقسم الآن إلى اتجاهين فكريين؛ فهناك انقسام بين المراجع الشيعية الكبار في الحوزتين الشيعيتين الرئيستين (النجف وقم)؛ ففي حوزة النجف لا أحد يؤيد نظرية ولاية الفقيه التي نشطها الخميني بعد نجاح ثورته في إيران، والتي تنص على وجوب الخضوع لحكم الفقيه الذي هو في المفهوم الفقهي الشيعي المرجع الأعلى للشيعة، وأنه يكون ظل أو وكيل الإمام المنتظر (المهدي) وأنه يحكم نيابة عنه حتى ظهوره، وأن الفقيه (المرجع الأعلى) هو المرجع للحكام السياسيين والعلماء الدينيين والقادة العسكريين وكل ما هو مرتبط بالدين والدنيا.
حوزة النجف لا تأخذ بهذا المفهوم الفقهي؛ فالمرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني -الذي يقلده الأغلبية الشيعية في العراق والخليج والهند وباكستان ولبنان وسورية وبعض الإيرانيين وفي إفريقية- لا يأخذ بهذا المفهوم، وكذلك المرجع الشيعي اللبناني الكبير محمد حسن فضل الله -الذي يقلده ويتبعه الكثيرون وبخاصة في لبنان والخليج وإفريقية- يعارض هذه الفكرة، ويوافقه في ذلك مراجع شيعية كبار من أمثال الخالصي والشيرازي وحسين محمد، بل إن هناك كثيراً من المراجع الشيعة في حوزة قم لا تؤيد فكرة ولاية الفقيه، ومنهم تلامذة المرجع الكبير منتظري، ويرى كثير من المفكرين الشيعة على وجه الخصوص أن طغيان فكرة ولاية الفقيه ودعمها من حوزة قم ومن النظام الإيراني مرتبطة برغبة النظام الإيراني الحالي في إحياء الإمبراطورية الفارسية؛ إذ إن ولاية الفقيه تهدف إلى مد نفوذ من يؤمنون بهذا النهج الفقهي لضم المناطق الناطقة بالفارسية في أفغانستان وطاجيكستان، بالإضافة إلى المناطق الكردية والبلوشية والبشتون والطاش، على رغم أنها جميعاً يغلب عليها مذاهب أهل السنة، إلا أن دعاة نهج ولاية الفقيه يعدون هذه الشعوب من مكونات إيران التاريخية، لذا، وبرأي هؤلاء أنه يستوجب العمل على صهرها في بوتقة ولاية الفقيه، وعدم السماح لبروز أية اتجاهات مذهبية وقومية أخرى من مكونات الشعب الإيراني كالعرب والأكراد، ولا سيما أهل السنة الذين لا يحق لهم إنشاء مساجد لهم.
إن هدف النظام الإيراني تنفيذ هيمنته السياسية والإيديولوجية على شيعة المنطقة من خلال إلزامهم بولاية الفقيه، وحملهم على التأثير على حكوماتهم مثلما يحصل الآن في لبنان والعراق من خلال التغلغل في المؤسسات والدوائر الرسمية، وبخاصة الدوائر التنفيذية والعسكرية وتصدير أيديولوجية (ولاية الفقيه) ودفع هؤلاء الأنصار إلى الواجهة عند تدهور الأوضاع السياسية والأمنية من خلال العمل على الإخلال بالأمن وإحداث فراغ سياسي وأمني، ومن ثم الدفع بهؤلاء الأنصار الذين يجنَّدون في تنظيمات عسكرية طائفية سياسية -كميليشيات العراق وحزب الله في لبنان- للقفز على السلطة أو عرقلة أية تفاهمات سياسية تعيد السلم الاجتماعي وتحافظ على هيبة الدولة كما هو حاصل في لبنان.
jaser@al-jazirah.com.sa