بروكسل - واس
أكدت المملكة العربية السعودية أن العالم الجديد يجب أن يبنى على مفاهيم التعاون والتكامل وأساليب الحوار والتفاهم ولا يمكن أن يبنى على مفاهيم الصراع والعداء ومقولات التحكم والاستعلاء وإلغاء الآخر.
جاء ذلك في مداخلة لمعالي وزير الدولة للشؤون الخارجية الدكتور نزار بن عبيد مدني رئيس وفد المملكة العربية السعودية في الدورة الثامنة عشرة للاجتماع الوزاري الخليجي الأوروبي الذي اختتم في بروكسل ببلجيكا يوم أمس الاول.
وقال معاليه: (إذا كنا نسمع في كل يوم بأن التطور المذهل في عالم التقنية والاتصالات والثورة المعرفية قد أدى إلى ظهور نظريات ومفاهيم جديدة فحواها أننا أصبحنا نعيش في عالم يسير نحو مزيد من التقارب، ونحو مزيد من الاعتماد المتبادل بين دوله ومجتمعاته، إذا كان هذا صحيحاً وهناك من المؤشرات ما يدل على ذلك بالفعل - فإنه لايصح ولا يستقيم أبداً أن يبنى هذا العالم الجديد على مفاهيم الصراع والعداء ومقولات التحكم والاستعلاء وإلغاء الآخر، بل إن المنطق يقول: إنه يجب أن يبنى على مفاهيم التعاون والتكامل وأساليب الحوار والتفاهم).
ودلل على ذلك بما تدعمه وتؤكده حقيقة أن المشكلات والقضايا الكبرى التي تواجه هذا العالم الجديد هي بالضرورة ذات طابع عالمي وأبعاد كونية، ولا يملك جانبا واحدا مهما أوتي من العلم والتقدم والتطور أن يواجهها منفرداً، وأكد أنه لابد أن يكون الجميع شركاء متضامنين في مواجهة مشكلات ملحة مثل الإرهاب وقضايا البيئة والمخدرات والأمراض والجهل والفقر، وفي بعض القضايا الاجتماعية مثل التفكك العائلي وتدهور القيم الاجتماعية.
وأضاف (إذا استطعنا تحقيق ذلك لانتفى القول بالصراع والعداء بين الحضارات والثقافات والأديان، ولحل التجاذب محل التنافر، وساد الحوار بين الحضارات والديانات، ولأمكن تعايش السيادات والثقافات بما يحقق المصالح المشروعة المشتركة في إطار محكم مما يمكن أن نسميه بالأمن الحضاري).
وبين أن هذا الموضوع أصبح يحظى بعناية متزايدة من جميع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وهناك حركة ملحوظة من النشاط والعمل في هذا الاتجاه، وأصبح شيئاً مألوفاً أن تعقد في دول المجلس مؤتمرات وندوات لتكريس هذا التوجه وإلقاء المزيد من الأضواء عليه وإبراز أهميته مشيراً إلى أن آخر تلك المنتديات أو المؤتمرات هو الندوة التي عقدت في الدوحة عاصمة دولة قطر منذ أسابيع قليلة.
وقال (في هذا الإطار أيضاً جاءت دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وذلك بهدف إزالة حالة الاحتقان التي تعيشها المجتمعات الإنسانية، ومعالجة حالات الظلم والعداوة والكراهية ومواجهة ظاهرة التطرف والعنف ومحاولة إقصاء الآخر، وأهمية هذه الدعوة تكمن في كونها تأتي في ظل ظروف دولية بالغة الدقة شهدت بروز معطيات جديدة ومقولات صدامية كصراع الحضارات وصراع الأديان والثقافات، وقد ألقت هذه الظاهرة بظلالها على العلاقات بين الدول والشعوب وأدت إلى بروز مشكلات دولية جديدة، بل إنها أضفت المزيد من التعقيدات على المشكلات والأزمات الدولية القائمة مما يهدد الأمن والسلم الدوليين).
وأضاف الدكتور نزار مدني قائلاً (وتنطلق رؤية خادم الحرمين الشريفين من عنصرين رئيسيين:
- العنصر الأول: الانفتاح بين أتباع الديانات والثقافات والشعوب لتأسيس علاقات نموذجية فيما بينها تقوم على الثقة والتفاهم والاحترام المتبادل وذلك بتأصيل الأسس الجامعة والقواسم المشتركة بين الأديان والثقافات باعتبارها تنهل من منهل واحد يحث على الخير والصلاح، وينبذ الشر بكافة أشكاله وصوره، وهي المبادئ التي تشكل جوهر وأصل الرسالة الإلهية للبشرية جمعاء، التي لم تتبدل أو تتغير بتغير الأنبياء والرسل.
- التركيز على تأصيل هذه المبادئ، من الأسرة التي تعد حجر الزاوية في بناء المجتمعات السليمة، وتشكل في مجملها الأسرة الدولية الذي من شأنه تحقيق التعايش السلمي فيما بينها.
وأشار إلى أنه تفاعلاً مع دعوة خادم الحرمين الشريفين دعت رابطة العالم الإسلامي إلى مؤتمر إسلامي عالمي للحوار برعاية خادم الحرمين الشريفين، وسيجمع أبرز علماء الأمة الإسلامية وفقهائها من كافة الدول والتيارات والمذاهب ومن مختلف أنحاء العالم، ليكون المؤتمر منطلقاً للبدء في الحوار بين أتباع الديانات والثقافات.
ورأى أن دعوة خادم الحرمين الشريفين تشكل دعماً لميثاق الأمم المتحدة والصكوك الدولية لحقوق الإنسان التي نصت على تشجيع الحوار والتفاهم والتعاون بين الأديان والثقافات من أجل السلام، ومنع حالات التعصب والتمييز والتحريض على كراهية أفراد أي من الطوائف أو أتباع الديانات والمعتقدات كما طالبت المواثيق وسائل الإعلام بتهيئة بيئة تفضي إلى تفاهم أفضل بين جميع الأديان والمعتقدات والثقافات والشعوب.
وفي ختام مداخلته عبر عن تقدير المملكة العربية السعودية للاهتمام الكبير الذي حظيت به هذه الدعوة، وردود الفعل الإيجابية للأوساط الدولية بكافة فئاتها الرسمية والمدنية، مما يؤكد حاجة المجتمعات الإنسانية وتطلعها لتحقيق هذه الرؤية.