المسوغات التي قدمتها وزارة التربية للمقام السامي في شأن انتقال الصحة المدرسية إلى وزارة الصحة - هي مسوغات وجيهة ومبررة، حتى وإن قللت الآراء المعارضة من قدرات وكفاءة وزارة الصحة في التصدي لهذه المسؤولية من باب (عساها في حملها تثور)
والحقيقة أن الطلاب (ذكوراً وإناثاً) هم من أهم أحمال وزارة الصحة.. إذ إن الوحدات الصحية المدرسية لم تكن إلا بوابة عتيقة للتحويل الطبي للمستشفيات العامة وأعتقد أن بوابات وزارة الصحة قادرة على استيعاب التلاميذ والتلميذات بدون المرور على مباني الوحدات الصحية التي يتحول بعضها لمحاضن للعدوى ويفتقد أغلبها إلى التجهيزات الطبية اللائقة بإسعاف مريض عوضاً عن افتقادها للتحديث التقني والمعلوماتي ونقص الخبرات البشرية وتوقفها عند نقطة واحدة بفعل نقص الاحتكاك وقلة الحالات السريرية وافتقاد التخصصات الطبية والتمريضية القادرة على استيعاب مسؤولية كبرى مثل صحة المدارس ومن فيها.
** وعلى وزارة الصحة أن تفتح ملفات مهمة في الإرث الذي آل إليها؛ أولها: مقاييس الجودة في الصحة البيئية للمدارس، وثانيها: خلو المدرسة من أسباب العدوى وانتشار الأمراض، وثالثها: إنشاء قاعدة بيانات طبية عن كل طالب وطالبة وتاريخهم المرضي الوراثي والعائلي، حتى يتم التعامل الجيد مع الحالات المرضية والإغماءات وغيرها بوعي صحي يضمن عدم حدوث المضاعفات أو الوفاة مثلما حدث مؤخراً في بعض المدارس.
وملف التعامل مع الفيروسات والأوبئة (الحصبا نموذجاً) في حال انتشارها وكيفية محاصرتها في الأجواء المدرسية والحفاظ على صحة ومناعة التلاميذ والتلميذات من خلال إعطائهم التطعيمات واللقاحات الضرورية والإلزامية. وآخر الملفات هو مراقبة الغذاء المدرسي ومطابقته للمواصفات بطرق علمية وتنمية ثقافة ووعي بأساليب الحياة الصحية.
** لا شك أن هذه الملفات مجتمعة هي من صميم مسؤوليات وزارة الصحة، فوزارة التربية معنية بتعليم النشء وتزويدهم بالمعارف السلوكية والقيمية التي تسهم في بناء شخصية وطنية متعافية؛ فكراً وجسداً، لكن هذا الجسد حين يعتل فثمة جهة أخرى مسؤولة عن معالجته، أوكلت لها الدولة هذه المهمة ومنحتها ميزانيات وخبرات بشرية ومادية لتضطلع بمسؤولياتها تجاه كل المواطنين والمواطنات.
** ووزارة الصحة معنية بتيسير انتقال الصحة المدرسية إليها بما يكفل حقوق الموظفين والموظفات ولا يبخسهم حقهم.. مثلما هي حقوق الطلاب والطالبات بعناية صحية متقدمة، تكفل أن يشكلوا فيما بعد مجتمعاً سليماً خالياً من الأمراض أو على الأقل منخفض النسب في احتمالات العدوى وانتشار الأمراض المزمنة من سمنة وسكري وربو وتسوس أسنان وهي الأمراض التي يحتل فيها الطلاب والطالبات السعوديون نسباً عالية ومتقدمة بين نظرائهم في العالم!!
fatemh2007@hotmail.com