في عينيه أمل يقارع ألمه
وعلى شفتيه الذابلتين صوت حياة يصارع نذر الوفاة..
أما قلبه، ونبض قلبه المتلاحق فإنه يرنم نشيد رحيل لا يهابه لأنه لكل كائن حي..
قرأته عنوان محبة لا تعرف الكراهية.
وعرفته رمز عطاء كبير لوطنه، ولأهله، ولكل الناس.
وهو يتحرك على سريره الأبيض تشعر أنه هو الذي يواسيك لا أنت، وهو الذي يسليك لا أنت.
بروح الإنسان هبت ريح حياته مودعة أجمل ما فيها من خير.
وبريح حياته تحركت أغصان الإيمان في أعمق أعماقه دون أن يتوجع.. أو يشكو..
مشهده وأنا شاهده يشعرني بأنه أقوى من خطب الزمن. وخطاب الوداع.. هو الذي يتحدث.. وأنت الذي تنصت إلى حديثه المليء بالثقة وقوة الإرادة..
عن الحياة يتحدث وهو على سرير المعانات كي لا تأخذك معاناته بعيداً عن واقع يقينه الإيماني الذي لا يضعف ولا يتزعزع.
وعن الجمال، والشعر، والحلم اللذيذ، عن كل شيء يقربك إليه ويبعدك عن شكواه.
في ديوانه (إخوانيات) كان الحديث، وليس الحدث، كان الأمل وليس الألم..
بهذه الروح.. وبهذا الشموخ رسم لنا صورة متفردة متمردة على أوجاعها.. وعنائها.. قلَّ أن نشهدها في غيره.
يا راحلنا الغالي د. صالح بن عبدالله المالك.. كم أشعر أنك الموجود لا المفقود.. رحلة الجسد تهون أمام رحلة الحياة.. ومرحلة حياتك باقية وأنت الحي بسيرتك ومسيرتك.
العزاء كل العزاء لأسرتك (الكبيرة الغالية) ولمحبيك وأنا أحدهم..
عزاء لن يطول فكلنا على الدرب راحلون يا أبا هشام.. رحمك الله.. و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.