أحد القائمين على حلقات تحفيظ القرآن في أحد مساجد الرياض قال لي إن والد أحد الأولاد المنتسبين لحلقات تحفيظ كتاب الله أخبره بأن سلوكيات ابنه لم تتطور بعد أن انتسب لتلك الحلقة، ويضيف إنه أفاد الوالد بأن مهمتنا تتلخص في تحفيظ الأولاد كتاب الله مجوداً، ولاشك أن الوالد على حق لأنه يريد أن يرى أثر حفظ القرآن على مستوى أخلاق ولده من حيث التعامل مع الوالدين والجيران وغيرهم فضلاً عن ارتقاء قيم ومفاهيم ولده ليكون أكثر صدقاً وعملاً واحتراماً للآخرين إلى غير ذلك من الأخلاق الرفيعة التي يدعونا خالقنا للالتزام بها مع الوعد برضاه وبجنته سبحانه وتعالى.
التعليم في بلادنا ليس ببعيد عن وجهة نظر المسؤول عن حلقة التحفيظ، فهو تعليم تقليدي لا يتناسب ومعطيات العصر حيث نرى مخرجاته لا تتواءم مع متطلبات العمل ضعيفة الوعي والإدراك لمعظم مجالات الحياة مما يجعل موقفها حيال أغلب القضايا موقفاً سلبياً، كما أنها تحتاج لإعادة تأهيل إذا أرادت استكمال تعليمها العالي، وكلنا يعلم التكاليف التي تتكبدها الدولة وأولياء الأمور من أجل تأهيل طلبة الجامعات في اللغة الإنجليزية التي تأخذ سنة إضافية من عمر الطالب لمعالجة الضعف الذي خرج به من تعليم لمدة 12 عاما.
كلنا فرحنا بمشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم الذي رصدت له 9 مليارات ريال خلال 6 سنوات، وكلنا نأمل أن يخرج علينا هذا المشروع بتطورات نوعية في التعليم العام تعالج كل السلبيات والإشكاليات السابقة، ولكن بعد أن اطلعنا على وضع هذا المشروع من حيث الجهة التي تقوم عليه ومن حيث الأهداف وآليات التنفيذ قلنا (يا فرحة ما تمت)، خصوصاً بعد أن اطلعنا على ما نشرته بعض الصحف عن وجود إشكالية بين وزارة التربية ووزارة المالية التي رفضت صرف المستحقات المالية ما لم يصلها بيان واضح بما تم إنجازه في الفترة الماضية من مراحل المشروع.
وللحقيقة أقول إن هذا المشروع لن ينجح بالصورة التي نطمح إليها جميعاً ما لم يسند إلى وزارة التخطيط للإشراف على تنفيذه كجهة تخطيطية محايدة ترى الموقف بشمولية وتستطيع أن تستعين بخبرات محلية وعالمية لتطوير التعليم بالشكل المأمول، ولتكون الحكم بين وزارة التربية ووزارة المالية حول مدى تطور المشروع ومدى تحقيقه لأهدافه، وإلا فإنه من غير المعقول أن يعطى المشروع لوزارة التربية التي لا يمكن لها أن تتجرد عاطفياً لتعمل بشكل عقلاني مائة بالمائة فهي منغمسة إلى رأسها في المشكلة التعليمية ولا يمكن لها تخرج منها لترى الموقف من الخارج.
alakil@hotmail.com